إيران

اهتمّت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس (18 أيلول 2025)، بتحليل نتائج اجتماع منظمة التعاون الإسلامي عقب الاعتداء الصهيوني على قطر، وقالت إن هذه النتائج تعكس ما وصفته بـ"العصر الجليدي العربي" العاجز عن مواجهة الصهاينة. كذلك تحدّثت بعض الصحف عن قدرة الدول الإسلامية في مواجهة الكيان الصهيوني باستهداف شريانه الحيوي الاقتصادي.
العصر الجليدي العربي
بداية مع صحيفة "وطن أمروز" التي سألت: "هل كان متوقعًا أن تكون القمة الطارئة لقادة منظمة التعاون الإسلامي، والتي عُقدت ردًا على عدوان النظام الصهيوني على قطر، بهذا الضعف؟". وأضافت الصحيفة أنه بينما كان الرأي العام في العالم الإسلامي يتوقع من العرب، على الأقل، معاقبة المعتدين الإسرائيليين، ولو لمصلحتهم، أنتهى اجتماع القادة الإسلاميين، كعادته، ببيان إدانة فقط".
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من المواقف الحازمة التي اتخذها بعض القادة العرب والإسلاميين ضد العدوان "الإسرائيلي"، لم تشهد نتائج القمة أي تحرك جماعي وهادف ورادع يضغط على النظام لوقف طموحاته ومغامراته الإقليمية. وقالت إن تصريحات نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، قبل انطلاق القمة، كشفت إلى حد كبير غياب أي تطورات استثنائية في الدوحة، وهو ما أكده نشر مسودة بيان القمة. وأكدت الصحيفة أن الاجتماع لم يخرج بأي إجراء فعّال، ونتيجته الوحيدة تمثلت بجعل "إسرائيل" أكثر استعدادًا لمهاجمة المنطقة بأكملها. ورأت أن قمة الدوحة الهزيلة، بدلًا من الحد من المغامرات الصهيونية، دفعت المنطقة إلى شفير الحرب.
وقالت الصحيفة إن الهجوم الإسرائيلي على قطر شكّل نقطة تحوّل، في تاريخ غرب آسيا. ومن المتوقع أن يكون مصدرًا لديناميكيات جديدة في النظام السياسي للمنطقة. وأوضحت أنه بالنسبة إلى نتنياهو، بات واضحًا أن الدول العربية عاجزة تمامًا عن مواجهة التوسع الإقليمي للنظام الصهيوني، لأنها تفتقر أساسًا إلى مقومات الدولة الوطنية، ولأنها رهنت أمنها لعقود بالولايات المتحدة. وأضافت أن هذا هو السبب الذي يجعل نتنياهو يتحدث عن حلم "إسرائيل الكبرى" وإعادة رسم وجه المنطقة، لأنه لا يرى أمامه أي عقبة سوى محور المقاومة وإيران.
ولفتت الصحيفة إلى أن دونالد ترامب حاول التنصّل من الهجوم على قطر بادعاء جهله به، واستدعاء رئيس الوزراء القطري إلى البيت الأبيض. لكنها أوضحت أن الزيارة المهمة التي قام بها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى الأراضي المحتلة، بالتزامن مع قمة الدوحة، حملت رسالة واضحة إلى قطر وأعضاء مجلس التعاون الخليجي مفادها أن الخيار الأميركي الأول والأخير في المنطقة هو "إسرائيل". وختمت الصحيفة بالقول إن الأجندة الأميركية باتت واضحة تمامًا، فهي ترى أن "إسرائيل" تمتلك زمام المبادرة العسكرية في المنطقة بدعم من واشنطن، بينما العرب غير قادرين على مواجهتها، ولا حتى على مراجعة الضمانات الأمنية الأميركية ليبقوا في تبعية تامة لها.
قطع شريان الصهاينة الحيوي الاقتصادي
بدورها، قالت صحيفة "رسالت" إن قطع العلاقات الاقتصادية بين الدول الإسلامية والنظام الصهيوني يُعدّ أحد أهم الحلول التي يمكن أن تزيد من عزلة هذا الكيان الغاصب. وأوضحت أن آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي يؤكد أن قطع العلاقات التجارية يجب أن يكون أولوية تسبق حتى قطع العلاقات السياسية، مشيرةً إلى أن أهمية هذه القضية تتجلى في الأبعاد الواسعة للتجارة بين الدول الإسلامية والنظام الصهيوني.
وأضافت الصحيفة أنه وفقًا لتقديرات العام 2024، بلغ إجمالي صادرات الدول الإسلامية إلى الكيان نحو 13.35 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها منه نحو 4.5 مليار دولار. وأشارت إلى أنه بالنظر إلى أن إجمالي صادرات النظام الصهيوني في ذلك العام بلغ نحو 55 مليار دولار، يتضح أن ما يقارب ربع صادراته تتجه إلى الدول الإسلامية، وهو ما يشير إلى قدرة هذه الدول على ممارسة تأثير جاد. وأكدت الصحيفة أن 18 دولة إسلامية ترتبط بعلاقات تجارية مع الكيان الصهيوني، لكن العلاقات الجوهرية تقتصر على خمس أو ست دول فقط. ولفتت إلى أن بعض هذه العلاقات تنفذ بشكل غير رسمي عبر وسطاء، حيث تُرسل الصادرات إلى دولة ثالثة ومنها إلى الوجهة النهائية، من دون أن تُسجَّل رسميًا في الإحصاءات الحكومية.
وبيّنت الصحيفة أن هناك سيناريوهين يمكن تصور عواقبهما في حال خفض أو قطع هذه العلاقات. في السيناريو الأول، إذا انخفض حجم التبادل التجاري إلى النصف، فإن الصادرات ستتراجع إلى 6.7 مليار دولار، والواردات إلى 2.2 مليار دولار، وهو ما سيسفر عن عجز قدره 4.5 مليار دولار في ميزان الكيان التجاري. وأوضحت أن ذلك يعادل انخفاضًا بنسبة 0.9% في النمو الاقتصادي مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي البالغ 500 مليار دولار. ومع أن هذا الرقم يبدو محدودًا، إلا أنه بالنظر إلى تراجع معدل النمو من 9.3% في العام 2021 إلى 1.6% في العام 2024، فإن مثل هذه الضربة كفيلة بالقضاء على أكثر من نصف النمو الحالي.
أما السيناريو الثاني، فقد أشارت الصحيفة إلى أنه في حال قطع العلاقات الاقتصادية تمامًا، سيتراجع نمو الكيان الاقتصادي بنسبة 1.8%، وبافتراض ثبات الظروف كما في العام 2024، سيصبح نموه الاقتصادي سلبيًا. وأضافت أن التداعيات لن تقتصر على النمو، بل ستشمل ميزان المدفوعات واحتياطيات النقد الأجنبي وقيمة العملة الوطنية ومستوى التوظيف والإيرادات الضريبية. وختمت الصحيفة بالتأكيد أن استراتيجية قطع العلاقات الاقتصادية يمكن أن تكون أداة واقعية وفعّالة لضرب النظام الصهيوني، لكنها شددت على أن تحقيق هذا الهدف ليس بالأمر السهل، إذ تختلف ظروف الدول الإسلامية وتواجه كل منها عوائق خاصة، ما يتطلب دراسة دقيقة وخططًا بديلة، إضافة إلى تفعيل القدرات العلمية والخبرات على المستوى الدولي.
التقارب الاقتصادي بين إيران وباكستان
أمّا صحيفة "إيران" فذكرت أن العلاقات الإيرانية-ـ الباكستانية تأثرت خلال العقود الماضية بالتطورات الإقليمية والسياسات العالمية والضرورات الأمنية، ومع أن العلاقات السياسية بين البلدين حافظت على مستوى مقبول، إلا أن الإمكانات الاقتصادية والتجارية لم تُستثمر كما يجب. وأوضحت الصحيفة أنه مع بروز متغيرات جديدة في النظام الاقتصادي الإقليمي، عادت اللجنة الاقتصادية المشتركة الإيرانية- الباكستانية لتُشكل منصة لتطوير تعاون مستدام بين جارتين مهمتين في جنوب آسيا.
وأضافت الصحيفة أن إيران وباكستان تتمتعان بحدود طويلة وروابط ثقافية وتاريخية عميقة، وأن قربهما الجغرافي في منطقة تشمل الطاقة والنقل والطرق التجارية يخلق فرصة فريدة للتعاون الاقتصادي. وأكدت أن إيران بمواردها النفطية والغازية يمكن أن تكون موردًا موثوقًا للطاقة لباكستان، بينما يشكّل السوق الباكستاني الكبير والشاب فرصة مهمة للصادرات الإيرانية. وقالت الصحيفة إن هذا التقارب الطبيعي ظلّ رهينة للعقوبات والمعايير السياسية في الماضي، لكنه قد يتحول في البيئة الإقليمية الجديدة إلى قوة دافعة للتفاعلات الاقتصادية بين البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن من أبرز الموضوعات التي طُرحت في اللجنة المشتركة دور البلدين، في ممرات النقل الإقليمية، مؤكدة أن إيران، بوصفها جسرًا بين آسيا الوسطى والقوقاز والخليج وأوروبا، وباكستان بوصفها بوابة إلى جنوب آسيا والمحيط الهندي، تتمتعان بموقع استراتيجي فريد يربط سلاسل التجارة.
ولفتت الصحيفة إلى أن تطوير خطوط سكك حديدية وطرق برية مشتركة وتسهيل عبور البضائع وإنشاء بنية تحتية حدودية حديثة، كلها خطوات من شأنها خفض تكلفة التجارة وزيادة حجم التبادل. وأضافت أنه في هذا السياق جرى بحث الاستثمار المشترك في المحطات الحدودية، والإفادة من طاقات الموانئ الإيرانية والباكستانية مثل عقد رئيسة في سلسلة النقل.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين يواجه تحديات، أبرزها العقوبات المفروضة على إيران والمعايير الأمنية على الحدود وضعف البنية المصرفية للتبادل المالي والقيود اللوجستية.