لبنان

أكَّد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، العلامة الشيخ علي الخطيب، "أننا اعتبرنا احتلال فلسطين والتآمر على أهلها من الغرب، معركة حضارية، وأنها معركة ضد الإسلام وضد الأديان والقيم، ولذلك اعتبرناها معركتنا وواجبنا فيها مساندة إخواننا، فنحن لسنا جزءًا منفصلاً عن أمتنا بكل تلاوينها المذهبية، وإنما نحن جميعًا أمة واحدة لا تنفصل ولا تتجزأ".
وخلال إلقائه خطبة الجمعة في مقر المجلس في طريق المطار، قال الشيخ الخطيب: "لقد أراد الغرب بعد أن رأى انهيار أحلامه بعد كل ما بذله، واطمأن إلى أن الأمة قد استسلمت وأذعنت لمطالبه، وأنها بدت أمة ميتة لا حراك فيها، فإذا بها وبفئة قليلة منها تُذلّه وتفرض شروطها عليه في غزة وجنوب لبنان. لقد زلزل هذا الحدث أركانه فهبّ لإطفاء هذه الجذوة خوفًا من أن تشتعل نيرانها فتحرق الأرض من تحت أقدامه".
وأشار إلى أنَّ "أهم ما تهدف إليه هذه المواجهة أن تعي الأمة أن ما لديها من القوة الكامنة ما تستطيع به أن تواجه كل الأخطار، وأن موازين القوة هي في صالح العرب والمسلمين، وليس كما أراد الغرب أن يُفهِمنا أنها موازين في العدة والعتاد".
وسأل: "ألا تُشكّل هذه المواجهات التي خاضها شعبنا في لبنان وغزة، ولم يستطع العالم الذي وقف فيها مع العدو بكل الدعم التسليحي والإعلامي، ولم يستطع فيها أن يُحقّق أهدافه؟ فالمقاومة ما زالت على اقتدارها، ولم يتمكّن، مع كل هذا الدعم، من سحقها أو إجبارها على الاستسلام، بل اضطر إلى طلب وقف النار".
وشدَّد الشيخ الخطيب على أنَّ "الأفّاكين والمنافقين تلاقوا على تثبيط عزيمة المقاومين في غزة ولبنان، ولكنهم فشلوا في زعزعة إيمانهم، فوقفوا يصنعون أساطير البطولة والفداء، وحولهم أهلهم ممن منّ الله عليهم بالكرامة والشرف والصبر والثبات، فصنعوا هذا المجد التاريخي لدينهم وأمتهم ووطنهم. لقد أقام هؤلاء الحجة على أمتهم حيث سجّلوا بهذه الإرادة التي لا تنكسر، وبهذا العزم الذي لا يلين، أروع مواقف الشرف والبطولة".
وأكد أنَّ "هذه التضحيات لا تقدمها إلا الأمم الحية، ولن تكون بالاستسلام والركون إلى حياة الذل والفرار من الواجب. لذلك، فنحن اليوم، بعد هذه التضحيات، مدعوون إلى تمتين وحدتنا الداخلية، سواء على الصعيد الوطني أو على الصعيد القومي والإسلامي، وأُكرر ما قلته سابقًا: إن على تيارات الإسلام السياسي أن تعيد النظر في تجربتها حول موضوع الصراع السياسي على السلطة، وأن تتصالح مع الأنظمة، وأن تكون الأولوية للصراع مع العدو الذي يعتبره صراعًا وجوديًا. إن المعركة المقبلة أرادها أن تكون فاصلة، الأمر الذي يقتضي رصَّ الصفوف لكل القوى استعدادًا لها، فهي لا تحتمل الخسارة، فمن يخسر فيها يخسر وجوده".
ورأى الشيخ الخطيب أنَّ "لبنان هو الأكثر حاجة في هذا الصراع إلى الوحدة الداخلية، لأنه الأكثر حساسية في تركيبته الداخلية، والأكثر هشاشة في مواجهة الاختراقات الأمنية، فليتنبه الجميع إلى خطورة الوضع، وليكن هذا دافعًا إلى تعزيز الوحدة الداخلية. فالجميع في مركب واحد، إن أغرقه أحد انتقامًا من آخر، فسيغرق الجميع، ولن يجد من ينتشله، ولن ينجو من قصد إغراقه كما هي عاقبة البغي، إذ على الباغي تدور الدوائر".
وتابع أنَّ "من مهمات الحكومة الأساسية تعزيز الوحدة الداخلية بأن تكون حكومة الجميع وفي خدمة القضايا الوطنية، وأولها رعاية أهلنا الذين دمَّر العدو بيوتهم وأرزاقهم، واكتساب ثقتهم بالوفاء بما وعدوا به، وهم أولى باكتساب الرضى من الخارج الذي إنما يتآمر على الوطن حينما يتآمر عليهم، ويمنع، بالحصار، إعادة إعمار بيوتهم التي هُدّمت بأسلحته، ويتابع العدوان باغتيال أبنائهم وتدمير بيوتهم ومصادر عيشهم، لكن هذا لم يَفُتّ ولن يَفُتّ في عضدهم أو يُجبرهم على الاستسلام، وهو الذي يعيق تطبيق الاتفاق الدولي الذي يقف على رأس ضامنيه، وقد نكث بتعهده والتزامه".
وختم الشيخ الخطيب بالقول: "على الحكومة أن تلتزم بما نصَّ عليه بيانها الوزاري، وما نسمعه من دولة رئيس الحكومة أمر جيد، لكننا لا نريد وعودًا لا يُوفى بها. فالمطلوب الوفاء بكل هذه الالتزامات، وتخصيص جانب من الميزانية لترميم البيوت المتضررة على الأقل، ما يعطي الحكومة بعضًا من المصداقية التي يتوقعها المواطنون".