عين على العدو

ذكرت الصحافية والمحررة في صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" رافيت هيخت أنه إذا كانت هناك مناورة تهدف لاحتلال مدينة غزة أو ما تبقى من القطاع، فهي المناورة التي يقوم بها بنيامين نتنياهو بين عمودي الائتلاف الأساسيين لديه، موضحة: "مقارنةً بجبهة الحريديم الصلبة، التي يقودها حاخامات ليتوانيّون متشددون وحسيدية غور الغاضبة - والتي لم ينجح نتنياهو ولن ينجح في تلبية مطالبها - فإن جبهة "الكهاناستيين" أسهل إرضاءً عبر صياغة رواية مقنعة".
وتابعت: "في المؤسسة السياسية، يسود تقدير بأن نتنياهو لا ينوي حقًا تنفيذ خطته لاحتلال غزة، مهما افتعل نزاعات استعراضية مع رئيس الأركان إيال زمير، سواء بشكل مباشر، أو عبر ابنه المتهور، أو بواسطة دميته، إسرائيل كاتس، ومن جهة أخرى، يشدد كبار المسؤولين في الائتلاف -المطلعين على عمل الكابينت- على أن نتنياهو جاد، وأنه قرر محاولة إنقاذ من يمكن إنقاذه في صفقة جزئية، وإذا لم ينجح الأمر، فالمضي حتى النهاية".
ولفتت إلى أن "تراكم سنوات نتنياهو السياسية يسمح بالتشكيك إلى حد ما في حدة هذه الرسائل الصادرة من طاولة الكابينت. فعلى مر السنين، اتبع رئيس الوزراء نمطًا واضحًا إلى حد كبير: الظهور بمظهر من يدفع نحو خطوة متطرفة وحاسمة لا يؤمن بها ولا يريدها، بينما يضع أداة التعطيل بيد طرف آخر - المحكمة العليا أو رئيس الأركان أو أي جهة ذات صلة - لتكون بمثابة كيس ملاكمة لقاعدته الانتخابية، بينما الاستثناء الوحيد المهم هو محاولته، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، التخلص من صورته في أوساط اليمين كجبان ومتردد، وهي صورة مبررة، جلبت عليه في الأشهر الأولى بعد المجزرة انتقادات لاذعة حملته المسؤولية عن أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ورأت أنه "حتى لو كان ما يجري الآن في معظمه مجرد خطاب بلاغي مصحوب بلمسات مسرحية، وحتى لو لم تُنفذ في النهاية الحماقة التي أقرها الكابينت الأسبوع الماضي، فإن حجم الخطر لا يزال كبيرًا بما يكفي، وأي عملية عسكرية، على غرار عملية "عربات جدعون" الفاشلة، وبالأحرى أي خطوة أكثر تشددًا منها، ستؤدي إلى تدهور أوضاع الأسرى السيئة أصلًا، وقد تحصد أرواح بعضهم، وتفاقم المعاناة في قطاع غزة، كما أنها ستحوّل "إسرائيل" إلى "منبوذة"، من حيث حجم وثقل العقوبات التي ستُفرض عليها وعلى مواطنيها، وعلى اقتصادها، ومجتمعها العلمي، والبحثي، والفني، والثقافي، والرياضي، وغيرها".
وأكدت أن "تغليف الخطاب بالمناورات الإعلامية حول حسم زائف في غزة، والتهديدات لرئيس الأركان من جهة، والترويج لأخبار عن إعادة إحياء المفاوضات مع حماس من جهة أخرى، يخدم نتنياهو في جوانب أخرى، إلى جانب الحفاظ على الاستقرار الائتلافي، فهو يكسب وقتًا إضافيًا تبقى فيه الخيارات المتناقضة مفتوحة على ما يبدو".
وحتمت: "إلى جانب خطة احتلال دراماتيكية في الظاهر، هناك سيناريو آخر يُرجح أن يكون أكثر قابلية للتنفيذ: المزيد من المراوحة، حتى لو تم تغليفها بعنوان عملياتي ما، مع محاولة يائسة للوصول إلى تلك الصفقة الجزئية التي يحاول نتنياهو دفعها، دون نجاح، منذ شهر آذار/مارس".