عين على العدو

قال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" عاموس هرئيل "إن جلسة الكابينت السياسي – الأمني انعقدت مساء أمس الأحد (31 آب 2025)، وتمحورت هذه المرة أكثر حول الإستراتيجية بدلًا من التكتيك"، مردفًا: "ورغم أن التسريبات الأولى من الجلسة تناولت، كما كان متوقعًا، استفزازات وزراء اليمين الديني المتشدد للجيش "الإسرائيلي"، فقد بدا أن أمرًا بالغ الأهمية قد حدث فيها".
ولفت إلى أن "جميع ممثلي الأجهزة الأمنية عرضوا موقفًا واضحًا لا لبس فيه مؤيدًا لصفقة جزئية بخصوص الأسرى، كما حذروا من تبعات السيطرة العسكرية على مدينة غزة، معتبرين أن ذلك سيؤدي على الأرجح إلى ثمن باهظ بالنسبة لـ "إسرائيل"، لكنه لن يُخضع حماس. وبشكل غير مألوف، طرح بعض وزراء الليكود أيضًا علامات استفهام حول فرص نجاح "العملية" (العدوان)".
تأتي هذه النقاشات على خلفية تطورين: أولًا، الرد الإيجابي من حماس قبل أسبوعين على مقترح صفقة الأسرى الجزئية، وثانيًا، إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تجاهل ذلك والدفع قريبًا بالجيش "الإسرائيلي" إلى داخل غزة، بحسب هرئيل، مضيفًا: "مصادر أمنية فوجئت بأن عدة وزراء - من بينهم وزير الخارجية جدعون ساعر، وزيرة العلوم والتكنولوجيا غيلا غمليئيل، وزير التعاون الإقليمي دافيد أمسالم وحتى وزير العدل يريف ليفين - طرحوا أسئلة صعبة".
وأوضح أنّ "أمسالم حذّر صراحة من أنّ القطاع قد يتحول إلى "فيتنام إسرائيل"، أما ساعر ففصّل تدهور مكانة "إسرائيل" الدولية في ظل استمرار الحرب، وسأل لماذا تغيّر موقف "إسرائيل" (عمليًّا موقف نتنياهو) الذي دعم في البداية الصفقة، والآن بعد موافقة حماس يعارضها؟".
ولفت إلى أن نتنياهو شدّد على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب للعملية العسكرية "الإسرائيلية"، وقال: "إن ترامب سيمنح "إسرائيل" الغطاء شرط أن تتحرك بسرعة، ووصف نتنياهو المعضلة بأنها اختبار تاريخي لـ "إسرائيل""، مضيفًا أن "الردع "الإسرائيلي" على المحك، وأن الاكتفاء بصفقة جزئية دون إخضاع حماس سيعني أن حماس أركعت "إسرائيل" بأسرها لمواطنيها".
ورأى هرئيل أن نتنياهو بدا متناغمًا تمامًا مع خطاب وزراء اليمين الديني المتشدد.
أما من يُسمى بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فقد طالب بالتصويت ضد صفقة جزئية (لكن نتنياهو تهرّب منه، فيما حذّرته غمليئيل من أنه قد يخسر التصويت)، وفقًا لهرئيل، أما وزيرة الاستيطان أوريت ستروك فقد لمزت رئيس الأركان إيال زمير وألمحت أنه إذا كان يخشى نتائج الحرب فالأجدر به أن يستقيل، وقد ردّ زمير عليها ببرودة قائلًا: "إنه ليس الرجل الذي يمارس انضباطًا أعمى أمام "الكابينت"".
هرئيل اعتبر أن ""الكابينت" لم يقف يومًا أمام قرار تنفيذ "عملية" (عدوان) بهذه الدرجة من التطرف خلافًا لموقف كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية، رغم أنهم أعلنوا أنهم سينصاعون للأوامر بعد صدورها، لكن بحسب جميع التقديرات الأمنية، فإن عملية عسكرية واسعة في غزة لن تؤدي إلى إخضاع سريع لحماس كما يدعي نتنياهو، ولن تجبر المنظمة على قبول شروطه لصفقة كاملة، وفي المقابل، ستتفاقم على الأرجح عزلة "إسرائيل" الدولية، خاصة مع تبلور مبادرات للاعتراف بدولة فلسطينية، ومع خطر تدهور إضافي في الوضع الأمني بالضفة الغربية".
وأشار إلى أن زمير حذّر "الكابينت" من أن العملية الجديدة في غزة قد تستمر عامًا كاملًا، وأنه لا توجد حتى الآن ظروف إنسانية تسمح باستيعاب السكان الفلسطينيين الذين سيدفعون جنوبًا، وأوضح أن النتيجة النهائية للعملية ستكون إقامة إدارة عسكرية، وهو أمر غير مستعدة له "إسرائيل" بأي شكل.
وختم: "رغم المعارضة الواسعة في المستويات المهنية وفي الرأي العام، والآن إلى حد ما أيضًا داخل الكابينت، يواصل نتنياهو إظهار إصرار على تنفيذ العملية، والأسباب واضحة: فهو لا يريد صفقة تنهي الحرب وتحوّل جدول الأعمال السياسي إلى فحص أدائه منذ مجزرة 7 تشرين الأول والمطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية – خصوصًا مع اقتراب "إسرائيل" من عام انتخابي".