اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي 1.2 مليون مستخدم يتحدّثون أسبوعيًّا مع "شات جي بي تي" حول مخططات للانتحار 

فلسطين

غزّة مختبر للحرب.. الطائرات المسيّرة
فلسطين

غزّة مختبر للحرب.. الطائرات المسيّرة "الإسرائيلية" تحول المدنيين إلى عينات اختبار

96

تحولت سماء قطاع غزّة، عقب العدوان "الإسرائيلي"  المستمر، إلى مشهد يومي لتجارب عسكرية متقدمة، حيث باتت الطائرات المسيّرة متعددة المهام أداة أساسية في تنفيذ الاغتيالات والمراقبة المكثفة والضربات الدقيقة، ما حوّل القطاع المحاصر إلى ما وصفه تقرير لوكالة سند للتحقق الإخباري التابعة لشبكة الجزيرة بـ"مختبر مفتوح لتجارب عسكرية".

يركز التحقيق، المبنيّ على تحليل مصادر مفتوحة وتوثيق ميداني، على آليات الحرب الجوية "الإسرائيلية" وكيفية استغلال المدنيين في غزّة كعينات لاختبار تقنيات أسلحة متطورة قبل تسويقها عالميًّا. ويظهر التقرير الدور المتنامي للشركات الخاصة والإنتاج المحلي في "إسرائيل"، والتكامل بين القطاعين العسكري والتجاري لتطوير منظومات الطائرات المسيّرة المخصصة للاستطلاع والاغتيال والحرب التجريبية.

تبيّن الوثائق أن "إسرائيل" تملك منظومة صناعية متقدمة للطائرات المسيّرة، تعمل فيها نحو ثلاثين شركة على إنتاج ما يقارب ثلاثة وتسعين طرازًا متنوعًا، يتراوح بين الطائرات متعددة الأدوار المخصصة للاستطلاع والتتبع التكتيكي، والطائرات ثابتة الجناح ذات مدى التحمل الطويل، وأنظمة هجينة للإقلاع والهبوط العمودي، إلى جانب طائرات مروحية ومسيرات انتحارية قادرة على إصابة الأهداف بدقة. وقد جرى اختبار نحو خمسة عشر طرازًا في غزّة خلال العمليات، بحسب التحقيق، بما في ذلك مسيرات انتحارية وأنظمة هجومية مدعومة بالذكاء الصناعي.

ولم تقتصر التجارب على ضرب الأهداف العسكرية؛ بل وثّق التقرير استخدام مسيرات معدلة من النوع الزراعي لإلقاء متفجرات على مدن ومنازل ومدنيين، فضلًا عن استهداف صحفيين ومنشآت مدنية، ما جعل آثار هذه الاستخدامات تتخطّى البعد العسكري إلى أبعاد إنسانية ونفسية تتمثل في الطنين المستمر في الأجواء وفرض الخوف والحصار اليومي على الحركة والحياة.

وكشف التحقيق أن شركات "إسرائيلية" عدة روجت علنًا لتجاربها الميدانية في مؤتمرات وصالات عرض تسويقية، معتبرة أن "المنتج مُجرب قتاليًا" بعد استخدامه في غزّة، واستُخدمت لقطات من ساحات القتال كأداة لجذب المشترين الأجانب في أسواق السلاح. وبرز في هذا السياق مؤتمر "يوفيد" الذي عرضت فيه شركات التسليح لقطات تدلل على تجربة الأسلحة في القتال، ما أثار انتقادات بسبب توصيف تجارب ميدانية على حساب حياة المدنيين كميزة تسويقية.

كما يسلط التقرير الضوء على التحالف الوثيق بين الجيش والشركات الخاصة ووجود قيادات عسكرية سابقة تدير أو تشارك في شركات تصنيع المسيرات، وهو ما يسهل توجيه التطوير الصناعي وفق حاجات الميدان العسكري وتسريع اعتماد تقنيات جديدة في ساحات القتال. وفي خطوة لتعزيز الإنتاج المحلي، طرحت مديرية البحث والتطوير الدفاعي مناقصات لشراء عشرات آلاف الطائرات المُسيّرة محلية الصنع، ووقّعت وزارة الدفاع عقودًا مع شركات محلية لتزويد الجيش بمنظومات مستقلة متقدمة.

ومن بين نتائج الصراع الميداني، رصد التحقيق أن المقاومة الفلسطينية أسقطت واستولت على عشرات الطائرات المسيّرة خلال المواجهات، ما كشف عن نقاط ضعف في بعض الأنظمة التكنولوجية وكشف مكوّنات ومصادر تكنولوجيا استخدمت فيها مكوّنات صينية و"إسرائيلية" وأجنبية أخرى. كما وثّقت الأدلة المصورة حالات استهداف مباشر لمدنيين ومنازل، واستخدام طائرات معدلة لأغراض قتالية، ما اعتبرته وكالات التحقق دليلًا ميدانيًا على ارتكاب انتهاكات في بيئات مأهولة بالمدنيين.

يضيف التقرير أن صناعة المسيرات "الإسرائيلية" لم تعد مجرد قطاع عسكري تقني، بل تحولت إلى سوق قوية تُسوِّق "الفعالية الميدانية" كميزة تنافسية، فيما تعكس التجارب في غزّة بروز منتجات تعمل بالذكاء الصناعي وأنظمة تمييز وتوجيه متقدمة، وأنظمة أسراب طائرات للتنفيذ الجماعي، وحمولات قتالية متطورة تتضمن أنظمة استهداف كهروبصري وحمولات سلاحية دقيقة.

ويختتم التحقيق بالتأكيد على أن تحويل غزّة إلى ساحة اختبار جعل من المدنيين ضحايا مزدوجين: أولًا لقصف وقتل مباشر، وثانيًا؛ لأنهم صاروا جزءًا من عملية تطوير أسلحة تُسوّق لاحقًا في أسواق السلاح العالمية، ما يطرح أسئلة أخلاقية وقانونية حول مسؤولية الجهات المصنعة والمشتريين الدوليين إزاء استخدام تجارب ميدانية من هذا النوع.

الكلمات المفتاحية
مشاركة