مقالات مختارة
صحيفة "الأخبار"
في كتاب استقصائي مثير بعنوان "جواسيس الرئيس"، والذي سيصدر يوم الخميس المقبل في 6 تشرين الثاني، يتتبّع الصحافيان أنطوان إيزامبارد وبيير جاستينو، رئيس التحرير والمراسل الكبير في موقع "انتليجنس أونلاين"، هوس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعالم الاستخبارات. ويقدّم الكتاب صورة مفصّلة عن علاقة ماكرون بعالم الاستخبارات، كما يرويها الكتاب حيث إنه لا يتعامل مع أجهزة الاستخبارات كموارد ثانوية للدولة، بل يتصرّف كأنه قائد عملياتها بنفسه، يطلب الخطط، يُكلِّف بالمهمات، ويدير القنوات السرية مع خصوم وحلفاء على حدّ سواء.
فهو يحيط نفسه بمساعدين أتوا من هذا العالم أو يعملون فيه. فهو عيّن لوران نونيز الذي شغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية (DGSI) وزيرًا للداخلية، وعيّن باتريس فور الضابط السابق في الاستخبارات الخارجية (DGSE) محافظًا لشرطة باريس. ومقارنة بأسلافه، يُعدّ ماكرون الرئيس الأكثر التصاقًا بالمخابرات في الجمهورية الخامسة، والأكثر شغفًا بالمعلومات السرية، أكثر حتّى من ساركوزي وهولاند. وهو ينتظر كلّ يوم التقارير التي تتضمّن المعلومات الاستخباراتية سواء ما يتعلق بالوضع الداخلي أو الخارجي أيضًا.
في الكتاب، إشارة إلى ملفّ يخصّ العلاقة مع لبنان من زاوية الصراع مع "إسرائيل". ويورد ما يمكن تسميته بـ"القناة الخاصة مع حزب الله"، خصوصًا بعد "طوفان الأقصى"، وفي معرض الحديث عن الأحداث التي تلت 7 أكتوبر، يسرد الكاتبان واقعة استثنائية، فيها أن "برنار إيمييه، مدير الـ(DGSE) آنذاك، أرسله ماكرون إلى بيروت للقاء (الشهيد السيد) حسن نصر الله، الأمين العام الراحل لحزب الله. وفي الرواية أنه تمّ نقل إيمييه إلى مكان اللقاء معصوب العينين ومن دون حراسة شخصية. وقد أدّى ذلك إلى ردّة فعل في قصر الإليزيه، حيث قيل إن هذا مجنون وجريء إلى حدّ الطيش (“coup d’éclat insensé”)...".
ويمكن الجزم، بأن هذه الوقائع غير دقيقة، لأن المسؤول الاستخباراتي الفرنسي كان على تواصل دائم مع حزب الله، وكان يلجأ أحيانًا إلى المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وعندما كان يزور نصر الله، لم تكن إجراءات الأمن توجب وضع عصبة على عينيه، لكنّه لم يكن أكيدًا مع عناصر حمايته من الفرنسيين.
يُشار هنا، إلى أن النقاش كان قائمًا في تلك الفترة حول الدور الفرنسي في السعي لإقناع حزب الله بوقف حرب الإسناد والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار على الحدود مع كيان الاحتلال، وأن المسعى الفرنسي كان في حالة تنسيق مع الولايات المتحدة أساسًا، ومع "إسرائيل" من جهة ثانية، علمًا أن القنوات الأمنية - أو غير الدبلوماسية - بين باريس وحزب الله كانت مفتوحة على الدوام، وتعود إلى أيام الرئيس السابق جاك شيراك، الذي كان يأمل في إحدى المرات أن يقود الوساطة بين "إسرائيل" والمقاومة بشأن تبادل الأسرى، لكنّ "الإسرائيليين" رفضوا ذلك. ويومها، عرض شيراك بواسطة الرئيس رفيق الحريري أن يطلق سراح المناضل جورج عبد الله في حال أُسندت المهمّة إلى فرنسا، وهو ما قبل به السيد نصر الله. لكنّ "تل أبيب" رفضته بصورة مطلقة، وفضّلت القناة الألمانية.