عين على العدو

أشارت المحللة السياسية أنّا بارسكي، في صحيفة "معاريف" الصهيونية، إلى أنّ: "الرئيس الأميركي دونالد ترامب استثمر رأسمالًا سياسيًا كبيرًا في قمة شرم الشيخ، جمع حوله زعماء وقّعوا على الورق لا على الصورة فقط، وخلق التزامًا إقليميًا نادرًا"، لافتةً إلى أنّ "مشروع كهذا لا يُترَك في منتصف الطريق. الرجل الذي هو في أميركا جرّار بلا رخصة، يصل إلى الشرق الأوسط ومعه جرافة بملعقة ضخمة ووقت تأجير محدود بثلاث سنوات. لن يُضَيِّع هذا الوقت الثمين على أضواء متقطعة في القدس".
وأردفت: "ينبغي الانتباه لما جرى وراء الكواليس، دعوة نتنياهو إلى شرم الشيخ لم تولد من العدم، ووفقًا لمصادر موثوقة يمكن الاعتماد عليها، فإن ترامب نفسه هو من طلب من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إرسال الدعوة، أما الرد، والذي جاء بعد تأخير قصير، فكان "لا"، بحجة قدسية العيد. إذ من غير الواضح ما إذا كان المقصود هو رئيس الحكومة نفسه أم شركاؤه الحريديم، لكن من يهتم أصلًا بفروق دقيقة في عذرٍ كبير؟".
وتابعت بارسكي: "ربما تبدو هذه تفاصيل بيروقراطية، لكنها عمليًا حرمت القمة من فرصتها للتحول من حدث رمزي إلى طاولة عمل حقيقية. والأهم أنها قلّصت النفوذ "الإسرائيلي" في رسم ملامح اليوم التالي، فعندما توجد خطة وكرسيك فارغ، يكتب الآخرون بنود الحكم والأمن والإعمار بدلاً عنك"، مشيرةً إلى أنّه: "من جهة أخرى، قد يكون نتنياهو قدّر بأدب وقال "شكرًا، ولكن لا" لأنه رأى أن المشاركة في حدث كهذا، من دون تحضير كافٍ وبأسلوب مرتجل، قد تتحول من فرصة إلى فخ سياسي، ليس سهلًا أن تعارض مباشرة أفكارًا ترفضها بشدة، خصوصًا في اجتماع وجهًا لوجه دُعيت إليه بوساطة رئيس الولايات المتحدة، وخاصة عندما يكون الرئيس في مزاج "سلام هنا والآن"، هل أخطأ نتنياهو أم أصاب؟ سنعرف في المستقبل القريب".
ورأت المحللة الصهيونية أنّ ""إسرائيل"، التي اعتادت أن تشرح للعالم "نحن من نقرر متى تنتهي الحرب"، تكتشف الآن أن المعايير تحدَّد من الخارج، يمكنها أن تتذمّر أو تحتج أو تمتنع عن الذهاب إلى شرم الشيخ في اللحظة الأخيرة بذريعة موسمية، لكن القافلة الدبلوماسية تمضي في طريقها". ولفتت إلى أنّ: "الفرصة التي ضاعت في شرم الشيخ أثبتت ذلك بوضوح: فلو كانت هناك مشاركة إسرائيلية فعالة، لكان بالإمكان تحويل بنود الأمن والإعمار من بروتوكول إلى واقع ميداني، وضمان أن تُكتب آليات المراقبة والمعابر بلغة تنسجم مع احتياجات الأمن، لا فقط مع متطلبات الصورة العامة".
وعن أثر التداعيات في "إسرائيل"؛ أشارت بارسكي إلى أنّ:
1. تجدد القتال الكبير ليس مطروحًا على الطاولة. في أفضل الأحوال، ستكون هناك عمليات محدودة تحت مظلة دولية. من يبيع للجمهور أوهام جولة تصحيح يروّج لبقايا الدعاية.
2. الساعة السياسية تتحرك بسرعة. وأطر الإعمار والأمن ستسير وفقًا لإيقاع البيت الأبيض والقاهرة والرياض؛ أما المماطلة ستؤدي إلى عقوبات ناعمة وعزلة وتجميد مسارات التطبيع، وقبل كل شيء فقدان القدرة على التأثير في تفاصيل التنفيذ.
3. السياسة الداخلية تتجه إلى مزيد من التوتر. لحظات النشوة في تصفيق الكنيست تُستبدل بمعارك ائتلافية على كل فاصلة. ووضع شروط للتعاون مع الخارج سيصبح عملة تبادل بين الشركاء الائتلافيين.
4. الساحة القضائية تدخل من الباب الخلفي. وأحاديث العفو لا تتعلق فقط بمتّهم معين، هي ميدان قتال على رموز الدولة. وكلما زادت المراسم تآكلت المؤسسات، وحين تحتاج إليها الدولة فعلاً، لن تجد لها درعًا يحميها.
5. لقمة الزعماء قيمة سياسية. والحضور في الوقت المناسب يمنح أسهم إدارة في لوحة التخطيط، أما الغياب فيمنح أسهم صورة فقط.
وأضافت: "الاتجاه قد تحدد بالفعل. "إسرائيل" تستطيع أن تناقش خط التماس وسماكة الحاجز وعدد المراقبين وصياغة البيانات، لكن اتجاه الريح واضح". وأشارت إلى أنّ "من يقول للجمهور "أعطونا بضعة أسابيع وسنعود إلى ذلك"، إنما يسوّق وهمًا سيتحطم عند رصيف شرم الشيخ؛ فالعيد لم يأتِ على حين غرة، والعالم لن يغيّر جدول أعماله؛ لأن سياسيًا في الداخل لديه انتخابات تمهيدية".