خاص العهد

في ظل العدوان الصهيوني المستمر، اختارت الحكومة اللبنانية أسلوب "الإبداع العشوائي" في إدارة السيادة الوطنية، حيث تتقاذف القرارات ككرة ثلجية بين الضغوط الخارجية والإكراهات الداخلية، دون أي بوصلة أو رؤية واضحة، من إدارة ملف سلاح المقاومة وتحديد مهام الجيش اللبناني بشكل واضح، إلى الإهمال التام لقضايا جوهرية كإعادة الإعمار واستعادة الأسرى.
هذه الأجواء السياسية والأمنية جعلت لبنان أمام أزمات صنعتها الحكومة بنفسها، ما زاد من حدّة الانقسام الداخلي والفوضى والارتباك. الاجتماعات الوزارية تسير على وقع الإملاءات الأميركية، حيث تُصنع القرارات على عجل، وتُعرض كخطوط عريضة على المواطنين، فيما يراقب العدوّ "الإسرائيلي" والمجتمع الدولي المسرح الحكومي بدهشة: لبنان لا يفاوض، بل يتخبّط ويضحك على نفسه.
وفي خضم هذه الأجواء المشحونة بالإملاءات الخارجية، تبقى السيادة الوطنية مجرد شعار رنان في البيانات، وجزء من الخطابات الرسمية التي لا تكلف الحكومة عناء تطبيقها على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، رأى وزير الخارجية اللبناني الأسبق عدنان منصور، في تصريح لموقع "العهد" الإخباري، أنّ الحديث المتكرّر عن "الحفاظ على السيادة" يبقى بلا جدوى طالما يُترجم في بيانات وشعارات فقط، فيما يواصل العدوّ "الإسرائيلي" عدوانه اليومي على لبنان.
وقال منصور إنّ "السيادة تُصان بالقوّة وبالقرار الفعلي على الأرض، لا بمجرد تصريحات رنانة"، مشدّدًا على أنّ الاحتلال "الإسرائيلي" لا يعترف بأي اتفاقيات أو قوانين دولية، والدليل أنه ومنذ وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي يُواصل خرقه للاتفاق واعتداءاته المستمرة وقتل الأبرياء ومنع الأهالي من العودة إلى قراهم.
ولفت منصور إلى أنّ ""إسرائيل" تحتلّ أراضي لبنانية وتمنع الأهالي من إعادة بناء منازلهم، وإذا ما حاولوا ذلك، تقصفهم وتُلحِق الموت بهم، فأي سيادة يمكن أن نتحدث عنها في ظل هذه الوقائع؟"، معتبرًا أن "الرهان على الوسيط الأميركي أو على التزامات العدوّ ضرب من الوهم، إذ لم يلتزم الاحتلال لا بورقة ولا باتفاق، فيما الأميركي نفسه يعترف بعجزه عن ضمان التزام "إسرائيل"".
وانتقد منصور المقاربة الحكومية التي وصفها بالمتناقضة، قائلًا: "رئيس الحكومة يعلن أنه لم يلتزم بالأهداف الأميركية لكنّه التزم بالورقة الأميركية. كيف يستقيم ذلك؟"، مؤكدًا أنّ "القرار المتعلّق بسلاح المقاومة في ظل استمرار الاحتلال والاعتداءات اليومية ليس قرارًا سياديًّا بل استجابة لإملاءات خارجية".
وختم الوزير السابق عدنان منصور بالتشديد على أنّ "الحفاظ على الوطن لا يكون بالاستسلام وطيّ اليد أمام الاحتلال، بل بوقفة لبنانية موحدة تُدرك أن الخطر "الإسرائيلي" يستهدف كلّ لبنان، جنوبًا وشمالًا، بل والمنطقة بأكملها، بدليل ما يعلنه قادة العدوّ من أطماع توسعية تحت شعار الخريطة التوراتية".