ترجمات

في مقالة نشرت بمجلة The American Conservative، يتناول الكاتبان براندن باك وبيكيت إلكينز شعار "السلام عبر القوّة"، مسلطَين الضوء على استخدامه المتكرّر من جانب الإدارات الأميركية، خاصة صقور الجمهوريين الذين اعتمدوه كأداة سياسية لتقويض خصومهم الليبراليين، واتهامهم إما بالاندفاع نحو الحروب أو بالعجز عن تحقيق النصر.
وأشار الكاتبان إلى أنه، وبينما وضع مستخدمو "السلام عبر القوّة" هذا الشعار في سياق النهج المختلف عن سياسات التدخل "الليبرالية"، إلا أن الشعار حافظ على فرضيات جوهرية في النظام "الليبرالي" الذي ساد بعد الحروب العالمية. كما أردفا بأن المدافعين عن "السلام عبر القوّة" استخدموا هذا الشعار في كلّ مواقف السياسية الخارجية كما يبدو، من الاحتواء إلى التراجع إلى شن الحروب إلى الجهود الدبلوماسية.
كذلك تابع الكاتبان، أن شعار "السلام عبر القوّة" دائمًا ما كان بمنزلة "الطعم والتبديل" الكلامي، حيث رسخ النظام العالمي الليبرالي الذي زعم الصقور المحافظون أنّهم يعارضونه. وقالا إن الشعار لم يكن مجرد أداة من أجل مغازلة الرأي العام، بل كان أيضًا "طعمًا وتبديلًا" سياسيًّا، حيث أعطت إدارتا Truman وEisenhower المبررات غير المباشرة من أجل دمج سياسات لا تحظى بتأييد الشارع، مثل المساعدات الخارجية والالتزامات الدبلوماسية، ضمن ما بدا كأنه إستراتيجية سياسية خارجية واقعية.
كذلك أضاف الكاتبان، أنه وبينما فسر العديد من الأميركيين مصطلح "القوّة" في الشعار المذكور على أساس أنه يشير إلى بناء القدرات العسكرية الدفاعية، إلا أن إدارة Eisenhower كانت أكثر استعدادًا للإبقاء على التزامات أميركا الخارجية. وتابعا بأن الرئيسين الأميركيين الجمهوريين السابقين جيرالد فورد ورونالد ريغن استخدما الشعار بشكل ينسجم إلى حد كبير مع جذوره التي تعود إلى مدرسة الليبراليين الدوليين، حيث وُضعت الأهداف في سياق الأهداف المثالية بدلًا من أن تكون مجرد وسائل من أجل تحقيق الهدف.
وبحسب الكاتبين، فإنّ ريغن هو من رسخ مكانة الشعار في "روح" السياسة الخارجية الجمهورية، واستكمل تحويله من موقف واقعي توفيقي إلى موقف مثالي. كما أشارا إلى أن التزام ريغن بشعار "السلام عبر القوّة" دائمًا ما ترافق مع أهداف سياسية مثل الحرب بالوكالة المتواصلة في نيكاراغوا وحملات "مكافحة الإرهاب" العالمية وزيادة الميزانية العسكرية في أوقات الحرب.
كما لفت الكاتبان إلى أنّ ريغن وضع في الوقت نفسه هذه السياسات في الإطار المثالي ذاته، على غرار الرؤساء من المدرسة "الدولية" خلال الحرب الباردة، ولكن مع إضافة "الاستثنائية الأميركية". كذلك أشارا إلى أن ريغن، وخلال خطاب حملته الانتخابية عام 1980 قدم توصيفًا دينيًا لسياسته الخارجية؛ إذ قال: "نرى في الكتاب المقدس إشارات إلى صناع السلام - الذين يأخذون المواد في هذا العالم غير الكامل وبعملهم الشاق وبعون الله يصنعون السلام في العالم من خلال هذه المواد". بناء عليه قال الكاتبان، إن ريغن قام بتحويل "السلام عبر القوّة" من مبدأ إستراتيجي إلى حملة أخلاقية.
كذلك أردف الكاتبان، بأن هذا الاتّجاه استمر إلى حقبة التسعينيات، وبأن حقبة ترامب شهدت مجددًا عودة هذه الديناميكية، حيث يتعهد قادة جمهوريون بتغييرات راديكالية، فيما يحافظون على سياسة خارجية "ليبرالية" تعود إلى ما بعد حقبة الحروب العالمية، وذلك تحت رعاية "السلام عبر القوّة".
وقال الكاتبان، إنه وبينما وجّه ترامب كمرشح رسائل تفيد بالابتعاد عن سياسة واشنطن التقليدية—خاصة على صعيد علاقات أميركا الأمنية مع أوروبا وتورطها المباشر في الحروب الطويلة في الشرق الأوسط— فإن ترامب وبعدما أصبح رئيسًا لا يختلف كثيرًا عن مؤسسة السياسة الخارجية التي ترشح ضدّها.
كما أردف الكاتبان، بأن ترامب يبقى ملتزمًا بالوضع القائم على صعيد العلاقات الأميركية "الإسرائيلية"، وأيضًا بمواصلة تدفق السلاح والمساعدات إلى "أعظم حليف لأميركا" (أي "إسرائيل")، على الرغم من أنه أحيانًا ما ينتقد السلوك "الإسرائيلي" في غزّة وأيضًا حيال إيران.
كذلك أضاف الكاتبان، بأن سياسات ترامب لا تزال تصور الولايات المتحدة كما لو أنها الزعيم العالمي، على الرغم من أنه ترشح تحت شعار أميركا أولًا. وأردفا بأن البيت الأبيض لا يزال يوازي بين التعهد بوضع الشعب الأميركي أولًا وفي الوقت نفسه الإيفاء بالالتزام حول إعادة السلامة والأمن في العالم، منبهَين إلى أن هذه الأهداف تتعارض مع بعضها.
كما تحدث الكاتبان عن بقايا من المحافظين الجدد وغيرهم من الصقور الجمهوريين الذين يواصلون تأييد التدخل تحت مسمى "السلام عبر القوّة". وتابعا بأن شعار "السلام عبر القوّة" تبين خلال العقود السبعة المنصرمة أنه ليس عبارة عن عقيدة متماسكة بقدر ما هو "إناء" يضع فيه القادة الجمهوريون المتعاقبون أولوياتهم، فيما يحافظون على التموضع العالمي والفرضيات الجيوسياسية ذاتها كما أسلافهم في الحزب الديمقراطي. كذلك قالا، إن المحافظين الجمهوريين في حقبة ما بعد الحروب العالمية، وبينما تظاهروا بالتغيير، استخدموا شعار "السلام عبر القوّة" من أجل تبرير التوسع والاحتواء والتراجع والسلم والحرب.