تكنولوجيا

تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن خلفه المؤسسة الحاكمة في واشنطن فرض مزيد من القيود على صادرات رقائق الحاسوب ذات الأهمية الإستراتيجية إلى الصين، في إطار الحرب التكنولوجية المتواصلة بين القوّتين العالميتين.
لكن، وعلى خلاف ما تسعى إليه الإدارة الأميركية، يرى خبراء أن هذه القيود قد تأتي بنتائج عكسية، تُسرّع من وتيرة التقدّم التكنولوجي داخل الشركات الصينية، وتُعزّز موقعها في سوق أشباه الموصلات العالمية.
وفي هذا السياق، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن جاك غولد، المحلّل في "جاي غولد أسوسياتس"، قوله إن "الحكومة الأميركية تُقدّم للصين انتصارًا غير مباشر، إذ تدفع بمجمل قطاع الرقائق الإلكترونية لديهم إلى الأمام، بدلًا من كبحه".
بكين تتحرّك: تحقيقات في شُبهات تمييز وإغراق
وردًّا على هذه السياسات، أعلنت الحكومة الصينية عن بدء سلسلة من التحقيقات في الرقائق الأميركية المستوردة، وذلك على خلفية سياسة تمييزية تعتمدها واشنطن في التعامل مع الشركات الصينية.
وبحسب ما نقلته وكالة "رويترز"، تسعى الصين إلى التحقق ممَّا إذا كانت الولايات المتحدة قد مارست تمييزًا ممنهجًا ضمن سياسات تصديرها للشرائح، إضافةً إلى شبهات إغراق السوق الصينية ببعض أنواع الرقائق التناظرية الأميركية المستخدمة في صناعات إلكترونية مختلفة.
وأوضحت وزارة التجارة الصينية في بيان لها، أن واشنطن فرضت على مدى السنوات الأخيرة حزمة من القيود الصارمة على تصدير الشرائح إلى الشركات الصينية، في محاولةٍ واضحة لتقييد قدراتها التقنية وتطويق أي محاولة لنهضة تكنولوجية مستقلة.
أجندة مزدحمة.."تيك توك" على طاولة المفاوضات
التحقيقات الصينية تتزامن مع مفاوضات تجارية مرتقبة بين بكين وواشنطن، من المزمع أن تنطلق قريبًا في إسبانيا، حيث يتوقّع أن تشمل ملفات شائكة، من القيود على الصادرات والتكنولوجيا، وصولًا إلى ملف التطبيق الصيني الشهير "تيك توك".
ويُذكر أن الإدارة الأميركية أدرجت مؤخرًا 23 شركة صينية جديدة ضمن القائمة السوداء، بينها شركتان متّهمتان بالحصول على تقنيات ومعدات متطورة لصالح شركة SMIC الصينية المتخصصة في صناعة الشرائح.
إستراتيجية احتواء أم فشل في فرض الهيمنة؟
وفي حين تُسوّق واشنطن لقيودها على أنها ضرورية لحماية "الأمن القومي"، يُجمع العديد من الخبراء على أن ما يجري هو محاولة فاشلة لمنع الصين من انتزاع مكانة عالمية في صناعات المستقبل.
ويخلص مراقبون إلى أن هذه السياسات لا تعبّر فقط عن صراع اقتصادي، بل تكشف عن قلق أميركي متصاعد من تحوّل الصين إلى قطب عالمي مستقل قادر على تهديد التفوق الغربي، ليس عسكريًّا فقط، بل اقتصاديًّا وتقنيًّا أيضًا.