تكنولوجيا
يشهد عالم ريادة الأعمال تحولات متسارعة بفعل الذكاء الاصطناعي الذي لم يعد حكراً على الشركات العملاقة، بل أصبح أداة رئيسة تمكّن حتى المشاريع الصغيرة من تحقيق نمو غير مسبوق.
قصة شركة "جيك ويندو كليننغ" (Geek Window Cleaning) الأميركية خير مثال على ذلك، إذ انتقلت من مشروع محلي محدود إلى شركة مزدهرة تقترب من تحقيق إيرادات تفوق المليون دولار خلال عام 2025، بعد أن تبنت إستراتيجيات قائمة بالكامل على الأتمتة الذكية.
من تحسين محركات البحث إلى الذكاء الاصطناعي
عندما أسّس رائد الأعمال كايل راي شركته عام 2013 في مدينة هيوستن بولاية تكساس، كان نجاحه يعتمد كلياً على تصدر نتائج البحث في غوغل.
ويقول راي في حديثه لمجلة "بيزنس إنسايدر": "عندما كنت تبحث عن ’تنظيف نوافذ هيوستن‘ كنا نظهر دائماً في المرتبة الأولى، وهذا ما جعلنا نتوسع بسرعة".
لكن المشهد الرقمي تغيّر، ومع تراجع أهمية محركات البحث التقليدية وظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التفاعلية، بدأ راي يشعر بأن تلك الإستراتيجية لم تعد مجدية.
ويضيف: "أنهينا عقدنا مع شركة تحسين محركات البحث، ولم أعد أهتم بالترتيب على غوغل؛ لأن عمليات البحث التقليدية تتجه بسرعة نحو الصفر".
ثورة الأتمتة: منظومة ذكية تدير كل شيء
بدلاً من التسويق التقليدي، أعاد راي بناء نموذج عمله بالكامل على منظومة متكاملة من أدوات الذكاء الاصطناعي، تشمل:
ChatGPT من أجل التحليل واتخاذ القرارات الإدارية.
PriceGuide.ai لتقدير الأسعار بدقة فورية.
ZeraTalk وCherb لأتمتة المكالمات والرسائل النصية مع العملاء.
ServiceMonster لإدارة بيانات العملاء وتخصيص الخدمات بشكل دقيق.
بفضل هذه الأدوات، أصبحت الشركة قادرة على إدارة عشرات الطلبات يومياً دون الحاجة إلى فريق دعم كبير.
ويقول راي: "أنا لا أستخدم الذكاء الاصطناعي؛ لأنني مهووس بالتقنية، بل لأنني أريد تقديم خدمة شخصية تحافظ على الكفاءة دون الحاجة إلى فريق عمل ضخم".
من خلال الأتمتة الذكية، أصبح بإمكان الزبائن الآن الحصول على عرض سعر، وتأكيد الحجز، ودفع الرسوم، وتلقي التحديثات دون التحدث إلى أي شخص.
ويؤكد راي أن هذا النظام لا يقلل من الطابع الإنساني للخدمة، بل يجعله أكثر دقة، فإنه "باستخدام منصة سيرفيس مونستر، يمكننا معرفة أسماء الحيوانات الأليفة في منازل عملائنا. هذا يساعدنا على تقديم خدمة غير مسبوقة وشديدة التخصيص". كما
أصبح الذكاء الاصطناعي بالنسبة له بمنزلة "طاقم إداري افتراضي"، إذ يعتمد يومياً على ChatGPT لتحليل الأرباح والتكاليف وصياغة الخطط المالية.
ويتابع القول: "أنا وحدي من يدير الشركة، لكن يمكنني إنشاء مدير مالي أو تنفيذي افتراضي داخل شات جي بي تي"، يقول راي بثقة.
إدارة بلا تأخير ولا مكالمات فائتة
لتحسين تجربة العملاء، أدخل راي أدوات مثل ZeraTalk وCherb لضمان الرد الفوري على جميع المكالمات والرسائل.
"لا أريد أن يتحول أي اتصال إلى بريد صوتي. أريد أن يُرد على كل مكالمة في اللحظة نفسها، سواء من إنسان أو من نظام ذكي"، يوضح راي.
بهذا الأسلوب، لم تعد شركته تعتمد على موظفي استقبال أو فرق خدمة عملاء، بل على شبكة من الخوارزميات المتكاملة التي تعمل على مدار الساعة.
من تجربته، يستخلص راي درساً واضحاً: "قد يبدو الذكاء الاصطناعي معقداً في البداية، لكن بمجرد أن تتقنه، يمكنك إنجاز الأمور بسرعة مذهلة".
ويرى أن مستقبل الأعمال الصغيرة لن يُقاس بعدد الموظفين أو حجم المكاتب، بل بمدى قدرة صاحب المشروع على تسخير الذكاء الاصطناعي لزيادة الإنتاجية وتحسين تجربة العملاء.
يقول راي في ختام حديثه: "في السنوات المقبلة، لن ينجو سوى من يعرف كيف يستخدم الذكاء الاصطناعي لصالحه. الأمر لا يتعلق بالتكنولوجيا بقدر ما يتعلق بطريقة التفكير".