عين على العدو
قال عميد الاحتياط في جيش "الاحتلال" عاميت ياغور، وهو مسؤول كبير سابق في قسم الاستراتيجية في شعبة التخطيط والاستخبارات في الجيش "الإسرائيلي" إن التوقيع على اتفاق أمني مع سورية فقط يعني فرض قيود رسمية (بدعم أميركي) على "إسرائيل"، في حين أن جانب الفرص -أي ما الذي ستحصل عليه "إسرائيل" من ذلك- وهو الجانب الذي يظهر عادة في "الاتفاقات المدنية" و"مسارات التطبيع"، يختفي تمامًا من النقاش، وفقًا لصحيفة "معاريف الإسرائيلية".
وتابع ياغور أن "رئيس سورية أحمد الشرع، يزور الولايات المتحدة ويجتمع مع الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، وعلى الرغم من المبالغات الإعلامية في وصف الحدث، ينبغي التحفظ في تفسير دلالاته، إذ من المعروف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحب كثيرًا التقاط الصور المشتركة مع الزعماء الأجانب"، مردفًا: "في الواقع، دخل الشرع إلى البيت الأبيض من مدخل جانبي، من دون بساط أحمر، وكانت الجلسة مغلقة أمام وسائل الإعلام، على خلاف العادة المتبعة في البيت الأبيض خلال عهد ترامب".
واعتبر أن "الولايات المتحدة ترى في سورية محورًا مفاهيميًا وجغرافيًا مهمًا ضمن البنية الإقليمية الجديدة التي تسعى إلى تشكيلها، لكن من غير الخافي أن الجميع يواجه مشكلة مع هذا الشرع"، موضحًا أن "أحمد الشرع (الجولاني)، الذي كان في السابق قياديًا بارزًا في تنظيم "القاعدة" في العراق وسجينًا في أحد السجون الأميركية، تبيّن أنه استراتيجي ذكي، لكن أهدافه لا تزال غامضة، ولا يُعرف إن كان قد تخلى نهائيًا عن نهج الإرهاب. حتى انضمامه إلى التحالف ضد تنظيم "داعش" لم يُوضح نواياه، إذ ما زال رجاله يرتكبون المجازر بحق الأقليات في سورية تحت رايات جهادية متطرفة".
كما لفت ياغور إلى أن "الولايات المتحدة تحاول الآن "المشي بين القطرات"، أي التقرب من الشرع من جهة، مع محاولة اختبار طبيعته الحقيقية من جهة أخرى، أما صوره وهو يلعب كرة السلة مع كبار ضباط القيادة المركزية الأميركية (أعدائه السابقين)، فهي محاولة أميركية واضحة للتقرب منه وبثّ رسائل إيجابية إلى الرأي العام".
وبيّن ياغور أنه "يمكن فهم استعداد سورية للتقدّم: المصلحة العليا لدمشق هي "تطهير النظام"، أي الحصول على شرعية دولية تسمح بإعادة إعمار الدولة، ولتحقيق ذلك، هناك حاجة لرفع العقوبات وجذب استثمارات ضخمة. والعقبة الأساسية هي "إسرائيل"، التي تعارض الاعتراف الأميركي الشامل بالنظام السوري الجديد، لا سيما وأنه خاضع لرعاية تركيا"، مردفًا: "خلال الأيام الأخيرة، عاد موضوع "الاتفاق الأمني" بين "إسرائيل" وسورية إلى العناوين، وهو خطوة تُبرز التقدّم التدريجي وبناء الثقة على مراحل، وصولًا إلى التطبيع الكامل، وقد عبّر الشرع نفسه عن هذا المبدأ علنًا".
وقال: "لكن بينما مصالح الولايات المتحدة وسورية واضحة، فإن استعداد "إسرائيل" لإظهار الانفتاح تجاه اتفاق "أمني" فقط، من دون معالجة الجانب "المدني"، يثير تساؤلات عديدة".
ورأى ياغور أن "سورية لم تكن يومًا كيانًا موحدًا طبيعيًا، واليوم، بعد الحرب، تنقسم إلى أطر دينية وعرقية مختلفة، مسيحية، إسلامية، كردية، ودرزية، وأي اتفاق يُبرم اليوم مع النظام يعني منح الشرعية لدولة سنية متطرفة أصبحت فعليًا دولة شريعة".
ولفت إلى أنه "في الوضع الحالي، تتمتع "إسرائيل" بحرية تحرّك عسكرية كاملة في سورية، في حين يُضطر نظام الشرع إلى "المشي على البيض" للحصول على شرعية لإعادة إعمار الدولة، بينما الاتفاق الأمني وحده سيضع قيودًا على "إسرائيل"، ولن يمنحها أي مقابل ملموس".
وشدد على أنه "من المهم أن يشمل الترتيب الإقليمي الجديد سورية، فهي جسر بري حيوي يربط إيران والعراق وشرق آسيا بالبحر الأبيض المتوسط. لكن السؤال يكمن في الطريقة: مع من يتم التوقيع، وما هو العائد، وهل ستضعف الخطوة تركيا أم تقويها؟"، معتبرًا أن ""إسرائيل" تمتلك حاليًا رافعة ضغط مهمة، وهي "الختم الإسرائيلي" الضروري لسورية للحصول على الشرعية الدولية، وهذه فرصة نادرة لإحداث تغيير".
وقال: "تقف "إسرائيل" أمام خيارين: الاستمرار في الوضع الحالي الذي يمنحها حرية التحرك والردع، أو قيادة مسار سياسي يشمل التطبيع وترتيبًا مدنيًا سياسيًا يشكل سورية الجديدة ويحدّ من النفوذ التركي - الجهادي".
وختم: "طالما أن سورية بحاجة إلى إعادة إعمار وشرعية من "إسرائيل"، فهذا هو الوقت للتحرك، والاتفاق الأمني وحده سيضعف الردع ويمنح الشرعية لـ"الجهاديين"، مع الحفاظ على نتائج اتفاقيات سايكس بيكو القديمة"، وفق تعبيره.