اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الصحة العالمية: أكثر من 15 ألف فلسطيني بُترت أطرافهم جراء الحرب على غزة

خاص العهد

خاص العهد

"المقاومة والهوية الوطنية في خطاب السيد نصر الله".. تحليل أكاديمي لخطب سماحته

78

لطالما شكلت الكلمة في مسار الحركات المقاومة عنصرًا محوريًا لا يقل أثرًا عن العمل العسكري. وقد برز خطاب سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله السياسي ظاهرةً لغوية وسياسية فريدة تستحق التوقف والدراسة، لما تحمله من أبعاد دلالية وعمق الحجج وتأثير واسع المدى في المتلقين، سواء أكانوا من أنصاره أو من خصومه.

في محاولة لتقديم قراءة موضوعية تُظهر كيف تُستخدم اللغة سلاحًا للمقاومة، وكيف تتجلى القصدية في خطابات سماحته التي تعبّر عن واقع شعب وهوية وطن، كان كتاب "المقاومة والهوية الوطنية في خطاب السيد حسن نصر الله" للكاتبة أوديت هاني قروشان، والتي وقعته في الملتقى الثقافي اللبناني، في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد السيدين، السيد حسن نصر الله وصفيه الهاشمي السيد هاشم صفي الدين. 

تتحدث الكاتبة أوديت هاني قروشان عن كتابها، مشيرةً إلى أنه يتضمن المنهج التداولي اللغوي، وهو منهج نقدي باللغة العربية، يتناول اللغة في سياق الزمان والمكان والظروف والمناسبة. وقد كان هذا المنهج الأنسب لتطبيق تحليل خطاب سماحة السيد نصر الله (رض)، والوصول إلى قصدية الكاتب، سواء أكانت قصدية ظاهرة أم خفية.

في حديثها لموقع "العهد" الإخباري، تقول الكاتبة إنها قامت "بتطبيق منحى الاستلزام الحواري ومنحى الحجاج اللغوي"، موضحة أن منحى الاستلزام الحواري يعالج مبدأ خرق الكم والكيف وخرق المناسبة. ويدرس كمية المعلومات التي تُقدّم لفكرة واحدة، وتكرار الفكرة وطريقة طرحها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مع إدراج المناسبات المعينة. ومن خلال هذا المنحى يمكننا تحليل القصد غير الظاهر في الكلام، من خلال ارتباط اللغة بالسياق والحدث الذي قيل فيه الخطاب. أما الحجاج اللغوي فله آليات أبرزها السُلميات الحجاجية، والتي تبدأ بالحجة الأضعف، مرورًا بالأقوى، وصولًا إلى الحقيقة المطلقة، وهي وسيلة فعّالة للإقناع.

تلفت قروشان إلى أنها قامت بتطبيق هذا المنهج التداولي اللغوي بهذه المناحي على خطب سماحة السيد حسن نصر الله في ثلاث مناسبات: مهرجان الانتصار في العام 2000، ومهرجان الانتصار في العام 2006، ومهرجان الانتصار في العام 2017، واختارت هذه الخطب لأهميتها، ولأنها تشترك بفكرة الانتصار، ولأنها تُظهر تطور المقاومة وارتباطها بالهوية الوطنية في كل مرحلة من هذه المراحل، وتُظهر تطور عملها وعلاقتها مع الجيش والشعب ضمن المعادلة الذهبية. كما تُظهر هذه الخطب ثبات العقيدة التي حمت المقاومة منذ نشأتها، من أول انتصار لها وصولًا إلى انتصار العام 2017، وتؤكد أن العدو التكفيري هو جزء لا يتجزأ من العدو الصهيوني الذي نحاربه حتى يومنا هذا.

عن الدافع لاختيار خطابات السيد، تقول قروشان: "إن الخطاب السياسي يشكّل أكبر مساحة للتفاعل بين المتكلم والمتلقي، وخطاب سماحته يُعد أهم الخطابات التي تستحق الدراسة، والتي تُدرس في جامعات عالمية وأجنبية، كما أنها حظيت بعدد من الدراسات في الوطن العربي، لكن ما يزال هناك حيز كبير يحتاج إلى البحث والتحليل".

وتشدد في هذا الصدد على أن السيد نصر الله هو شخصية مميزة نستطيع، من خلال خطاباتها وكلامها، استشراف المستقبل، وربط الانتصار بأهمية اللغة والخطاب، وصولًا إلى التأثير الحقيقي الذي يحققه، فخطابه شكّل الدافع الأول للمقاومين، ومحطات انطلاق لهم، وكثيرًا ما كان يردع العدو، لكونه لغة فعالة اجتماعيًا وعسكريًا وسياسيًا.

أما على المستوى الشخصي، فقد بدأت علاقتي بخطاب السيد منذ الطفولة، على ما تورد قروشان، عندما كنت أتابعه وعمري ثلاث سنوات، مع أنني لم أكن أفهم مضمون حديثه، لكن صورة انتظار العائلة له والحماسة لخطبه ترسّخت في ذاكرتي. ومع الوقت والنضج والإلمام بالشأن السياسي، أصبح سماحة السيد مصدر الأمان المرجو. إذ إن لبنان، حتى الوطن العربي كله، كان في أمان تحت ظل سماحته الذي يضبط زمام الأمور. وخطابه كان بداية لمسار وعي تشكّل بداخلي قبل أن أتعمّق في مفاهيم اللغة والنقد والتحليل. من هنا، ولما لسماحته من مكانة خاصة لدي، كانت خطبه أساسًا لبحثي في رسالة الماجستير. وكان الهدف من بحثي أن أقدّم شيئًا جديدًا في الدراسات عن خطاب سماحة السيد. 

لقد توصلت من خلال البحث إلى نتائج جديدة - تتابع الكاتبة - أبرزها أن المقاومة والهوية الوطنية مرتبطتان ارتباطًا وثيقًا، ولا يمكن الفصل بينهما. خلافًا للآراء المغرضة التي تدّعي أن هدف العمل المقاوم هو إلغاء الهوية الوطنية، بل على العكس، لا هوية وطنية من دون مقاومة، ولا بقاء للهوية إلا باستمرار المقاومة التي تحميها.

وتردف: "كان الكتاب دراسة لنيل شهادة الماجستير في اختصاص اللغة العربية بإشراف الدكتور أكرم محمد نبها، وتبنّت دار "كاف" للنشر طباعته".

كما تلفت الكاتبة في معرض حديثها إلى أن: "كل محاولات البحث والتدقيق في لغة خطاب السيد، والسعي وراء فهم قصدية المتكلم وملكته التأثيرية المميزة لإقناع المتلقي مهما كان موقفه، تبقى قاصرة عن بلوغ قوة وتأثير اللحظة الخطابية وظروفها وشخص المتحدث"، مردفة: "مهما قدمنا من بحوث وتحليلات وتفكيك لغوي، يبقى للخطاب الحي، بشخص سماحته، خصوصية فريدة لا تصل إليها أي دراسة".

وختمت: "أهمية طبع هذا الكتاب تنبع من الرغبة في أن نكون جزءًا، ولو بسيطًا، من العمل المقاوم. هو محاولة لإيصال كلمة المقاومة الحقيقية إلى أوسع شريحة ممكنة، سواء أكانوا من الباحثين في مجالات اللغة أم السياسة، أم من الناشئة الباحثين عن مواضيع للدراسة، وكذلك إلى المفكرين والنقاد. وإن طباعة هذا الكتاب هو فعل مقاومة ثقافية، وإسهام فكري في توثيق الخطاب وتحليله وإبرازه وسيلةً فعالة من وسائل المقاومة والتأثير".

الكلمات المفتاحية
مشاركة