عين على العدو

تحت عنوان: "إذاً، هل انتصرنا أم لا؟"، قال الكاتب يوسي كلاين في مقال في صحيفة "هآرتس الإسرائيلية": "لم ننتصر، لكننا لن نعترف أبدًا بأننا خسرنا. بعد كل ما مررنا به، كنا بحاجة ماسّة إلى نصرٍ حقيقي، فحوّلنا استعادة الأسرى إلى نصرٍ وهمي. لكن ما حدث لم يكن نصرًا، بل تصحيحًا. لقد استعدنا الأسرى، لم نحرّرهم، وهناك فرق. لم تكن وحدة الكوماندوس التي حرّرتهم، ولا "الضغط العسكري"، ولا التظاهرات التي منحت "المؤمنين" بصواب الطريق جرعة أمل لكنها لم تُعد الأسرى. الديكتاتوريات الناشئة لا ترتعب من مظاهرات مهذّبة. من أعاد الأسرى كان رئيسًا قبرصيًا متقلّب المزاج، صادف أن التقيناه في أحد أيّامه الجيّدة".
وتابع كلاين: "كان هدف نتنياهو (رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو) إطالة أمد الحرب، وحين لا يتحقق الهدف الأساسي، يُسرق بسرعة هدف آخر. بهدوء، بصمت، وعلى رؤوس الأصابع، نُقل "النصر" من "القضاء على حماس" إلى "تحرير الأسرى". والآن يأخذ خيّاطو الملك العاري هذا النصر الذي لم يكن، ويخيطون منه بدلة جديدة. المواد متوفّرة لديهم: 2000 قتيل "إسرائيلي"، وعشرات الآلاف من العرب. ليست هذه مواد تُصنع منها انتصارات، لكن رداءة المواد لم تمنع الخيّاطين يومًا من العمل. احتكار النصر هو امتياز الحاكمين".
وأردف كلاين: "إن إنكار الهزيمة هروب من إدراكٍ مفاده أنه لا يمكن الاستمرار هكذا. لا يُبنى مستقبل على دبابات وطائرات واحتياط يدوم ثلاثة أشهر. ليس لدينا القوة لذلك. لسنا إسبرطة. لم ننجح في هزيمة أربعين ألف مُخرب من دون دبابات وطائرات، فماذا سيجري إذا واجهنا أعداء أقوى؟". وشدّد الكاتب على أنّ الاعتراف بالهزيمة هو الخطوة الأولى نحو التصحيح، قائلًا: "لو اعترفنا بأننا هزمنا، لما كنا نتساءل فقط أين كان الجيش في 7 أكتوبر، بل كيف لا نزال نؤمن بأسطورة أن العيش هنا لا يكون إلا بالقوة. والحال أن القوة فشلت عشرات المرات. فماذا نفعل؟ هل نأتي بطائرات أحدث؟ بدبابات أكثر تطورًا؟ هذا لن يجدي. لسنا قادرين على خوض «حرب دائمة». ربما يجدر بنا أن نجرب طريقًا آخر؟ أو على الأقل أن نبحث عنه؟ لكننا ما زلنا في الإنكار، نفضل الوهم على الواقع، والكذب على الحقيقة".
ورأى كلاين أن لا أمل في حرب أبدية، إنها ذريعة، حجة العاجزين عن ابتكار فكرة جديدة أو رؤية مختلفة، لافتًا إلى أنّ من يؤمن بالحرب الأبدية يفضّل الانتقام المألوف على التفكير الحرّ: انتقام وردّ، ثم انتقام آخر. كانت حرب تشرين حرب انتقام، والانتقام لا يجرّ سوى انتقام جديد. طفل في العاشرة فقد عائلته في غزّة سيبحث عن ثأره حين يبلغ العشرين. وبعد الثأر يأتي "الردع"، ثم تعود دورة الانتقام من جديد. هكذا يبني نتنياهو، وإيتمار بن غفير، و بتسلئيل سموتريتش البنية التحتية لحربٍ لا تنتهي، حربٍ بلا منتصرين.