عين على العدو
كتب مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف الإسرائيلية" آفي أشكنازي: "من المقرر أن يقلع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو غدًا، مع انتهاء يوم السبت (27 كانون الأول 2025)، إلى فلوريدا للقاء رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب. يسافر نتنياهو لضبط أميركا في وقتٍ لا يزال فيه كل شيء هنا غير محسوم ومعلّقًا في الهواء: سياسيًا، ودبلوماسيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا، وعسكريًا وأمنيًا. غير أنّه بعد عامين ونحو ثلاثة أشهر، يبدو أن قمة فلوريدا مرشّحة لإحداث نظام جديد هنا في الشرق الأوسط وداخل "إسرائيل"" حسب قوله.
وتابع: "إلى أن يتبلور هذا النظام الجديد، تعمل القيادة العليا في الجيش "الإسرائيلي" خلال الأيام الأخيرة على تهدئة التوتر مع إيران. فآخر ما تريده "إسرائيل" الآن هو أن يعتقد الإيرانيون أنها تعتزم مهاجمتهم في المدى القريب، لأن ذلك قد يدفعهم إلى محاولة تنفيذ ضربة استباقية ضد "إسرائيل". في هذه المرحلة، تحاول "إسرائيل" تنفيذ تحركات متعدّدة ومعقّدة في المنطقة، بهدف الوصول إلى ذروة استثمار الفرصة بأفضل صورة ممكنة خلال القمة بين الرئيس الأميركي ورئيس الحكومة. ولذلك تُدار نشاطات دبلوماسية مكثّفة فوق الطاولة وتحتها، إلى جانب عدد غير قليل من الخطوات العسكرية.
وأردف أشكنازي: "عملت "إسرائيل"، على سبيل المثال، على القيام بخطوة ودّية تجاه ملك الأردن، فأعادت جثمان "الإرهابي" (الفدائي) الأردني الذي قتل ضابطًا وجنديًا في الجيش الإسرائيلي عند معبر اللنبي قبل نحو ثلاثة أشهر. في غزة، تعمل "إسرائيل" على تكثيف الضغط على حماس من أجل التوصل إلى استعادة جثمان الرقيب أول ران غوايلي، الأسير القتيل المحتجز في القطاع. ولهذا السبب غادر اللواء المتقاعد غال هيرش هذا الأسبوع إلى مصر. ومن المتوقع أن يوضح نتنياهو لترامب أنه من دون عودة الرقيب أول غوايلي لن يكون هناك أي تقدّم إلى المرحلة "ب"".
وتابع أشكنازي: "إلى جانب مسألة استعادة جثمان الرقيب أول ران غوايلي، ستطالب "إسرائيل" بعدة أمور مرتبطة بطموحات الرئيس الأميركي بشأن إعادة إعمار غزة. وسيُطلب من ترامب التخلي عن فكرة غزة التركية. أما الأمر الوحيد الذي تبدي "إسرائيل" استعدادها لتقديمه للأتراك فهو أن يكون في دولة ترامب بضعة محال "آيس كريم" تركية، وعدة أكشاك "دونر" (الشاورما التركية). غير أنّ "إسرائيل" لن توافق على وجود قوة عسكرية تركية على الأراضي السورية. كما ستطلب "إسرائيل" الحصول على ضوء أخضر لمواصلة فرض ثمن يومي على حزب الله، بدءًا من تصفية عناصره، وصولًا إلى استمرار ضرب البنى التحتية "الإرهابية" (المقاومة) التابعة له، والتي يمتنع الجيش اللبناني عن التعامل معها وفقًا للاتفاق" وفق تعبيره.
وأضاف "على الجبهة الشرقية، تبني "إسرائيل" خطّها "الدفاعي"، وبالتوازي تواجه محاولات تشغيل خلايا "إرهابية" (مقاومة) من الضفة الغربية. هكذا حدث أمس في قلقيلية، حيث اعتقلت قوات "دوفدفان" وجهاز "الشاباك" أربعة مسلحين كانوا يخططون لتنفيذ "هجوم دموي" ضد "إسرائيل". وفي اليوم نفسه، وجّه الجيش الإسرائيلي رسالة إلى الشرق الأوسط بأسره: فعلى الرغم من أنه لم تُشكَّل بعد لجنة تحقيق رسمية، عرض سلاح الجو خطته "الدفاعية" لمواجهة سيناريوهات هجوم بري، بوصفها درسًا مستخلصًا من هجوم السابع من تشرين الأول. تقوم خطة سلاح الجو أساسًا على قدرة تشغيل شبه أوتوماتيكية، مع كثافة نيران جوية كبيرة، لوقف أي هجوم بري. والإشارة هنا واضحة لإيران ووكلائها: الجيش "الإسرائيلي" استوعب إخفاقه وتعلّم الدرس، ولا يُنصح باختباره مرة أخرى" على حد قول الكاتب.
وتابع أشكنازي: "سيحاول نتنياهو الخروج من قمة فلوريدا بعدة مكاسب، في مقدمتها بناء القوة العسكرية، مع التركيز على شراء أسراب جديدة من الطائرات المقاتلة، بما في ذلك "إف-35" و"إف-15 إي إكس"، إلى جانب أسراب من المروحيات القتالية ومروحيات النقل، وكذلك المشاركة في تمويل تطوير وإنتاج صواريخ "حيتس". ستطلب "إسرائيل" الحصول على موافقة للعمل، إلى جانب الأميركيين، ضد منظومة الصواريخ الباليستية الإيرانية، كما ستسعى إلى مواصلة إضعاف حزب الله بدرجة أكبر.
وفي المقابل، سيطلب الأميركيون من "إسرائيل" العمل على تعزيز الجولاني في سوريا، والبدء بالمرحلة التالية من إعادة إعمار غزة. يغادر نتنياهو غدًا في محاولة لإمساك أميركا، لكن السؤال الكبير يبقى: ما الذي سيكون الرئيس الأميركي مستعدًا لمنحه لـ"إسرائيل"؟ وكيف سيبدو المشهد الإقليمي اعتبارًا من الأسبوع المقبل؟".