اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي القسام: ملتزمون بالاتفاق ما التزم الاحتلال.. وقضية الأسرى ستبقى على رأس أولوياتنا

مقالات مختارة

هل قلت إنّ حزب الله انتهى؟
مقالات مختارة

هل قلت إنّ حزب الله انتهى؟

43

صحيفة الأخبار

لم يكن الاحتفال الذي نظّمته كشافة الإمام المهدي، في المدينة الرياضية في بيروت أمس، حدثًا عاديًا لحركة كشفية في بلد كلبنان، ولا مجرّد عرض روتيني لجهة كحزب الله. الفكرة الأهمّ أنّ الحدث، رغم التعتيم الإعلامي من قنوات الوصاية الخارجية والتقصير في نقل صورته الكاملة إلى أكبر عدد ممكن من اللبنانيين والعرب والأجانب، حمل رسالة واضحة، هي الثالثة خلال أقلّ من سنة.

جاءت الرسالة الأولى حين عاد الناس إلى قراهم ومدنهم، ودفَعوا دماءهم ثمنًا لهذه العودة، ولا يزال معظمهم صامدًا، على قساوة الوضع، في القرى الأمامية وبقيّة مناطق الجنوب.

والرسالة الثانية يوم تشييع الأمينين العامّين الراحلين لحزب الله، الشهيدين السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وتوّجت لاحقًا في الاحتفال السنوي بذكرى شهادة السيد نصر الله، قرب مرقده على طريق المطار. أمّا احتفالية الأمس، فلم تكن عادية، لا سيّما بعد نشر معلومات، لم يُكشف عنها بالكامل، تفيد بأنّ شبكة يديرها الموساد ال"إسرائيلي"، كانت تخطّط لاستهداف احتفال ذكرى الاستشهاد في 25 أيلول، بما في ذلك اغتيال رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، لدى وصوله إلى بيروت للمشاركة في الاحتفال.

قبل إحياء الذكرى السنوية، التزم حزب الله الصمت بشأن المعطيات التي بحوزته حول شبكة العملاء، حفاظًا على سلامة التحقيقات وتجنّبًا لإثارة الذعر. واتّخذ إجراءات احترازية دقيقة، منها عدم توجيه دعوة عامة للمشاركة، ما أسفر عن حضور أعداد أقل من المتوقّع.

رغم ذلك، حضر ضعف ما قدّره المنظّمون يومها. أمّا في ما يتعلّق باحتفال الأمس، فلم يُجرَ أي تعديل أو إلغاء، واقتصرت التعديلات على ضبط حجم الحشود بما يتناسب مع قدرة الملعب على الاستيعاب. علمًا أنّ الإجراءات الأمنيّة التي رافقت الاحتفال كانت مشدّدة للغاية، واستدعت وجود فريق واسع من المشرفين على التنظيم والأمن.

في المحصّلة، حمل ما جرى أمس، رسالة واضحة إلى مَن يعنيهم الأمر، حول واقع حزب الله وجمهور المقاومة في لبنان. وأبرز ما في هذه الرسالة:

 - إنّ مَن يظنّ أنّ الحزب انهار، عليه أن يعيد النظر في تقديراته، فمَن ينظّم احتفالًا بهذا الحجم وبالحشود القادمة من مختلف المناطق اللبنانية، لا يمكن أن يكون حزبًا منهكًا أو مفكّكًا، كما أنّ عليه التدقيق جيدًا في قدرة الحزب على التعبئة والتنظيم والإدارة الميدانية الدقيقة، ما أدّى إلى تنظيم الفاعلية بسلاسة ومن دون أي حوادث أو إشكالات، في ما كان التنسيق مع المؤسّسات الرسمية المعنيّة على أعلى المستويات.

ثانيًا: أنّ مَن يظنّ أنّ حزب الله، بات محشورًا أو عاجزًا عن التعبير عن مواقفه في الشارع، كان مخطئًا تمامًا. فقد تبيّن أنّ الحزب، متى قرّر النزول إلى الساحات دفاعًا عن سلاحه أو رفضًا لقرارات قرارات فتنوية كالتي تتّخذها الحكومة، قادر على ملء شوارع المدن وساحاتها في كلّ لبنان. وهو إن فعل ذلك في سياق ردّه على العدوان عليه، فلن يقوم بما من شأنه استفزاز أحد. وهو ما حصل أمس، إذ لم يخرج أبدًا من أبناء المنطقة القريبة من المدينة الرياضية أو الطرقات المؤدّية إليها، أي احتجاج يمكن وضعه في خانة أنّ هناك مَن استفزّه الحدث.

ثالثًا، وهو الأهمّ، أنّ حزب الله الذي قدّم نحو خمسة آلاف شهيد في الحرب الأخيرة على لبنان وعليه، قدّم أمس، صورة حيّة عن جيلين جديدين يقتربان سريعًا من مرحلة الانخراط الكامل في أنشطة الحزب، السياسية والعسكرية على حدّ سواء، ما يطرح تساؤلات حول كيفية تفكير خصوم الحزب في الداخل قبل أعدائه في الخارج.

ومن يريد أن يقنع نفسه بأنّ الحزب انتهى، كان عليه أمس، مراجعة أسباب عجز كلّ حملته الإعلامية وضغطه السياسي واستفزازه وحصاره عن زحزحة الحزب أو جمهوره عن موقعهما قيد أنملة.

بالأمس، أرسلت المقاومة إشارة إضافية ليس لخصومها العاديين، بل لعدوّها الرئيسي في الجنوب: مفادها أنّ مرحلة التعافي التي يمرّ بها الحزب على مستوى بنية العمل المدني والسياسي والعسكري، قطعت شوطًا مهمًّا. علمًا أنّ الجميع يعلم بأنّ أحدًا من العموم أو حتّى من أهل الاختصاص، لا يعرف شيئًا عن برامج عمل الحزب الأمنيّة والعسكريةـ وسط سيل من التحليلات والتقديرات والتأويلات. وهذا لا يلغي أنّ العدوّ يعمل بكلّ طاقته لمواصلة الإحاطة المباشرة والإطباق الاستخباراتي ليبقى قارئًا لحركة المقاومة بكلّ أجنحتها.

والمؤكّد أنّ ما جرى أمس، كان رسالة صارخة الوضوح موجّهة إلى "أصحاب الرؤوس الحامية" في لبنان، من مسؤولين في مراكز السلطة إلى سياسيين يستعدّون للانتخابات، وإلى أبواقٍ إعلامية تنتشر كالفطر على الشاشات وصفحات التواصل الاجتماعي، تدعوهم إلى النظر بموضوعية وواقعية إلى الوقائع والأحجام والأدوار في الساحة اللبنانية. ليس بالضرورة لإجبارهم على إعادة حساباتهم، بل على الأقلّ لتحسين سلوكهم إذا أصرّوا على المضيّ في معركة محاصرة الحزب داخليًا خدمةً لمصالح قوى الوصاية الأميركية والسعودية، وأعوانهما في لبنان.

الكلمات المفتاحية
مشاركة