إيران

اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الخميس (25 أيلول/سبتمبر 2025)، بتحليل خطاب آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي الذي ألقاه مؤخرًا، وأثره في تشكيل الموقف الواضح وإعادة صياغة الرؤية أزاء أوضاع المنطقة والعالم. كما ركّزت على دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت، وما ظهر فيها من نرجسية أميركية ترامبية وغطرسة أوروبية.
الكيان الصهيوني أداة الغطرسة والاستكبار
بداية، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "لتحقيق فهم عميق ومنهجي للمنطق الذي يحكم سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الخارجية وتوجهاتها الإستراتيجية في منطقة غرب آسيا، يكتسب المتغير الرئيسي، وهو التعريف الأساسي للنظام الصهيوني في منظومة آية الله العظمى الإمام السيد علي الحسيني الخامنئي الفكرية، أهمية بالغة". وبحسب الصحيفة: "هذا المنظور، والذي يُختزل أحيانًا في شعارات سطحية مثل "إزالة إسرائيل"، في وسائل الإعلام الغربية والتيارات السائدة هو في الواقع إطار نظري متماسك ومتعدد الطبقات وعميق التنظير، متجذر في الفلسفة السياسية الإسلامية والتحليل المهيمن للقوة العالمية".
ووفقًا للصحيفة، لا يقتصر هذا الإطار على تشكيل صناعة السياسات الإيرانية فحسب، يعمل أيضًا كنموذج تحليلي يُعيد تعريف المفاهيم الأساسية للعلاقات الدولية مثل شرعية الدولة والهيمنة الإمبريالية والأمراض السلوكية للأنظمة. يعتمد الأساس النظري لفهم آية الله العظمى الإمام الخامنئي للنظام الصهيوني على تمييز مفاهيمي دقيق وواعٍ له جذوره في الفلسفة السياسية والقانون الدولي؛ التمييز بين الدولة كونها مؤسسة شرعية ذات أسس تاريخية واجتماعية وعضوية، و"النظام - الكيان" كونه هيكلًا حكوميًا مؤقتًا مفروضًا يفتقر إلى الشرعية الجوهرية. إن اختياره الدائم لاستخدام عبارة "النظام/الكيان الصهيوني" وتجنبه التام لـ"دولة إسرائيل" ليس مصادفة، بل هو موقف قانوني وفلسفي يُشدد على النقد الوجودي للأنظمة الاستعمارية. من وجهة نظر قائد الثورة، ليس النظام الصهيوني دولة قومية طبيعية نابعة من الإرادة التاريخية لمجتمع أصيل، بل هو مشروع استعماري مصطنع، يُوصف، في إطار نظريات ما بعد الاستعمار كتلك التي نراها في أعمال إدوارد سعيد أو فرانز فانون، بأنه مزرعة استعمارية في قلب العالم الإسلامي.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المشروع فُرض بدعم مباشر من قوى خارجية، الإمبراطورية البريطانية أولًا عبر وعد بلفور، ثمّ الولايات المتحدة في مرحلة تاريخية محدّدة بعد الحرب العالمية الثانية. وينبع وصف هذا المشروع بأنه زائف أو كاذب من هذا المنظور. هذا يعني، من وجهة نظر قائد الثورة، أن النظام الصهيوني يفتقر إلى الأصالة العضوية والجذور التاريخية في أرض فلسطين. وهذا يجعله كيانًا مغتصبًا.
وبحسب الصحيفة، لا يُعد النظام الصهيوني طرفًا فاعلًا مستقلًا بمصالح وطنية منفصلة، بل هو بالأساس أداة إستراتيجية أو قاعدة معلومات عسكرية متقدمة للقوى المهيمنة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، في منطقة غرب آسيا الإستراتيجية. تُعرّف هذه الوظيفة النظام أنها جزء من نظام الهيمنة والغطرسة العالميين الذي يهدف إلى الحفاظ على توازن القوى لصالح الغرب".
الترويكا الأوروبية في مواجهة مبادرة طهران
بدورها، كتبت صحيفة "إيران": "انطلقت الدورة الثمانون للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تنخرط إيران والجهات الفاعلة الرئيسة في المجتمع الدولي، من الترويكا الأوروبية إلى الصين وروسيا، وحتّى الولايات المتحدة، في معادلة حساسة ومصيرية تتعلق بمستقبل قرار مجلس الأمن الرقم 2231، وهو قرار كان يُنظر إليه حتّى أسابيع قليلة مضت على أنه أحد آخر العوائق أمام عودة العقوبات متعددة الأطراف، ولكنه أصبح الآن محورًا للضغوط الدبلوماسية والتنازلات. إلا أن الأدلة والتصريحات التي تلت ذلك الاجتماع أظهرت أن الطريق إلى اتفاق ليس سهلًا. وما برز، بشكل خاص، في مواقف الممثلين الأوروبيين هو اختلاقهم العوائق لمبادرات طهران، فأظهر أن الترويكا لا تزال عالقة في النمط طويل الأمد نفسه من التقاعس والسياسات المتناقضة التي أدت إلى تآكل الثقة المتبادلة بشدة في السنوات الأخيرة. في الوقت نفسه، زعم مسؤول دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى، عقب اجتماع مشترك لوزراء خارجية باريس وبرلين ولندن مع السيد عباس عراقتشي، أن إيران لمّا تستوفِ بعد الشروط التي وضعتها أوروبا لمنع إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن. وأكد أن الكرة في ملعب إيران، وهي عبارة تُظهر أن العواصم الأوروبية، بدلًا من تحمّل مسؤوليتها في مسار الدبلوماسية، تُفضّل مجددًا إلقاء العبء الثقيل على عاتق طهران.
كما قالت الصحيفة إن القيود الجديدة التي فرضتها الحكومة الأميركية على الدبلوماسيين الإيرانيين، في مدينة نيويورك، أثارت تساؤلات جدية عن كيفية أداء البلاد لدورها، بصفته دولة مضيفة للأمم المتحدة".
غرور ترامب النرجسي في الأمم المتحدة
هذا؛ وكتبت صحيفة "كيهان": "قوبل خطاب الرئيس الأميركي السخيف وغير الرسمي، في الأمم المتحدة، بردود فعل سلبية من وسائل الإعلام والخبراء. يُقال إن ترامب أظهر بهذا الخطاب أنه شخص نرجسي متغطرس لا يهتم إلا بمصالحه الخاصة".
وتابعت الصحيفة: "مساء يوم الثلاثاء، بتوقيت إيران، ألقى دونالد ترامب أول خطاب له في ولايته الرئاسية الثانية في الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. كان خطابه انعكاسًا كاملًا لأميركا اليوم، أميركا التي لا تُقدّر العالم ولا الدول، أميركا التي لا تُبالي بالقيم الإنسانية، أميركا النرجسية التي ترى نفسها متفوقة على الآخرين، وحتّى على حلفائها الليبراليين التقليديين. في هذا الخطاب، أظهر ترامب مرة أخرى نرجسيته المرضية، وطالب بالحصول على جائزة نوبل للسلام وشكر الأمم المتحدة، متوهمًا إنهائه ست حروب. كما أهان الاتحاد الأوروبي قائلًا: تفقد أوروبا أكثر من 175 ألف شخص سنويًا بسبب ارتفاع درجات الحرارة، لأن التكاليف باهظة لدرجة أن الناس لا يستطيعون تشغيل مكيفات الهواء. ما هذا؟ هذه ليست أوروبا. هذه ليست أوروبا التي أعرفها وأحبها. وكلّ هذا يُرتكب باسم التظاهر بمحاربة خدعة الاحتباس الحراري".
بحسب الصحيفة، استخدم ترامب منبر الأمم المتحدة ليُظهر أن الولايات المتحدة في وضع جيد للغاية، بخلاف أي دولة أخرى في العالم. هذا على الرغم من أن ملايين الأميركيين قد تقطعت بهم السبل بين دفع فواتيرهم وشراء ضرورياتهم خلال رئاسته. في هذا الخطاب، قال ترامب أيضًا، من دون أن يذكر دعمه الثابت للإبادة الجماعية التي يرتكبها النظام "الإسرائيلي" في غزّة، أن الجميع يعلم سعيه إلى وقف إطلاق النار في غزّة، و"يجب عليّ تنفيذه".
ووفقًا لصحيفة "كيهان"، تأتي هذه الادّعاءات، على الرغم أن الولايات المتحدة كانت الداعم الرئيسي للنظام "الإسرائيلي" بإبادة الشعب الفلسطيني، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر2023، وقد اعترفت وسائل الإعلام والمسؤولون الصهاينة مرارًا وتكرارًا، أولًا، بأن نتنياهو هو العائق الرئيس أمام وقف إطلاق النار، وثانيًا، أنه لولا الدعم الأميركي لما تمكّنت "إسرائيل" من مواصلة الحرب".