عين على العدو
            أكد الكاتب الصهيوني ميرون ح. إيزاكسون (أستاذ الأدب العبري في جامعة بار إيلان ورجل أعمال) أن الحاجة إلى تغيير الحكم في الكيان الصهيوني تتجاوز اليوم بكثير مسألة استمرار ولاية بنيامين نتنياهو، معتبرًا أن "استيعاب هذه الحاجة الجوهرية قد يساعد حتّى في التعامل مع الأسئلة المتكرّرة التي يطرحها أنصاره".
وفي مقال له نشرته صحيفة "معاريف" الصهيونية اليوم الثلاثاء 04 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 أضاف إيزاكسون: " إنّ "حزب "الـليكود"، كما يعمل اليوم، غير جدير بالاستمرار في الحكم. فالمسألة لا تتعلق بشخصية إشكالية أو حتّى غريبة بعينها، بل إن الخطّ الذي يقود "الليكود" اليوم لا يشبه إطلاقًا الحركة التي كان عليها في الماضي. إنّ حقيقة عدم تشكّل أي معارضة حقيقية لحكم نتنياهو الفردي تُعدّ أمرًا يكاد لا يُصدَّق".
ويضيف: "في مواجهة مناحيم بيغن، وإسحاق شامير، وأريئيل شارون، تبلورت قوى حقيقية، ولم يكن ذلك لأسباب شخصية فقط. أما اليوم، فإن تحوّل الخطاب السياسي لقيادة "الـليكود" إلى خطاب سلطوي وانقسامي بشكل شبه كامل يشكّل خطرًا بالغًا على سلامة نسيجنا الاجتماعي".
ويشدد إيزاكسون على أن "الوضع الذي يستطيع فيه وزراء بارزون - ويبرز بينهم الوزير ياريف ليفين - قيادة خطة معينة، مهما كانت في نظرهم مهمة، من دون أي إحساس بالمسؤولية تجاه تصاعد الكراهية الداخلية الناتجة عنها، هو وضع غير مقبول لا من منظور القيم اليهودية ولا من منظور الديمقراطية".
ويقول الكاتب: "لقد اختلّ شيء عميق جدًا في مفهوم الحكم في "بلادنا" خلال السنوات الأخيرة. ومن الواضح أن لنتنياهو دورًا مركزيًا في ذلك، غير أن دلالاته على حياتنا هنا أوسع بكثير. فالتعيينات المستحقة تُرفض (مثل ترشيح جلعاد إردان لرئاسة مجلس إدارة الصناعات الجوية)، وأشخاص يتمسكون بآرائهم المشروعة يُقصَون من مناصبهم (يولي إدلشتاين)، والأخطر من ذلك أن قضايا أساسية تحتاج إلى معالجة عاجلة تُؤجَّل لأسباب ثانوية".
ويؤكد أن "الخطاب الذي يتبناه معظم الشخصيات القيادية بات مهينًا وسطحيًا، والتعامل مع أي رأي مخالف أصبح بالغ الاستخفاف. والإهانة التي وجّهها رئيس "الكنيست" إلى رئيس المحكمة العليا لا تُعد مجرد إساءة شخصية فحسب، بل إن اختياره التعبير عن احتجاجه بهذه الفظاظة يستند إلى قناعته بأن هذا هو الأسلوب المقبول والمطلوب داخل حزبه. وكذلك الحال في التصريحات المهينة التي أدلى بها الوزير دافيد أمسالم بحق عضو "الكنيست" ميراف بن أري".
ويعرب إيزاكسون عن أسفه الشديد، قائلًا "إن هذه الأجواء العامة -التي تشارك فيها أيضًا الأحزاب الأخرى المنضوية (أو التي تبدو منضوية) في الائتلاف- تمسّ بالقيم الأساسية "لدولتنا اليهودية والديمقراطية". ويقول: "برأيي، فإن الطريقة التي تُقدَّم بها اليهودية في ظل الحكومة الحالية هي في كثير من الأحيان مُهينة. كما أن الحكم القائم عاجز عن إجراء الإصلاحات الحيوية والمعقولة في بنيتنا الدستورية بسبب اعتبارات غريبة عن المصلحة العامة".
ويخلص الكاتب إلى أن "الحاجة إلى تغيير الحكم تنبع، بطبيعة الحال، من أسباب مهمّة أخرى، غير أنه من الضروري التأكيد أن هذه الحاجة تجاوزت منذ زمن مسألة استمرار حكم نتنياهو الطويل، بل وحتّى الأزمة المروّعة التي ألمّت بنا في أعقاب السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. هذه الحاجة تفرض على البدائل السياسية المحتملة ألا تتركز في مزايا رئيس الحكومة أو عيوبه، بل في الخطر الكامن في استمرار الحكم القائم على قيمنا الأساسية وعلى سلامة "مواطني الدولة" (مستوطني الكيان)".