اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي كاريكاتور العهد

مقالات مختارة

خطّة الإخضاع تستوجب حرباً جديدة
مقالات مختارة

خطّة الإخضاع تستوجب حرباً جديدة

41

ابراهيم الأمين - صحيفة الأخبار

ما أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب باسم خطته الثورية لسلام أبدي في منطقتنا، بدا خيالياً، ليس من ناحية طابعه الاستعراضي أو تفاصيله الغريبة عن الأمر الواقع. لكنه يمثّل في حقيقة الأمر، جوهر التفكير المشترك الذي يحكم عقل القرار في الولايات المتحدة وإسرائيل تحت قيادة ترامب وبنيامين نتنياهو.

وفي خلاصة الأمر، هو خلاصة ما يتحدّث عنه ترامب تحت عنوان «السلام بالقوة»، وهي الكلمة المُلطِّفة لعنوان معركة إسرائيل المفتوحة القائل بأن «ما يجب تحقيقه، لا يتم إلا بالقوة، أو بالمزيد من القوة».

عملياً، وكما جرت العادة، يتولّى الأميركيون ومعهم جوقة إعلامية ودبلوماسية خاصة، مع انخراط غبي من الإعلام العربي، في سردية أن اميركا تقود الآن أكبر عملية ضغط على إسرائيل لإقناعها بالسير بالخطة الهادفة إلى وقف الحرب. كان هذا هو العنوان الذي حكم اجتماع ترامب مع قادة ومسؤولين بارزين من دول عربية وإسلامية في نيويورك.

لكن، كلّ الملاحظات التي سجّلها الحاضرون، لم تتجاوز تكرار مواقف مبدئية يعرفها ترامب، ولا يهتم لأمرها، ثم ليس عنده مانع من الترحيب بالفكرة. لكنّ القبول بها هو أمر آخر.

وكل ما خرج به ترامب من هذا الاجتماع، هو توفير الغطاء – ولو الشكلي – لمقترحه، ثم جرى توجيه الأنظار إلى اجتماعه مع نتنياهو، وتصوير الأمر على أنه لحظة مفصلية في تاريخ الصراع.

قبل اجتماع البيت الأبيض، خرجت أصوات في الكيان تحذّر نتنياهو من السير بخطة تستهدف وقف الحرب. لكنها أصوات بقيت دون سقف التحذير الجدّي الذي يمكن أن يخشاه نتنياهو. ثم إن الخطة بتفاصيلها، تحاكي عملياً كل أهداف إسرائيل من الحرب، وإن كانت تقول بأنه يمكن تحقيق قسم من هذه الأهداف من دون حرب عسكرية. ولذلك، فإن النقاشات التي جرت بين الأميركيين والإسرائيليين، كانت تركّز، على شكل الإخراج للموقف. وحتى اللحظة، لا يزال قادة العدو يتحدّثون عن السير بخطة تحقّق الأهداف الرئيسية للحرب. فيما، يقول الأميركيون لبقية العالم، إننا تولّينا المهمة مباشرة، وأجرينا ما يكفي من مناقشات، وحان الآن موعد التطبيق.

ربما كان فشل عملية الاغتيال في الدوحة لقيادة حركة حماس، دوره في التعجيل بطرح ترامب. لكن الطرح، كان سيبقى قائماً لو نجحت العملية.

وكان يمكن توقّع اعتذار إسرائيلي عن قصف الدوحة والتعهّد بعدم تكرار الأمر. لكن ما وُصف على أنه إحراج لإسرائيل، بعد اعتذار نتنياهو، لم يغيّر في أصل الموضوع.

ذلك أن هدف الاغتيال، كان إطاحة من تعتبر إسرائيل أنهم العثرة السياسية في إخضاع حماس، وأن جيشها يتولّى إخضاع القيادة العسكرية في القطاع.

وأمّا وقد فشلت المهمة الأولى، فإن ترامب، حمل مقترحاً ينقل مهمة إخضاع قيادة حماس إلى جهة أخرى غير إسرائيل. وهو ما قاله صراحة في اجتماع نيويورك، عندما طلب من تركيا وقطر ومصر ممارسة كل الضغوط على حماس للقبول بالخطة، وهو ما أعاده على مسامع القيادة التركية في اجتماعه الخاص مع إردوغان، ثم عاد وأفصح عنه في مؤتمره الصحافي مع نتنياهو.

كان ترامب شديد الوضوح، بأنه ليس أمام حماس من خيار سوى الخضوع، وأن على الدول المرحّبة بالخطة، أن تقوم بدورها في الضغط على حماس من أجل إلزامها بالسير بالخطة.

نجح ترامب في تثبيت خضوع دول عربية وإسلامية لقيادته، وهو توافق مع نتنياهو على وحدة الهدف، فيما الجميع يريد الضغط على الفلسطينيين وداعميهم، من أجل الاستسلام فوراً


خلال الساعات الـ36 الماضية، تكشّفت بعض المعطيات عن مداولات نيويورك، ولا سيما مواقف لافتة لكل من السعودية وتركيا ومصر. فالسعودية المعنية بإنهاء حكم حماس في غزة، ومحاصرة دورها في كل فلسطين، اعتبرت أن المهمة المعروضة الآن، لا تقضي بالضرورة بإبقاء غزة تحت وصاية أو انتداب دولي لفترة طويلة.

وهاجس السعودية في فلسطين، شبيه بهاجسها في لبنان وسوريا، حيث تتصرف أنها أمام فرصة لتولّي القيادة، وذلك من خلال دور تأسيسي للحكم في هذه الدول. وهو ما تعتقد أنها نجحت فيه في لبنان، وأنها داعمة له في سوريا.

أمّا مصر التي ربما «ربحت» تعهداً أميركياً بعدم تهجير أبناء غزة، فهي تعرف أن الأمر محصور في عدم إجبارها هي على استقبال مئات الآلاف من الغزيين، لكن مصر تعرف، أن خطة التهجير سوف تتخذ طابعاً مختلفاً في حال توقُّف الحرب، ونجحت خطة الانتداب على غزة.

لأنه سيصار إلى فتح باب الهجرة الطوعية، وسوف تجد مصر أن هناك مئات الآلاف من أبناء القطاع سيعبرون أراضيها باتجاه دول أخرى.

عدا أن مصر، لا تهمل تفصيلاً مهماً بالنسبة إليها، وهو السعي إلى جعل العريش، مركز تجمع وعمل برامج مساعدات غزة، أو إعادة الإعمار فيه. وهذه النقطة، غير أكيدة أيضاً، لأن في إسرائيل اليوم، من يعتقد أن الأموال التي سيدفعها العرب لإعادة الإعمار، لا يجب أن تذهب كلها إلى الآخرين، وهي سوف تستغلّ بند الشروط الأمنية في الرقابة على كل ما يدخل إلى القطاع، من أجل الفوز، بمناقصات وتعهّدات، تتعلق بالعمل داخل القطاع.

أما بالنسبة إلى تركيا، فإن ملاحظة قيادتها حول الخطة، تطرّقت في الأساس إلى الموقف من إقامة الدولة الفلسطينية. طبعاً، استمع ترامب إلى الحديث، وهو أشار إلى أن أميركا تتفهّم انضمام غالبية دول العالم إلى خطة إعلان دولة فلسطين.

لكن ترامب، قال إنه يتفهّم مخاوف إسرائيل. والمقايضة الوحيدة التي عرضها، تقول بأنه سوف يمنع إسرائيل من إعلان ضم الضفة الغربية وغور الأردن، مقابل عدم السير تنفيذياً في خطة إعلان الدولة الفلسطينية.

وهو أمر فهمه نتنياهو جيداً في اجتماعه مع ترامب، خصوصاً، عندما توافق الجانبان، على فكرة أن السلطة الفلسطينية الحالية، ليست مؤهّلة لأي دور جوهري في كل العملية، ما يعني العودة من جديد إلى الحديث عن «غياب الشريك الفلسطيني» لإقامة السلام.

في المحصّلة، نعود إلى الخلاصة التي خرج بها ترامب وأعلن عنها بعد الاجتماع مع نتنياهو، فهو من جهة عاد ليستعرض أفلامه الهوليوودية والاستعراضية، من دون أي ضمانة بنجاح خطته. لكن النتيجة الأكيدة، هي أنه اتفق مع إسرائيل على آلية، تفرض إخضاع الفلسطينيين للخطة، وهو إخضاع يتجاوز الفلسطينيين إلى الدول العربية والإسلامية التي رحّبت بالخطة.

وبهذا المعنى، فإن ترامب، عرف كيف يستفيد من ضربة قطر، ليس لأنه موافق أصلاً على تصفية قيادة حماس، بل لأنه شاهد بأمّ العين، حالة الرعب والذعر على وجوه من التقاهم في نيويورك، والذي أصابه القول المأثور بأن «اضرب الضعيف ضربة ينخلع لها قلب القوي».

وهو ما حصل في توجيه ضربة إلى قطر، الدولة الصغيرة التي لا تدّعي أنها رأس حربة في مواجهة أحد. ولكن في ضربها، ما يسمح بجعل الصدى يصل إلى مسامع دول أخرى، صاحبة طموح، قادرة على ادّعاء دور القيادة.

اليوم، يُعرض على الفلسطينيين خيار الاستسلام بعد كل ما قدّموه من تضحيات، حتى عملية تبادل الأسرى والمعتقلين، ليس فيها أي توازن عادل على الإطلاق. وليس عند أبناء غزة أي ضمانة بأن أبناءهم سوف يعودون إلى منازلهم أصلاً. عدا أن برنامج الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، لا يشتمل أصلاً على أي ضمانات أمنية بوقف عمليات العدو ضد من يعتبرهم «شركاء في عملية 7 أكتوبر»، أو ضد كل ما يعتبره تهديداً. وقد بدأت الأصوات في إسرائيل تخرج، قائلة بأن برنامج نزع سلاح حماس في غزة، لا يمكن ضمانه بوعود وتعهدات، وهم يعطون لبنان مثالاً على ذلك.

لكن، ما الهدف الفعلي من وراء كل ذلك؟

الحقيقة الوحيدة التي يجب التعامل معها بجدّية بالغة، هي أن التوافق الأميركي – الإسرائيلي لا يزال قائماً، وأن كل تحليل عن تباينات، ليس له مكان على أرض الواقع.

فأميركا تعرف، بأن أي تغيير فعلي، يتطلّب أولاً، وقبل كل شيء، إطاحة حكومة نتنياهو بشكل كامل، والإتيان بتحالف جديد هدفه تحقيق التسويات، في غزة وخارج غزة. لكن الأمر ليس رهن ما يريده العدو فقط، بل هو رهن ما تريده أميركا.

وأميركا مع ترامب، تفكر في أمر واحد، هو إخضاع الجميع، من الحلفاء والأعداء لبرنامجها، وهذا بحدّ ذاته، ما يوجب التنبه، إلى أن ما يجري الآن، قد يكون هدفه الفعلي، تهيئة الأجواء، ليس لاتهام حماس بعرقلة الخطة وتبرير الوحشية الإسرائيلية في غزة فقط، بل توسيع دائرة الاتهام، بما يبرّر العودة إلى توسيع الحروب في كل المنطقة، وهو ما يطابق شعار نتنياهو في خطابه الذي قال فيه إن السنة العبرية الجديدة، هي سنة القضاء على المحور الإيراني...

عين أميركا، وعين إسرائيل، وقلوب حلفائهما من الغربيين والعرب على إيران، وعلى حلفاء إيران في اليمن والعراق ولبنان. وهنا مربط الفرس، وهل بتنا أقرب إلى حفلة جنون جديدة!؟

الكلمات المفتاحية
مشاركة