لبنان
كشف عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنَّ جيش الاحتلال "الإسرائيلي" بات يحتل مساحة تبلغ مئة كيلومتر مربع من الأراضي اللبنانية على طول الحدود الجنوبية، مشيرًا إلى أنه أقام منطقة عازلة يمنع فيها أي شكل من أشكال الحياة كما يفعل مع العديد من القرى الحدودية.
وخلال مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي، أضاف فضل الله أن العدوّ يواصل أعمال القتل اليومية ضدّ المواطنين اللبنانيين، من دون أن تتّخذ الحكومة أي خطوات عملية أو ترفع صوتها دوليًا لمواجهة سفك الدماء، بل إنها تتجاهل التزاماتها الواردة في بيانها الوزاري في نقاط عدة. ولفت إلى أن بعض مكونات الحكومة لا يشغلها سوى الحديث عن مفردة جزئية بشكل انتقائي، متناسية ما ورد في البيان وما أقرّه اتفاق الطائف بشأن حق المقاومة، التي لا تندرج ضمن بند سحب سلاح الميليشيات لأنها تندرج تحت بند استخدام الوسائل كافة لتحرير الأرض، وفي طليعتها المقاومة، كما أقرّت ذلك الحكومات المتعاقبة على مدى خمسة وثلاثين عامًا.
وأشار فضل الله إلى تعمّد الحكومة تجاهل ملف إعادة الإعمار، مؤكدًا أن موازنتها لم تتضمن أي اعتمادات لهذا الشأن، وطالبها بالإيفاء بتعهداتها خلال جلسات مناقشة الموازنة العامة.
هذا وقال فضل الله: "في مثل هذا اليوم من العام الماضي ارتكب العدوّ جريمة ضدّ الإنسانية بتفجير أجهزة "البيجر" وأجهزة اللاسلكي"، مضيفًا أن ذلك يضاف إلى سجله الحافل بالجرائم، ومنها ما يحصل يوميًا ضدّ الشعب الفلسطيني في غزّة. وذكر أن تاريخ السابع عشر من أيلول لطّخ جبين العدوّ وعملائه بذكرى سوداء تتصل بمجزرتي صبرا وشاتيلا 1982، والحصار والاحتلال لبيروت قبل أن تدحرهم المقاومة وتسقط أحلام عملائهم بالسيطرة على لبنان.
واعتبر أنَّ جرحى تفجيرات "البيجر" مع عوائل الشهداء والمدنيين والجرحى قدّموا أروع صور الصمود والتحمّل والاستعداد للتضحية والمضي في خيار المقاومة، موضحًا أن عيون هؤلاء الجرحى وأيديهم وآلامهم تصنع للوطن عزته وكرامته وتمنحه معنى الحياة الحرة في مواجهة الاحتلال ومشاريعه التدميرية.
وأكد فضل الله أن المقاومة واجهت بداية الحرب العدوانية "الإسرائيلية" على لبنان، وقدمت تضحيات كبيرة على مدى شهرين من الصمود والمواجهات البطولية، وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ورفيق دربه السيد هاشم صفي الدين وآلاف الشهداء، ما مكّن من منع العدوّ من احتلال الأرض، خصوصًا في جنوب الليطاني، وسيّجتها بالدماء وسلّمتها إلى الدولة اللبنانية كما حصل عام 2000، كي تقوم بواجباتها في حمايتها والدفاع عنها. وأضاف أن الدولة إما تقف عاجزة عن أداء واجباتها، أو أن بعض من فيها ينفّذ إملاءات خارجية ويحاول تظليل الحقائق عبر انتقاء بنود من البيان الوزاري، متجاهلًا التزاماتها الحقيقية، مشددًا على أن بعض أفراد الحكومة يركزون على مفردة جزئية في عملية انتقائية مبتورة عن سياق أوسع يندرج ضمنه إقرار إستراتيجية أمن وطني.
وقال "إن الدولة وأداتها التنفيذية، أي الحكومة، مطالبة بتحمّل مسؤولياتها الكاملة والعمل على تنفيذ ما التزمت به في بيانها الوزاري". وأضاف: "لمن نسي ما كتب ووافق عليه ولمن يتجاهل، نعيد التذكير بما نصَّ عليه البيان الوزاري: الحكومة ملتزمة الدفاع عن سيادة لبنان وبالإسراع في إعادة إعمار ما دمره العدوان "الإسرائيلي"، وهي تلتزم بالكامل مسؤولية أمن البلاد والدفاع عن حدودها وثغورها وردع المعتدي".
وأكد أيضًا التزام الحكومة بتعهداتها لجهة تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701 والترتيبات الخاصة بوقف الأعمال العدائية كما وافقت عليه الحكومة السابقة بتاريخ 27 تشرين الثاني 2024، والتزامها وفق وثيقة الوفاق الوطني باتّخاذ الإجراءات كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال وبسط سلطة الدولة على جميع أراضيها بقواها الذاتية ونشر الجيش في المناطق الحدودية المعترف بها دوليًا، موضحًا أن الحكومة تؤكد حق لبنان في الدفاع عن النفس وفق ميثاق الأمم المتحدة.
ورأى فضل الله أن التدرّج الوارد في التزامات الحكومة يفرض عليها أولوية التطبيق أو على الأقل التوازن في التطبيق كمقدمة لبحث إستراتيجية أمن وطني. وأضاف أنه منذ نيل الحكومة الثقة وقعت وقائع عدة من بينها: استمرار الكيان "الإسرائيلي" في أعمال القتل اليومية بحق المواطنين المدنيين في حقولهم وبيوتهم وسياراتهم، وإصابة النساء والأطفال وتدمير الممتلكات، والاعتداء على مناطق من أقصى الجنوب إلى أقصى البقاع، واحتجاز العديد من الأسرى المقاومين والمدنيين، سائلًا عن سبب امتناع الحكومة عن رفع صوتها دوليًا لمواجهة هذه الجرائم وعن إجراءاتها لردع المعتدي وتحرير الأسرى.
ولفت فضل الله إلى أن قوات الاحتلال فرضت سيطرتها على مساحة واسعة من الأراضي اللبنانية بطول خط الحدود بمساحة مئة كيلومتر مربع وعمق يصل أحيانًا إلى كيلومتر واحد، مانعة أي شكل من أشكال الحياة فيها، ومشددًا على أن توسيع نطاق الاحتلال يأتي في ظل صمت رسمي، فيما لم تستخدم الحكومة أي وسيلة لتحرير الأرض، وفي الوقت نفسه تبحث في كيفية منع إحدى أهم الوسائل، أي المقاومة، التي أقر مبدأها اتفاق الطائف وفسره البيان الوزاري لأوّل حكومة بعد الطائف.
وسأل عن الوسائل التي استخدمتها الحكومة لتحرير الأرض وبسط سلطتها حتّى الحدود الدولية، وعن نتائج تلك الوسائل، وما إذا بدأت الحكومة تقوية قواها المسلحة الرسمية كما التزمت في بيانها الوزاري، وما إذا وُضعت جداول زمنية لتسليح الجيش ليمكنه القيام بمسؤولياته، وأين أصبح حق لبنان بالدفاع عن النفس.
وأضاف أن الأمم المتحدة ورئيس الجمهورية والحكومة اللبنانية كرّروا أكثر من مرة التزام لبنان الكامل بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 في جنوب الليطاني، في حين يواصل العدوّ عدوانه، سائلًا عن الإجراءات العملية التي اتّخذتها الحكومة مع لجنة مراقبة وقف النار والأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وفي ملف إعادة الإعمار، قال فضل الله إن الحكومة لم تتّخذ حتّى اليوم أي إجراءات عملية بل تتعمّد إهمال الملف لحسابات سياسية ونتيجة إملاءات خارجية، والدليل عدم تضمين موازنتها لعام 2026 أي اعتمادات لإعمار البيوت المهدمة، وشطب المبلغ المخصص لإزالة القنابل العنقودية التي تهدّد حياة الجنوبيين. وأضاف أن الحكومة تتجاهل ما التزمت به في بيانها الوزاري بخصوص الإسراع في إعادة الإعمار.
وردًّا على ادعاءات الحكومة بوجود قرض من البنك الدولي لإعمار البنى التحتية، قال فضل الله "إن هذا الأمر مطلوب لكنّه لا يشمل منازل المواطنين"، مطالبًا وزير المالية بإعادة النظر في الموازنة خلال مناقشتها ووضع اعتمادات واضحة مهما كان حجمها لإعادة إعمار البيوت المهدمة، ومشدّدًا على أن خلو الموازنة من هذه الاعتمادات يمثل مخالفة صريحة لما ورد في البيان الوزاري وتنصلًا من المسؤوليات الوطنية تجاه الشعب.
وأكّد فضل الله أن ادعاء عدم وجود الأموال لا يبرئ الحكومة، لأن بإمكانها تخصيص اعتمادات وفق ما تسمح به الموازنة، وأن المطلوب تحديد أولويات الإنفاق ووقف مزاريب الهدر والفساد التي بدأت تفوح رائحتها من بعض الوزارات، وهو ما يعد إخلالًا إضافيًا ببنود البيان الوزاري الذي تعهد بمكافحة الفساد.
وختم قوله بالتحذير من أن بعض من في الحكومة لم يعد مكترثًا بحجم إخلاله بالتزاماتها، ولا يشغله في المدة القصيرة المتبقية من عمرها الدستوري سوى التفريط بعناصر القوّة الوطنية، ولو على حساب الميثاق والدستور والسيادة الوطنية.