لبنان

تخليدًا للدماء الزاكية، وفي الذكرى السنوية الأولى لارتقاء شهداء بلدة تولين على طريق القدس، أحيا حزب الله الاحتفال التكريمي في النادي الحسيني لبلدة تولين الجنوبية، بحضور عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الدكتور علي فياض، إلى جانب عوائل الشهداء، وعلماء دين، وفعاليات، وشخصيات، وحشود من البلدة والقرى المجاورة.
وبعد تلاوة آياتٍ من القرآن الكريم، ألقى النائب فياض كلمةً أكّد من خلالها معرفة المقاومة بالقدرات العسكرية الرسمية للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية، مشدّدًا على أنه لا يمكن بأي منطق وطني أو سياسي أو أخلاقي أن يكون الاختلال في موازين القوى ذريعةً للاستسلام أو للتفريط بالمصالح والحقوق السيادية اللبنانية، إذ لا يجوز أن نرمي كل أوراق قوتنا أو أن نستسلم أو أن نتراخى عن حقوقنا الطبيعية، انطلاقًا من أن الطرف الآخر يملك ترسانةً أكبر، فهذا أمر غير منطقي بأي مقياس.
واعتبر فياض أنّ على الدولة أن تعيد تقويم الموقف، وأن تتعاطى بجدية أكبر مع هذه التهديدات، وأن تستنفر أدواتها الدبلوماسية والسياسية وصداقاتها على المستوى العالمي، وأن تستنفر وزاراتها وأجهزتها لتقديم شكاوى، والقيام بحركة دولية، وتحريك البعثات الدولية، والتعاطي بحيوية أعلى وأكثر فاعلية، وأن تقول لكل المعنيين بهذا الملف إنه لا بحث في أي نقطة قبل أن يلتزم "الإسرائيلي" بوقف إطلاق النار، وينسحب من أرضنا، ويوقف الأعمال العدائية، ويطلق الأسرى اللبنانيين، وألّا يمنع الأهالي في القرى الأمامية من العودة إلى قراهم.
وشدّد فياض على أنه قبل تحقيق هذه المطالب لا بحث في أي نقطة أخرى، مشيرًا إلى أننا كلبنانيين معنيون بين بعضنا في ما يتعلق بشمال النهر، أما ما عدا ذلك فعلى "الإسرائيلي" أن يلتزم قبل أي شيء آخر، سائلًا: "أين العيب في هذا الموقف؟ فهل نطالب بشيء غير منطقي أو غير عقلاني؟".
وقال فياض إن "الإسرائيلي" في الأيام الماضية صعّد ضد المدنيين اللبنانيين، وليس مرشّحًا في الفترة المقبلة أن يتراجع عن هذا المسار، لا هو ولا راعيه الأميركي، والمنطقة بأكملها تمرّ بمرحلة متحوّلة تنطوي على مسارات خطيرة، فإذا كان المسار "الإسرائيلي" تصعيديًا، والمنطقة تتجه نحو وجهة خطيرة، فنحن كلبنانيين نحتاج إلى تهدئة الساحة الداخلية، وإدخالها في مسار من التهدئة في علاقات اللبنانيين بعضهم مع بعض.
ورأى فياض أنه ليس هناك أي مصلحة أكيدة في رفع مستوى الانقسام والتناقض والتعارض على المستوى الداخلي اللبناني، فكفانا شروخًا وتعقيداتٍ وتناقضاتٍ وانشغالًا بقضايا هامشية تُبعِد الاهتمام اللبناني عن التوجّه لمواجهة الخطر "الإسرائيلي" الذي يشكل الخطر الأساسي على لبنان، داعيًا كل الجهود، الرسمية وغير الرسمية، إلى أن تتعاطى على أساس أن الخطر الأساس هو الخطر "الإسرائيلي"، معتبرًا أنّ هذا الأمر يستدعي وقف الشحن الداخلي، وحقن العلاقات الداخلية بعناصر التوتير والاضطراب التي لن تكون، على الأكيد، في مصلحة المواجهة مع العدو "الإسرائيلي" أو في مصلحة إعادة بناء الدولة أو في مصلحة إطلاق مسار التعافي الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي يجب أن نتعاون جميعًا من أجل إنجازه.
وأضاف فياض: "إذا كنا نفكّر بمصلحة البلد، فعلينا أن نفكّر بهذه الطريقة، وهذا الأمر أيضًا يستدعي من الدولة أن ترفع من مستوى اهتمامها بمئات الآلاف من اللبنانيين الذين دُمّرت أو تضرّرت بيوتهم، هؤلاء مقبلون على موسم الشتاء، ويحتاجون إلى رعاية خاصة في ما يتعلّق بالإيواء والتقديمات الاجتماعية والصحية والتربوية، مئات الآلاف ما يزالون خارج بيوتهم المهدّمة أو المتضرّرة، فماذا تفعل الدولة؟ الدولة حتى اللحظة سحبت يدها بالكامل".
وأردف: "للأسف نقول هذا ونحن نتابع هذا الملف ليلًا ونهارًا، وكنا نأمل أن تتضمن موازنة عام 2026 بندًا صريحًا لإطلاق عملية إعادة ترميم البيوت المهدّمة، وأن تتضمّن مساعدات واضحة على مستوى الإيواء والتقديمات الاجتماعية والتقديمات الأخرى التي يحتاجها أهلنا النازحون."
وتابع: "مما يدعو للأسف أيضًا، هو أن القانون الذي صدر عن مجلس النواب، وهو قانون إعفاء المتضرّرين من الأعمال العدائية "الإسرائيلية"، لم يُنفّذ بعد، رغم أن معظم مواده لا تحتاج إلى مراسيم تطبيقية، بل إلى متابعة فقط، وحتى اللحظة لم يأخذ هذا القانون مجراه نحو التنفيذ، ولا نعلم هل هناك نوايا مبيّتة لإعاقة أو إبطاء تطبيقه، أم أنه مجرد تعثّر إداري من قبل الوزارات والمؤسسات المعنية."
وختم النائب فياض بالقول: "على السلطة أن ترفع من مستوى اهتمامها بأهلنا، وعلينا جميعًا أن ندفع الساحة الداخلية نحو إعادة ترتيب العلاقات بين اللبنانيين، وتهدئة الساحة، والإقلاع عن الانشغال بالقضايا الهامشية، ووقف عمليات الشحن والتوتير التي لا تخدم الاستقرار اللبناني ولا مواجهة العدو "الإسرائيلي"".