خاص العهد

أقدمت الحكومة اللبنانية، أمس الخميس، على خطوة مثيرة للجدل تمثّلت بتسليم الأسير "الإسرائيلي" صالح أبو حسين إلى العدو عبر الصليب الأحمر الدولي، بعد نحو عام من توقيفه داخل الأراضي اللبنانية. هذه الخطوة التي سارعت حكومة الاحتلال إلى توظيفها دعائيًّا، جرت دون أي مقابل يُذكر، فيما يستمر العدو بأسر مواطنين لبنانيين، متكتمًا على أوضاعهم الصحية والإنسانية.
وبحسب بيان مكتب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، جرى نقل الأسير الصهيوني عبر معبر رأس الناقورة، حيث خضع لفحوصات طبية قبل أن يُنقل إلى المستشفى للقاء عائلته، في مشهد أراد الاحتلال من خلاله تسجيل إنجاز سياسي وإعلامي، فيما بدت الحكومة اللبنانية عاجزة عن انتزاع أبسط الحقوق لأبنائها الأسرى، في وقت تتصاعد فيه الاعتداءات الصهيونية اليومية على الأراضي اللبنانية.
في هذا السياق، اعتبر الأسير المحرَّر عفيف حمود، في تصريح لموقع العهد الإخباري، أنّ خطوة الحكومة اللبنانية بتسليم الأسير "الإسرائيلي" إلى العدو "عارٌ على هذا النظام من رأسه حتى أخمص قدميه"، مؤكداً أنّ في لبنان وفلسطين أسرى يقبعون في سجون الاحتلال في حين جرى الإفراج عن "إسرائيلي"، "دون أي مقابل سوى الخنوع والخضوع للكيان الصهيوني"، على حدّ تعبيره.
وأشار حمود إلى أنّ انتصار المقاومة في العام 2000 "شكّل محطة مشرّفة في التاريخ، حيث تحررت الأرض دون قيد أو شرط وبفضل دماء الشهداء"، لافتًا إلى أنّ ما قامت به الحكومة اليوم يتناقض مع تلك التضحيات.
وشدّد على أنّ "الحكومة الحالية جاءت منذ البداية حكومة استسلام، مؤكدًا أنّ أي مشروع تطبيعي "لن يمرّ على حساب كرامة الوطن".
بدوره، رأى الأسير المحرَّر عباس قبلان، في حديثه لـ"العهد"، أنّ ما أقدمت عليه الحكومة اللبنانية "لم يكن مفاجئًا بالكامل، لكنه شكّل صدمة جديدة بحجم السفاهة التي تُدار بها شؤون البلد"، مؤكّدًا أنّ الحكومة "قفزت فوق معاناة الناس وحقوق الأسرى وتخلّت عن أبسط مقوّمات السيادة والوطنية".
وأشار قبلان إلى أنّ الاحتلال لا يزال يحتجز أسرى لبنانيين منذ العدوان الأخير، بالإضافة إلى آخرين ينكر وجودهم أصلًا، ومع ذلك "لم تطالب الحكومة بأي مقابل، ولا حتى بكشف مصير أسير واحد، بل مرّرت العملية عبر الصليب الأحمر، كما لو أنّها ذَرّ للرماد في العيون".
ولفت إلى أنّ ما جرى "استمرار لنهج التنازلات الذي شهدناه في قضية العميل عامر الفاخوري وغيرها من الملفات المشبوهة"، مضيفًا: "مع الأسف، القرار مرّ وسط صمت واسع، باستثناء بعض الأصوات القليلة التي ذكّرت بوجود أسرى لبنانيين، لكن لم يكن هناك موقف بحجم الحدث ولا بحجم الجريمة السياسية التي ارتكبتها الحكومة".
الأسير المحرّر جواد قصفي شدد في تصريحه لموقعنا على أنّ خطوة الحكومة اللبنانية بتسليم أسير "إسرائيلي" إلى العدو "تمثّل عارًا جديدًا"، مؤكّدًا أنّه لا يمكن القبول بسياسة التنازلات أو التفريط بحقوق الأسرى".
ولفت قصفي إلى أنّ "هناك أكثر من خمسة عشر لبنانيًّا لا يزالون قابعين في معتقلات العدو"، متسائلًا: "كيف تُسلِّم الحكومة أسيرًا "إسرائيليًّا" بلا مقابل فيما أسرانا يُتركون لمصير مجهول؟".
وإذ رفض قصفي أي حديث عن تسليم سلاح المقاومة أو الخضوع لشروط العدو، شدّد على أنّ "المعادلة كانت وستبقى: الدم بالدم، والحرية تُنتزع ولا تُمنَح"، معتبرًا أنّ الحكومة اللبنانية "تسير في اتجاه الاستسلام والتطبيع على حساب كرامة الوطن".
أما الأسير المحرّر أنور ياسين فقال: "إنّ ما أقدمت عليه الحكومة اللبنانية مؤخرًا يُشكّل وصمة عار جديدة تُضاف إلى سجلّها"، معتبرًا أنّه "لو كان في لبنان دولة حقيقية ومسؤولون يتحمّلون مسؤولياتهم لما استُهتر بأبناء هذا الوطن وأبطاله".
وأضاف: "من المعيب أن تترك الحكومة اللبنانية مواطنيها الذين أُسروا من مزارعهم وبيوتهم وشوارعهم، فيما تقوم في المقابل بتسليم شخص يحمل الجنسية "الإسرائيلية" دخل إلى الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية"، مضيفًا أنّ "هذا السلوك يثير علامات استفهام كبيرة، ويعكس استخفافًا بالكرامة الوطنية وبقضية الأسرى".
وأوضح أنّ الحكومة "أقدمت على هذه الخطوة بشكل سري، في حين تجاهلت أسرى لبنانيين ما زالوا قابعين في سجون العدو، ويُقدَّر عددهم اليوم بـ19 أسيرًا، إضافة إلى جثامين 9 شهداء من جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، فضلًا عن مفقودين لم يُكشف مصيرهم حتى اللحظة".
وشدّد ياسين على أنّ "تاريخ هذه السلطة مليء بالعار، لكن ما قامت به اليوم يتوّج خيباتها وسقوطها الوطني"، مؤكدًا أنّ المقاومة والجهات الوطنية "لن تسكت عن هذه الجريمة بحق الأسرى والشهداء وعن سياسة الصمت تجاه مصيرهم".
وختم ياسين تصريحه بتوجيه التحية "لكل من يواصل فضح هذه الوجوه الكالحة التي تفتقد إلى أي حسّ وطني"، معقِّبًا بالقول: "إننا سنبقى نرفع الصوت حتى يتغيّر هذا الواقع ويعود أسرانا من سجون الاحتلال".