إيران

اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الاثنين 15 أيلول/سبتمبر 2025 بالتطورات الإقليمية عقب الهجوم الصهيوني على قطر، وناقشت الاحتمالات المطروحة في ظل تغيير واضح في ملامح النظام العالمي، وتسارع في إثارة الغرب للمشاكل سواء على مستوى الشرق الأوسط أو أوروبا الشرقية وروسيا.
ما هي الإجراءات التي يجب على دول المنطقة اتّخاذها لمواجهة تهديدات النظام الصهيوني؟
كتبت صحيفة وطن إمروز: "أصبح من الواضح الآن أنه على عكس تلميحات الولايات المتحدة في المنطقة في العقود الأخيرة بأن إيران هي التهديد الرئيسي للدول العربية، فقد خلص الحكام العرب الآن إلى أن التهديد الأول للمنطقة هو النظام الصهيوني. ومما يزيد من خطورة هذا التهديد هو تنسيق وتعاون الولايات المتحدة مع هيمنة النظام الصهيوني على المنطقة. لقد أضعف هجوم النظام الصهيوني على قطر فكرة أن الضمانة الأميركية هي العقبة الأهم أمام هيمنة النظام الصهيوني. ولذلك، تواجه الدول العربية الآن وضعًا أصبح فيه النظام الصهيوني تهديدًا فعليًا لوجود هذه الدول وحكوماتها، وليس أمام هذه الدول خيار سوى مواجهة هذا التهديد: إما القبول المطلق بتجاوزات أميركا، أو التعاون مع الدول الإسلامية الأخرى في المنطقة وتشكيل تحالف عسكري أمني لمواجهة مخاطر وتهديدات النظام الصهيوني. ويبدو أن علي لاريجاني في زيارته المرتقبة للسعودية سيتحدث مع القادة السعوديين حول ضرورة تشكيل تحالفات أمنية إقليمية ضدّ النظام الصهيوني، ونظرًا لتاريخ إيران الممتد لعقود في مواجهة تهديدات النظام الصهيوني والولايات المتحدة، فإن لديها أفكارًا ومقترحات فعّالة للمملكة العربية السعودية ودول أخرى في المنطقة. فعلى الأقل خلال العقد الماضي، اقترحت إيران على هذه الدول تشكيل تحالف دفاعي أمني. بعد أن ثبتت صحة رؤية إيران للطابع المهيمن لسياسات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في المنطقة، يمكن لدول المنطقة أن تثق بسياسات إيران وأفكارها في هذا الصدد.
ومن بين الحلول الممكنة لاحتواء تهديدات الكيان الصهيوني دعم وتعزيز جبهة المقاومة، أو على الأقل إعادة النظر في سياسة إضعافها التي تنتهجها الدول العربية في المنطقة. لقد بات واضحًا لجميع الأطراف الإقليمية أن جبهة المقاومة هي العائق الرئيسي والأهم والأقوى أمام هيمنة الكيان الصهيوني وزحفه. وعليه، فإن تعزيز جبهة المقاومة سيؤثر بشكل مباشر على إضعاف سياسات وإستراتيجيات الكيان الصهيوني الخطيرة على المنطقة. وفي هذا الصدد، يمكن للمملكة العربية السعودية، بفضل نفوذها في الدول العربية الأخرى بالمنطقة، أن تلعب دورًا مؤثرًا.
بعد هجوم الكيان الصهيوني على قطر، لا بد أن سلطات الرياض قد توصلت إلى استنتاج مفاده أن أي ضغط لإضعاف المقاومة، وخاصة حزب الله في لبنان أو أنصار الله في اليمن، يتماشى تمامًا مع سياسات الكيان الصهيوني وأفعاله، وأن تعزيز سياساته ومواقفه سيزيد تلقائيًا من الخطر الوجودي على السعودية. لذلك، من المنطقي في ظل هذه الظروف أن تعيد السلطات السعودية النظر في سياساتها تجاه جبهة المقاومة، وخاصة أنصار الله وحزب الله. ولا شك أن إعادة النظر السعودية في اليمن ولبنان ستؤثر بشكل كبير على تطوّرات المنطقة.
[...] إن أغبى فكرةٍ لتجاوز الوضع الراهن هي الثقة بالولايات المتحدة ومحاولة الحصول على موافقة ترامب لوقف نتنياهو، لأن التحليل الأعمق والأكثر واقعية للتطورات الأخيرة في المنطقة وحملات النظام الصهيوني على الحرب فيها يُظهر أن هذه الإجراءات هي في جوهرها أوامر ترامب لنتنياهو. باختصار، أصبحت حقائق المنطقة الآن واضحةً أمام أعين قادة هذه الدول. والطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة الحالية واضحةٌ وممكنةٌ لهم أيضًا. لا شك أن العرب إذا لم يفكروا في حلٍّ الآن ولم يستيقظوا، فسيستيقظون قريبًا على دويّ طائرات وصواريخ النظام الصهيوني في سماء عواصمهم. يمكن للمملكة العربية السعودية أن تلعب دورها التاريخي في هذا الوقت بفضل نفوذها بين دول المنطقة".
النظام العالمي الجديد ومقارنة النموذجين
كتبت صحيفة كيهان: "أنفق الغرب المهيمن مئات المليارات من الدولارات على مدى العقود القليلة الماضية لإثبات ادعاءاته والتشكيك في نشوء أقطاب مستقلة مثل إيران. هذه التكلفة، بالإضافة إلى التهديدات العسكرية والأمنية والاقتصادية، كفيلة بتدمير أي دولة قوية. ومع ذلك، هناك العديد من الخبراء في الغرب وخارجه ممن يؤكدون أن إيران لم تُهزم، بل إنها دولة فاعلة وملهمة في النظام العالمي الناشئ.
لقد أثبتت إيران، سواء بصمودها، أو بتفاوضها وتفاعلها مع الغرب (دون اعتبارهما طرفين عدائيين)، حقائق لا يمكن إنكارها: من الممكن توليد القوّة واكتساب المصداقية في العالم من خلال المقاومة. الغرب بطبيعته غير ملتزم ولا يلتزم بأي التزامات. المفاوضات والاتفاقيات لا تردع التهديدات الشريرة للغرب. "إسرائيل" والولايات المتحدة تُشكلان تهديدًا للبشرية، وليس فقط للأمة الإيرانية. إن توليد القوّة هو ما يحقق الأمن والردع، وليس مجرد المفاوضات والاتفاقيات التي لا تُضفي أي مصداقية على الولايات المتحدة أو الأوروبيين.
[...] بينما تنشغل أميركا بإذلال وخيانة أقرب حلفائها (من أوكرانيا وأوروبا إلى كندا وسورية ولبنان وقطر)، تقترب الدول خارج المدار الغربي من بعضها البعض تحت الضغط الأميركي في شكل تحالفات مثل البريكس وشنغهاي. بينما يحدث في تفاعلات العالم غير الغربي احترام نسبي واتفاقيات مفيدة للطرفين، تدمر أميركا قوتها الناعمة. لقد أثار الوقوف إلى جانب مجرم مثل نتنياهو (الذي يلاحق قضائيًا من قبل المحاكم الدولية) موجة من التحريض العام حتّى في أميركا وأوروبا. من كان يظن أن نيويورك وواشنطن أو باريس ولندن وبرلين وسيدني وغيرها ستشهد تعبئة مئات الآلاف من المواطنين ضدّ النظام الصهيوني؟
لم يرد أي رد على عدوان النظام الصهيوني الجامح على سورية ولبنان وقطر من قبل الحكومات. فقط إيران ردت برد ساحق على العدوان العسكري والعمل الإرهابي "الإسرائيلي". في هذا الصدد، قال ديفيد باين، الضابط السابق في وزارة الدفاع الأميركية: أثبتت إيران قدرتها على تدمير "تل أبيب" في 600 ثانية بوابل من الصواريخ، ولا أحد يستطيع حمايتها. لم تعد "إسرائيل" تملك أي رادع. وهذا سبب رئيسي لموافقة نتنياهو على خطة ترامب لوقف إطلاق النار. والحقيقة هي أن إيران نجحت بشكل متزايد في إلحاق أضرار جسيمة بميناء حيفا و"تل أبيب" والمباني الحكومية والعسكرية. ويعتقد آية الله [الإمام الخامنئي]، عن حق، أن إيران انتصرت في الحرب. وفي رأيي، هذا التقييم صحيح إلى حد كبير؛ لأن إيران صمدت في وجه القوّة المشتركة للولايات المتحدة و"إسرائيل" حتّى وافقتا على وقف إطلاق النار".
إدمان الغرب على الأزمات
كتبت صحيفة رسالت: "في خطوة مفاجئة من بولندا، ادُعي أن طائرات روسية من دون طيار دخلت أراضيها. وفي الوقت نفسه الذي ادعت فيه بولندا، وبينما قالت وزارة الدفاع الروسية إنه لم يكن هناك أي هدف للهجوم على الأراضي البولندية، رفضت وزارة الخارجية الروسية أيضًا الاتهام بأن الطائرات الروسية من دون طيار انتهكت المجال الجوي البولندي وأكدت استعداد موسكو للتشاور بشأن الحادث. كما أعلن المتحدث باسم الكرملين في مؤتمره الصحفي بعد ظهر الأربعاء أنه لم يتم إرسال أي طلب اتّصال إلى الكرملين من بولندا بشأن تحطم الطائرة من دون طيار على الأراضي البولندية.
[...] حدث التوّتر بين البلدين بينما أجج الأوروبيون هذا الصراع، وبنهج مثير للشكوك، قدموا دعمًا واسع النطاق لوارسو عاصمة بولندا وبدأوا في إدانة موسكو.
[...] يأتي هذا الدعم الأوروبي المزعوم لبولندا في وقتٍ يثير فيه السجل الأوروبي للحرب الأوكرانية والتطورات الدولية شكوكًا كثيرة حول صدق السلوك الأوروبي. فخلال السنوات الثلاث والنصف من الحرب الأوكرانية، فشل الأوروبيون عمليًا في الحفاظ على وحدة أراضي كييف، رغم إنفاق مئات المليارات من الدولارات، واليوم تحتلّ روسيا جزءًا كبيرًا من الأراضي الأوكرانية، كما قلّصوا التزاماتهم العسكرية والاقتصادية تجاه كييف. وعلى الصعيد العالمي، خسر الأوروبيون أيضًا في تطوّراتٍ كبرى، مثل الإبادة الجماعية في غزّة ومواجهة اعتداءات النظام الصهيوني، الذي أصبح دعمه وتصريحاته فضيحةً لهم بدلًا من أن يوقفوه عمليًا. وقد أظهر اللجوء إلى آلية الزناد بدلًا من منطق التفاوض مع إيران، والرضوخ للرسوم الجمركية الأميركية المهينة، والأدهى من ذلك، الإذلال التام للقادة الأوروبيين في البيت الأبيض أمام ترامب، فراغَ الموقف الأوروبي العالمي. بالنظر إلى هذا التاريخ، يقر العالم بأن نهج أوروبا في دعم بولندا لا يمكن أن يكون دعمًا حقيقيًا، بل يراه لعبة سياسية للتغطية على إخفاقات الماضي، خاصة وأن أوروبا تعلم أن هذا الدعم لا يكلفها الكثير وهو شكلي في الغالب".