عين على العدو

تنظّم "إسرائيل" ميليشيات فلسطينية مسلّحة، في قطاع غزّة، تعمل بموازاة قوات جيش الاحتلال، لكن الجيش يدّعي أن "الشاباك" هو المسؤول عن عمل هذه الميليشيات، والتي كلّ واحدة منها تضمّ عشرات العناصر المسلّحين الذين يتلقّون راتبًا شهريًا، ما يعني أنهم مرتزقة فلسطينيون في خدمة الاحتلال، ويحصلون على تصريح لحمل السلاح واستخدامه، كما يحملون رخصة لقتل فلسطينيين.
كشف حقيقة وجود هؤلاء المرتزقة، في "إسرائيل"، ولخدمتها، وأنهم يرتكبون جرائم خلال حرب الإبادة في غزة المستمرة منذ سنتين، يورطها أكثر مما هي متورطة. والتقارير عنهم، في وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، مصدرها ضباط وجنود في الجيش "الإسرائيلي" الذين، على ما يبدو، لا يدركون أو لا يستوعبون حجم الجرائم التي يرتكبها كيانهم في قطاع غزّة، ويتذمّرون من سلوك هؤلاء المرتزقة.
ويُشار الى أنّ تسليح "إسرائيل" لميليشيات مرتزقة بهدف ارتكاب مجازر ليس جديدًا. فقد فعلت ذلك في الماضي في دول أخرى. وأبرز الأمثلة على ذلك لبنان، حيث ارتكبت ميليشيات موالية لـ"إسرائيل مجازر". وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة "هآرتس الإسرائيلية"، يوم أمس الخميس، عن ضابط إسرائيلي قوله :"إنّ الميليشيات المرتزقة، في قطاع غزّة، "تُذكّر بصبرا وشاتيلا"، في إشارة إلى المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها ميليشيا حزب الكتائب اللبناني، بعدما حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي المخيّم في العام 1982".
وأضاف الضابط الإسرائيلي أنه: "لا توجد سيطرة ميدانية على هذه الميليشيات في قطاع غزّة، وهم غير ملتزمين أزاء الضباط الإسرائيليين المسؤولين عن المنطقة التي يعملون فيها. غدًا سيرتكبون مجزرة بحقّ العشرات. من سيكون المسؤول عن ذلك؟ هل سيُحمّلون المسؤولية للضابط في الجيش المسؤول عن المنطقة، ويقضون على مستقبله؟"؛ هذا وفقًا لتعبيره.
وبحسب ضباط "إسرائيليين"، يوجّه الجيش "الإسرائيلي" و"الشاباك" عمليات الميليشيات لتنفيذ المهمّات: "التي تكون غالبًا في مناطق مكتظّة في جنوب القطاع -أي المناطق التي يُجَرّ إليها سكان شمال القطاع ووسطه- وهذه ليست أعمالًا سوداء التي وُجّهوا لتنفيذها في البداية. إنها تنفّذ عمليات كبيرة ومهمّة".
كما أشار جنود صهاينة إلى أنه: "لم يعُد يحاول الجيش الإسرائيلي والشاباك إخفاء هذه الظاهرة كما كان في الماضي.. فهذه الميليشيات تتدرّب أمام أنظارنا. وشاهدناهم في مجموعات مؤلّفة من 5 – 10 مسلّحين. وأحيانًا تسبّب ذلك في إرسال قوات "إسرائيلية" ضدّهم، لأنهم لا يكلّفون أنفسهم عناء إبلاغنا".
هذا؛ وأفادت الصحيفة بأنّ الجيش "الإسرائيلي" بدأ، في الأسابيع الأخيرة، وضع علامات في منظومة القيادة والسيطرة على وجود عناصر هذه الميليشيات، مثلما تُوضع علامات مشابهة على مناطق توجد فيها قوات الجيش .. أي إن هذه الميليشيات هي جزء من الخطة العسكرية". ونقلت الصحيفة، عن ضابط قوله، إن: "قيادة الجيش تُبلغنا بطبيعة مهمّة الميليشيات، بشكل عام، لكننا لا نعلم غايتها النهائية. ويطالبوننا بعدم عرقلتهم والسماح لهم بالعبور. وتكرّرت حالات عملت فيها الميليشيات بالقرب من قواتنا، حيث يتجاوزون المحاور من دون إبلاغنا مسبقًا. ما أوجد صعوبة كبيرة بالتنسيق معهم".
وكان رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان قد كشف، خلال مقابلة في الإذاعة العامة "الإسرائيلية كان"، في بداية حزيران/ يونيو الماضي، أن "إسرائيل" تسلّح الميليشيات في غزّة بأمر ومصادقة مباشرة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بهدف الدخول في مواجهة ضدّ حماس. ولم ينفِ مكتب نتنياهو أقوال ليبرمان حينها، وإنما عقّب بأنّ ""إسرائيل" تعمل من أجل هزيمة حماس بطرائق مختلفة ومتنوّعة بتوصية من جميع رؤساء الأجهزة الأمنية".
يشير ذلك إلى أنّ "إسرائيل" تسعى إلى إشعال نزاع مسلّح بين الميليشيات التي تسلّحها وتموّلها وبين حماس، أملًا بأن تتطوّر إلى حرب أهلية في قطاع غزّة، مثلما فعلت في لبنان وتحاول أن تفعل في سورية.
في أعقاب كشف ليبرمان تسليح الميليشيات، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم، إنه لا يوجد أيّ ضمان ألا تطلق الميليشيات النار على الجنود الإسرائيليين في محور فيلادلفيا، وأنه: "لا توجد خطة أو نيّة أن تُدير الميليشيات رفح في اليوم التالي للحرب؛ فلا توجد لديهم قدرة كهذه، وثمّة شك إذا كانوا يريدون ذلك".
وقال المسؤولون الأمنيون إن: "المبادرة لتسليح الميليشيات جاءت من "الشاباك" الذي يُقيم علاقات وثيقة معها، ومنذ مدة طويلة. كما أن الجيش "الإسرائيلي" أوصى بأن يكون ذلك جزءًا من الخطة الشاملة لاستهداف حماس من الجهات كافة".