اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي مهمة المبعوث "سافايا".. سلب السيادة بطريقة أخرى!

فلسطين

الإبادة الصامتة وحصريَّة الاشتباك
فلسطين

الإبادة الصامتة وحصريَّة الاشتباك

147

مذابح على مدار اليوم بالليل والنهار، كانت نتيجتها أكثر من مئة شهيد وعشرات الجرحى، بذرائع ليست جديرة بالذّكر، فالعدو ليس بحاجة للتذرع بأيّ أسباب، للإقدام على ارتكاب جرائمه، فما يُسمى بالمجتمع الدولي الذي يتباكى على جثث 12 صهيونيًا في رمال غزة، لا يرفّ له جفن، على مليونيّ إنسانٍ حيّ في قطاع غزة، لذلك فإنّ قتلهم وحصارهم وتجويعهم ودفنهم أحياء، حقٌ مشروع متى ارتأى نتنياهو ذلك.

منذ اتفاق وقف النار، للمرة الثانية خلال أسبوع، يتذرع الكيان بحادثٍ أمنيّ في رفح، لتشغيل آلة القتل، حادثٌ تبرأت منه الجهة المتهمة به، فقالت حركة "حماس"، أنْ ليس لها علم بهذه الحوادث، وأنّها ما زالت ملتزمة باتفاق إنهاء الحرب، وغموض هذه الحوادث، لا يختلف كثيرًا عن غموض المراحل اللاحقة للاتفاق.

منذ بداية الحرب تبلورت واختُزلت ماهيّتها في الصراع على اليوم التالي، وهو اليوم الذي كان يعِد نتنياهو أميركا والغرب، كما يعِد ناخبيه من اللصوص والقتلة، بأنّه سيكون بلا "حماس" وبلا سلاح في غزة، بل حتى بلا غزِّيين، لكن واقع اليوم التالي كان غزاويًا حمساويًا مسلحًا، وهذا ما يجعل منه طرفًا خاسرًا.

رغم أنّ معضلة نتنياهو هذه تعدُّ محدودة في حساب المصالح الأميركية الكبرى، فإنّها بالنسبة له هي مركز الكون، وهي أهم مسببات أفعاله وخلفيات سياساته، ولكن هذه المصلحة القذرة-من نتنياهو- غير مسموحٍ لها بتجاوز خطوط أميركا الحمراء، فتأخذ على يده كلما امتدت إلى تلك الخطوط.

هنا برز المخطط الأميركي الذي تقاطع مع مصالح نتنياهو المحدودة، حيث يثبت لناخبه أنّه أكثر إجرامًا، وأنّه المجرم الأخير والملاذ الأخير لكل المتعطشين لسفك الدم، في المقابل تحقيق أميركا أهدافها من اتفاق وقف الحرب، بممارسة الإبادة الصامتة والقتل الصامت.

إبادة جماعية بلا ضجيج، فلا مظاهرات في عواصم الغرب، ولا ضغط على حكوماته، بما فيها حكومة الولايات المتحدة الذي قال رئيسها "نشأت في بيئةٍ، كانت فيها الكلمة السيئة بحق "إسرائيل" تكلفك مستقبلك السياسي، أمّا الآن فقد أصبحت الكلمة الجيدة بحق "إسرائيل" هي من تكلفك مستقبلك السياسي".

كذلك هي حربٌ من طرفٍ واحد، بلا أحداث أمنية ولا كمائن للمقاومة، ولا صور أو مقاطع مرئية للإعلام العسكري، وهي أيضًا بلا جبهة الإسناد اليمنية التي كانت ضاغطة بشدة على الاقتصاد الصهيوني، بعيدًا عن القلق العسكري والأرق المعنوي اللذين كانت تسببهما للكيان ومستوطنيه وجيشه وسياسييه.

وبما أنّه لا يمكننا الجزم، بماهيّة الحدثين الأمنيين في رفح، فإنه بالحد الأدنى بإمكاننا استشراف طبيعة المستقبل القريب لما يعرف بالخط الأصفر، حيث إنّ مستقبله حسب ما تخطط له الولايات المتحدة، أن يكون غزة الجديدة. 

وغزة المتخيّلة هذه عبارة عن مشروع عقاري، تديره شركات أميركية، تحت غطاء إدارة "فلسطينية"، أبو شباب والأسطل وحلس والمنسي، تتبع لجهاز "الشاباك" مباشرةً، ويتم إعادة إعمار هذه المنطقة، وتُترك غزة ذات المليونيّ نسمة على خرابها ودمارها. ومن يريد مسكنًا وتعليمًا وصحةً وخدمات، عليه الانتقال إليها.

لذلك قد ينتقل الصراع من الصراع على اليوم التالي، إلى صراعٍ على غزة الخط الأصفر، فالأحداث الأمنية في رفح، تفتح جبهة صدامٍ محتمل، وبلا ماهيّة عن الجهة التي تطلق النار، خصوصًا أنّ "حماس" تنفي مسؤوليتها وتؤكد التزامها بوقف الحرب.

وقد يكون إعلان "حماس" عدم مسؤوليتها عمّا وراء الخط الأصفر، هو المدخل الضروري لتحويل تلك المنطقة إلى نقطة صدامٍ واشتباك، دون مسؤولية مباشرة، بما أنّها تقع تحت السيطرة العسكرية المباشرة للعدو، ولكن حصر الصراع في تلك المنطقة، من الأمور الصعبة إن لم تكن مستحيلة، حيث لا أوراق قوة "إسرائيلية" سوى استهداف المدنيين.

وكذلك يجب تحويل فرض العدو معادلة جديدة بالنار، إلى معادلة مستحيلة، فاستحالة فرض حصريّة الاشتباك خلف ما يُسمى بالخط الأصفر، تقابلها استحالة فرض معادلة الإبادة الصامتة وحرب الطرف الواحد.

الكلمات المفتاحية
مشاركة