اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي عام على مجزرة بلدية النبطية .. إرادة الحياة أقوى من نار العدوان

خاص العهد

خاص العهد

الإعلام الحربي في 66 يومًا.. العينُ الأمينة على الملاحم

102

باكرًا، أدرك حزب الله أهمية الصورة في حرب تحرير الأرض ومواجهة العدو. منذ ولادته كتنظيم عسكري مقاوم في الثمانينيات، رافقت الكاميرا مجاهديه أثناء عملياتهم العسكرية واقتحاماتهم لمواقع الاحتلال وعملائه اللحديين، فأضحت سلاحًا موازيًا للبندقية. الهدف توثيق التفاصيل التي أصبحت إرثًا قِتاليًا وتركةً غزيرة لأهل الميدان للحروب اللاحقة.

في معركتيْ إسناد غزة وأولي البأس، أضاف الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية الى سيرته العملية تجربةً صعبةً من حيث الظروف، لكنّها شكّلت له اختبارًا حقيقيًا لقُدرته على التكيّف مع الطوارئ الجديدة مع ثباته على المهارة نفسها لإنتاج وإصدار المواد الإعلامية والدعائية المُلائمة لحرب المجاهدين.

لو ‏لم يكن لدينا تصوير..

في 14 كانون الثاني 2024، أطلّ سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (قده) في أسبوع القائد الشهيد الحاج وسام حسن طويل. وفي معرض حديثه عن جبهة الإسناد بعد مرور 99 يومًا من القتال، أشار سماحته الى أهمية التصوير في هذه المواجهة في ظلّ تكتّم العدو ورفضه الكشف عن خسائره وما يتعرّض له من ضربات مؤلمة، فقال: "تمّ استهداف قاعدة "ميرون" والعدو لم ‏يعترف، ماذا قال؟ قال سقطت صواريخ في جوار مُنشأة استراتيجية، انظروا! في جوار مُنشأة استراتيجية، ‏أيّ لم يعترف أنّ هناك صواريخ أصابت مُنشأة استراتيجية.. المقاومة صوّرت.. تذكرون في التسعينيات نفّذت المقاومة عملية الدبشة (1994) وعندما دخلت الى ‏الموقع "الإسرائيلي" نفى العدو ذلك، لكن بعد يوميْن نشرت المقاومة الفيديو والأخ الذي ‏استشهد لاحقًا، زرع العلم والشباب داخل الموقع فبُهت الذي كفر"، وتابع "يعني نحن لو لم يكن لدينا فيديو ولو ‏لم يكن لدينا تصوير، عملية نوعية بحجم استهداف قاعدة "ميرون" كانت بقيت في دائرة الشكّ، حزب الله يقول ‏والعدو ينفي، وهذا ‏مؤذٍ جدًا للمُقاتلين ولبيئة المقاومة".

توثيق الإسناد

على هذا الأساس، ومنذ اليوم الأوّل لانطلاق جبهة الإسناد في 8 تشرين الأول 2023 الى عدوان الـ66 يومًا منذ 23 أيلول وحتى 27 تشرين الثاني 2024، انصبّ تركيز الإعلام الحربي على بيَان العمليات وفقًا لأوامر قيادة المقاومة، وعرض مشاهدها وبثّ الفواصل والأفلام التي تستهدف العدو ومُجتمعه ومستوياته السياسية والعسكرية والأمنية. 

طيلة 350 يومًا من الإسناد، نفّذ المقامون نحو 3000 عملية في مختلف المواقع الحدودية والأمامية. معظمها كان موثّقًا بالصورة والفيديو، وبُثّ أغلبها عبر قنوات الإعلام الحربي. العمليات والإصدارات الأخرى تباعًا كانت تصل الى جمهور المقاومة: عماد، الهدهد والأناشيد وحتى الموسيقى التصويرية التي باتت اليوم مُستخدمة في الكثير من المواد والمحتويات الإعلامية. صورٌ ومشاهد لا يمكن إلّا وضعها في سياق الحرب النفسية التي شنّها جسم المقاومة الإعلامي على الصهاينة، هذا فضلًا عن الرصد الآني واللحظوي لمسرح العدو وصحافته وإعلامه. 

 


التكليف يتواصل..

كما كلّ التشكيلات التنظيمية في حزب الله، تلقّى الإعلام الحربي في 17 أيلول 2024 ضربةً مؤلمة: عدوان البيجر. خرج عدد كبير نسبيًا من أفراده عن الخدمة بفعل الإصابات، لكنّ عقيدة هذه الحركة الإيمانية الجهادية لا تعرف الاعتكاف، والانقطاع عن التكليف أو حتى الاستراحة. كانت التحديات قد تعاظمت وتراكمت بفعل تصاعد الاعتداءات: تفجير أجهزة اللاسلكي واغتيال القائد الجهادي الكبير الحاج ابراهيم عقيل وقادة الرضوان، ثمّ بدء العدوان الواسع على كلّ لبنان واغتيال الأمينيْن العاميْن، سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (قده) والسيد الهاشمي السيد هاشم صفي الدين (قده) وامتداد الغارات الى المناطق كافة.

التحدّي الأول كان بالنسبة للإعلام الحربي بعد إعلان اغتيال سماحة الأمين، نشر بيانات عمليات المقاومة واستكمال النشاط بلا توقّف، فكانت الحصيلة 8 عمليات مُتتالية طالت مستعمرات "كابري" و"ساعر" و"روش بينا" و"متسوفا" و"معالوت" وموقع الصدح، وقاعدة ومطار "رامات ديفيد"، عقب ساعات فقط من إعلان نبأ شهادة السيد الأسمى.

الحضور في الساحة والميدان

رغم هوْل المُصاب في جسم المقاومة، لم يدخل إعلامها الحربي في غيبوبة. كان مُتيقّظًا، تأقلم سريعًا مع حجم الضغط المفروض والمستجدات والتطوّرات. استوعب مدى قدرة العدو على الكشف والخرق، ومضى بمن بقي معه من المجاهدين الأحياء الذين حملوا أجهزتهم، وكاميراتهم، الى الميدان، مُتأهّبين للتكليف أو نيْل الوسام الأعظم: الشهادة.

عدسات الإعلام الحربي انتشرت حيث مُرابض المقاومة وضبّاطها ومُقاتلوها، فرافقت كلّ الاختصاصات والمجالات: القوّة الصاروخية، الدروع، القوة الجوية والمُسيّرات، حيثما كانت كلّ نار تُطلق نحو الأهداف المُعادية. 

إنتاجٌ غزير من قلب المعركة

أكمَلَ الإعلام الحربي مهمّته، فبثّ بالجودة المعهودة في أدائه وبلا أيّ تغيير في المستوى، الفواصل، الانفوغرافات، الفيديوهات، الفلاشات والإنتاجات البصرية المتنوّعة من قلب المعركة، والأهمّ عرض الملخّصات الصادرة عن غرفة عمليات المقاومة مباشرة على مدى 50 يومًا، وهي التي كانت توجز ما يحصل في ساحات القتال والنزال ونتائج المواجهات البرّية على المحاور المُختلفة، وحصيلة ضربات القوة الصاروخية مع إعلان عدد عمليّات الإطلاق التي نفّذتها، بموازاة إظهار ثِمار ما حصدته القوة الجوية ووحدة الدفاع الجوي، مع تضمين نسب الخسائر في صفوف العدو من حيث القتلى والجرحى والآليات المدمّرة الى جانب الجرافات العسكرية والمدرّعات وناقلات الجند والمُسيّرات التي تمّ إسقاطها.

رصد العدو..

رصد خسائر العدوّ "الإسرائيلي" في القواعد والمواقع والثكنات العسكرية والمستوطنات والمدن المُحتلّة دخل في صُلب مسؤوليات الإعلام الحربي، فكان أفراده على السمع 24/ 24 دون توقّف. الأساس بالنسبة إليهم كان معرفة ما يجري في الداخل المحتلّ ونقل كيف يتألّم لجمهور المقاومة وكلّ مُتابع عبر قنوات التواصل المتوافرة، سلسلة "إنهم يألمون" تحفظ ذلك جيّدًا مع أبرز أسماء قتلى جنود العدو على الأراضي اللبنانية. 

الكاميرا حتى الشهادة

في كلّ هذه المُتابعة الحثيثة والمُكثّفة طيلة الـ66 يومًا من الحرب والمواجهة، كانت الصورة حاضرة في مواد الإعلام الحربي. لم يغفل أفراد الوحدة عن أهمية ما توثّقه كاميراتهم الشاهدة على أشرس معركة كان يخوضها المجاهدون، في ظلّ تفوّق "الاسرائيلي" على صعيد الخرق التكنولوجي وإمكانية أجهزته تشخيص حركة المقاتلين والإعلاميين الحربيين. أكثر من 30 مجاهدًا ارتقوا وهم يسعون الى توثيق العمليات الجارية في الميدان. جميعهم استشهدوا وكاميراتهم معهم أثناء أدائهم مهمّتهم الإعلامية على الأرض، بينهم الشهيد محمد صولي وعلي مراد وابراهيم فرحات. قِمّة الفداء والعطاء اللامتناهي تتبدّى بشكل أوضح مع ارتقاء جميع مجاهدي الإعلام الحربي الذين كانوا متمركزين في قرى الحافة الأمامية وفقدان جثامين بعضهم. هذه الصورة تتعدّى الإخلاص ومعانيه، وتتجاوز قيَم الإيثار وبذل النفس. إنها أمانة التكليف. 

بجُعبة الإعلام الحربي الكثير ليُروَى يومًا ما. وفرةٌ جُمعَت وخُزّنَت لغاية وحيدة: حِفظ إنجازات السعداء والقادة ومن وصلَ الى محطّ الشهادة كي لا تضيع الملاحم والبطولات، وكي يبقى ذكر أَيام الله حيًّا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة