تحقيقات ومقابلات
كعادتها في كل الحروب التي تخوضها "إسرائيل" تعيث في الأرض المعتدى عليها خرابًا وفسادًا وتخلف وراءها دمارًا هائلًا يطال مختلف القطاعات الحيوية والأساسية، وهذا كان حال الضاحية الجنوبية لبيروت بعد الحرب الهمجية الأخيرة. غاراتٌ عنيفةٌ وكبيرةٌ وغير مسبوقة لا تزال آثارها واضحة إذا ما تجولت في شوارعها، إلا أنّه سرعان ما يلفتك سرعة العمل المنجز لناحية إزالة الركام والردميات في المواقع المستهدفة، والذي تعتبر نسبته عالية جدًا وأصبح شبه مكتمل، مما يخفف القليل من عبء ومخاطر بقاء الركام والردميات على السلامة والصحة العامة.
موقع "العهد" الإخباري، الذي يُواكب مراحل التعافي من آثار العدوان وعملية إعادة الإعمار بمراحلها المختلفة، تواصل مع رئيس اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية المهندس محمد درغام للاطلاع على المراحل المنجزة في ملف إزالة الركام وأبرز التحديات التي واجهت الفرق البلدية خلال العدوان.
درغام، في حديثه، أكّد أنّه تم إنجاز قرابة الـ 70% من ملف إزالة الركام، وهناك نسبة 30% قيد الانجاز، وأضاف: "نحن لدينا إصرار على إنجاز هذا الملف مع المقاول ضمن المهل الزمنية المتفق عليها، ولأجل ذلك عقدنا العديد من الجلسات المشتركة مع الفريق المكلف إنجاز هذه المهمة، ونحن ملتزمون بهذا الاتفاق وحريصون على إنجازه في موعده".
وبما يرتبط باستعدادت الاتحاد للعدوان، قال درغام: "الاستعدادات وخطط الطوارئ كانت موجودة لمواجهة العدوان، خاصة بعد تدرج وتيرة تصاعده، والذي أدت ضخامته لعرقلة سير خطط الطوارئ في بعض المراحل، وهذا ما نعمل على مراجعته وإعادة تقييمه لنبدأ بمراحل المعالجة"، مؤكّدًا أنّه "خلال العدوان كنّا نعمل على تحديد الأبنية المستهدفة على الخرائط مع ذكر حالتها (هدم جزئي، كلي)، ونفس الإجراء كان يعتمد بما يرتبط بالبنية التحتية، وفي بعض الحالات كنا نباشر بالصيانة مباشرةً للحفاظ على بعض الخدمات كي تصل لمن لم يغادروا الضاحية".
وأضاف أنّه بعد توقف العدوان باشر الاتحاد التنسيق مع الوزارات المعنية لفتح الطرقات التي أغلقت بالركام، وبدأ بإعداد الدراسات التفصيلية لهذه المواقع المستهدفة خاصةً مكان ارتقاء الشهيد الأسمى السيد حسن نصر الله (رض) والشهيد الهاشمي السيد هاشم صفي الدين (رض)، إلى جانب انطلاق أعمال الترميم والتأهيل لكي تعود الناس إلى بيوتها بشكل لائق.
واستغرب درغام تلكؤ الدولة في تنفيذ التزاماتها وهي التي ألزمت نفسها بإعادة الإعمار من خلال خطاب القسم والبيان الوزاري، إلا أنّه ولحد اللحظة لم يتم دفع أي مبلغ في هذا الإطار، وكل ما أنجز كان على عاتق الاتحاد وبعض المؤسسات الدولية والأهلية منها منظمة التغذية العالمية، والصليب الأحمر الدولي، واليونيسف، فيما حصل تعاون مع وزارة الطاقة مشكورةً وشركة أوجيرو. أما الجهات الرسمية الأخرى المعنية بالأمور الكبرى "فلا تعاون من قبلها معنا حتى الآن".
وعن التحديات التي واجهت الاتحاد والبلديات خلال الحرب، قال إن أهم العقبات كان غياب الإدارات الحكومية، حيث كان يجب أن تكون لها مشاركة فاعلة في مثل هذه الظروف، وعلى صعيد النزوح كان يجب أن يكون هناك سرعة أكبر على صعيد الاستجابة وتيسير أمور النازحين وتجهيز أماكن ومدارس بشكل لائق لاستقبالهم والتخفيف عنهم.
وختم درغام بالتأكيد: "مهما فعلنا نبقى مقصرين، وفرق بلديات الضاحية مشكورةً تعمل بشكل متواصل لإعادة الضاحية أجمل مما كانت، وهذا الوعد نحن ملتزمون به أمام الناس الذين كما قال الشهيد السيد عباس الموسوي (رض) سنخدمهم بأشفار العيون"، مناشدًا الناس الالتزام بالقوانين والتعاون مع البلديات لتسريع إنجاز الأعمال والمحافظة على الأملاك العامة.