إيران

اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم بتحليل المفاوضات الحالية غير المباشرة بين حماس والكيان الصهيوني بطريقة غير مباشرة.
وركزت بعض الصحف على آلية إيران لتجنب العقوبات الأخيرة، ولا سيما من خلال اعتمادها على طريق التجارة بالمقايضة.
المقاومة الذكية
بداية، قالت صحيفة "رسالت": "أراد رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو استغلال رفض حماس لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كدليل على تصلب المقاومة، وتبرير استمرار الحرب والمجازر في غزة، في حين أن خطوة حماس ستقلب الأجواء الداخلية ضد نتنياهو بشدة، وستزيد من احتجاجات الحركات السياسية والعسكرية ومستوطني الأراضي المحتلة، وهو ما يُعد بحد ذاته إنجازًا كبيرًا في حرب حماس الشاملة".
ووفقًا للتقارير المنشورة، قدمت حماس ردها على خطة ترامب المكونة من 20 نقطة للوسطاء. وفي هذا الرد، ومع قبول حماس لخطة ترامب برمتها، طلبت توضيحات حول بعض البنود، وأكدت أخيرًا تشكيل هيكل فلسطيني لحكم غزة. وقد اتخذت حماس هذا الإجراء في ظل تساؤلات عديدة حوله. هل كان قبول هذه الخطة نابعًا من ضعف حماس أمام الانتصار العسكري للكيان الصهيوني في غزة؟ هل انحرفت حماس عن مواقفها؟ ما هي أهداف حماس من قبول هذه الخطة؟ هل ستُحقق خطة ترامب أهدافها؟ ما هي العوامل التي ستؤثر في تحقيق هذه الخطة؟، بحسب قول الصحيفة.
ولفتت إلى أن وقف الهجوم العسكري، وانسحاب القوات الصهيونية من غزة، بالإضافة إلى إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتشكيل هيكل قائم على إرادة ورأي الفلسطينيين، هي مبادئ أكدت عليها حماس دائمًا، بل أكدت عليها بلغة أخرى بقبولها خطة ترامب. بناءً على ذلك، يمكن القول إن الأطر الفكرية والعملية لحماس لم تتغير، بل تغيرت تكتيكاتها فقط في تحقيق هذه القضية المهمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب، الذي فشل في معادلة أوكرانيا وإيران، يسعى الآن إلى إظهار نصر في غرب آسيا ليتمكن من استثماره محليًا ويجرب حظه في الفوز بجائزة نوبل للسلام مرة أخرى. وحماس، بفهمها الواضح لهذه القضية وقبولها المبدئي للخطة، حاولت الحد قدر الإمكان من أحادية ترامب تجاه أهداف الكيان الصهيوني، مما يدل أيضًا على حكمة المقاومة.
وتابعت: "على الرغم من حرص وسائل إعلام العدو والغربية على تصوير قبول حماس لخطة ترامب على أنه علامة على الضعف وفعالية العمليات العسكرية والعقوبات والحصار الإنساني لغزة، إلا أن الحقيقة هي أن ثقة حماس بنفسها في قبول الخطة والإعلان عن شروطها، إلى جانب السعي إلى توضيح بعض أحكامها، يعكس نمو حماس، التي لديها أيضًا، بالإضافة إلى سلطتها العسكرية في المجال الدبلوماسي، القدرة على تصميم حقوق الشعب الفلسطيني والسعي إليها. ويُظهر هذا القبول مسؤولية حماس تجاه الشعب، والتي تستخدم، بالإضافة إلى الأسلحة، المكونات الدبلوماسية لتخفيف آلام ومعاناة الفلسطينيين".
وأكدت أن النقطة المهمة هي أن حماس، بقبولها هذه الخطة، قد نفّذت مرحلةً أخرى من الحرب المشتركة ضد الكيان الصهيوني. وكان نتنياهو ينوي استغلال رفض حماس لخطة ترامب كدليل على تصلب المقاومة، وتبرير استمرار الحرب والمجازر في غزة، إلا أن خطوة حماس ستؤجج الأجواء الداخلية ضد نتنياهو بشدة، وستزيد من احتجاجات الحركات السياسية والعسكرية وسكان الأراضي المحتلة، وهو ما يُعدّ بحد ذاته إنجازًا كبيرًا في حرب حماس المشتركة. وتُظهر أدبيات حماس الشفهية ردًا على خطة ترامب أن المقاومة فهمت خطاب ترامب جيدًا، وسعت إلى انتزاع تنازلات للشعب الفلسطيني من خلال التحريض عليه. ويمكن اعتبار إشادة حماس بترامب ردًا على ذلك محاولةً لدفعه للضغط على الكيان الصهيوني، والاستجابة لمطالب حماس، وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة.
وأردفت أن "المسرح العالمي، من السياسيين والحكومات إلى الرأي العام والمنتديات الدولية، يدعم فلسطين بالكامل ويعارض الكيان الصهيوني، والذي يعد أسطول الحرية، والخطابات التي ألقيت في اجتماع الأمم المتحدة، والمظاهرات الشعبية، وتصنيف العدو الصهيوني كمجرم حرب من قبل المؤسسات الدولية وحقوق الإنسان، إنجازات حققتها مقاومة غزة على المسرح العالمي. وإن قبول خطة ترامب، التي توضح طبيعة حماس الساعية للسلام، يمهد الطريق لمواصلة الحفاظ على هذه المساحة، والتي تشكل بُعدًا آخر لحرب حماس ضد الكيان الصهيوني".
الملحمة الخالدة لحماس
من جهتها، ذكرت صحيفة "وطن أمروز": "في حرب العامين التي شنّها الصهاينة على غزة، والتي كان من المفترض أن تُدمّر قوى المقاومة الفلسطينية بسرعة، يُجبر الصهاينة أنفسهم الآن على التفاوض مع ممثلي المقاومة الفلسطينية وحماس في شرم الشيخ بعد عامين من حرب غزة".
ورأت أن موافقة الصهاينة على التفاوض مع قوات حماس في غزة هي في حد ذاتها السبب الأكبر لفشل العملية العسكرية الصهيونية ضد المقاومة الفلسطينية، ففي بداية الحرب التي شنّها على غزة، حدد نتنياهو أربعة أهداف لحربه: تدمير حماس، وإعادة الأسرى الصهاينة عبر الخيار العسكري، والسيطرة الدائمة على محوري "فيلادلفيا" و"نتساريم"، وتطبيق بنود خطة الجنرالات الصهاينة (استئناف بناء المستوطنات في قطاع غزة).
وتابعت: "بعد مرور عامين على بدء حرب غزة، لم تُدمَّر المقاومة الفلسطينية وقوات حماس في غزة فحسب، بل فشل نتنياهو أيضًا في تحقيق أي نصر في تنفيذ خطة الجنرالات وتثبيت وضعه في غزة خلال هذين العامين، ولا يزال وضع عشرات الأسرى "الإسرائيليين" في غزة غامضًا. ولا يعلم الصهاينة حتى ما إذا كان أسراهم أحياء أم أمواتًا، وفي ظل هذه الظروف، جلس مسؤولو حكومة نتنياهو على طاولة المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "من ناحية أخرى، هناك هوة كبيرة ليس فقط بين "إسرائيل" وحماس، ولكن أيضًا بين "إسرائيل" والدول العربية أثناء المفاوضات في مصر، حيث كان قد أخبر نتنياهو مجموعة من أقارب السجناء "الإسرائيليين" أنه لن يسمح للسلطة الفلسطينية بحكم قطاع غزة بعد الحرب، لكن الدول العربية تصر على أن غزة يجب أن تحكمها السلطة الفلسطينية بعد الحرب. وبالتزامن مع المحادثات المصرية، أكد وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وباكستان وتركيا والسعودية وقطر أيضًا على إدارة غزة من قبل السلطة الفلسطينية بعد الحرب، لكن الصهاينة في خلافات عميقة حول هذه القضية ليس فقط مع حماس، ولكن أيضًا مع الدول العربية".
الخطة الشرقية للتغلب على العقوبات الغربية
بدورها، أشارت صحيفة "مردم سالاري" إلى أن "العديد من اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا، بما في ذلك الصين وباكستان وإيران، لجأت إلى تجارة المقايضة لتجنب آثار العقوبات الثانوية. وقد عادت هذه الممارسة، التي كانت في السابق وسيلة شائعة لتجاوز معاملات الصرف الأجنبي، إلى الظهور في التجارة العالمية".
وقالت: "لقد أحدثت الحرب بين روسيا وأوكرانيا تحولًا كبيرًا في التجارة العالمية، حيث أصبحت موسكو الآن واحدة من الدول الأكثر تضررًا من العقوبات، وقد أجبرت العقوبات المتزايدة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلفاء آخرين روسيا على إحياء نظام المقايضة الذي يعود تاريخه إلى قرون".
وقد لجأت العديد من اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا، بما في ذلك الصين وباكستان وإيران، إلى تجارة المقايضة لتجنب آثار العقوبات الثانوية.