اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي ورش إنمائية وبيئية في البقاع: تعبيد طرق وتنظيف أحواض لرفع مستوى الخدمات العامة

خاص العهد

خاص العهد

"التطبيع" المُمنهج.. ضغوط خارجية واختبار للقوى الوطنية

90

شهدت الساحة اللبنانية في الآونة الأخيرة تطورات حساسة تتعلق بملف التطبيع مع العدو "الإسرائيلي"، تزامنت مع ضغوط متزايدة تمارسها "إسرائيل" والولايات المتحدة على لبنان للدخول في مفاوضات مباشرة. وفي هذا الإطار، تواجه البلاد تحديات داخلية تتمثل في الحفاظ على وحدة الموقف في وجه العدو وأطماعه، وتجاه أي شكلٍ من أشكال التطبيع، خاصة في ظلِّ غياب التطبيق للقوانين التي تُجرّم أيَّ ترويج أو تعاون مع العدو الصهيوني.

وفي هذا السياق، رأت العضو في حملة مقاطعة داعمي "إسرائيل" في لبنان؛ الدكتورة عبادة كسر، أنَّ "ما نشهده بعد "اتفاق" وقف إطلاق النار من ضغوط أميركية كبيرة لإخضاع لبنان للخيارات الأميركية و"الإسرائيلية" في المنطقة، يُبيّن أننا أمام مرحلة جديدة لا تحتمل الغموض"، مؤكدةً أنَّ الترويج لـ"سلام" مع العدو مرفوض تمامًا، وأنَّ كل من يقوم بذلك سواءً كان سياسيًّا أو إعلاميًّا فهو يمهد لقبول هذا العدو كأمر واقع في ظل الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب اللبناني.

وأشارت إلى أنَّه "منذ وقف إطلاق النار، نرى مسارًا متدرجًا: زيارات وجولات لمبعوثين أميركيين إلى لبنان، وخطابهم الذي لا يعكس سوى منطق استعماري متعالٍ على اللبنانيين، كأننا شعوب تابعة لهم "وصولًا إلى تبني الحكومة اللبنانية "الورقة الأميركية" في الخامس من آب/أغسطس 2025، قبل أن تضع أي إستراتيجية دفاعية وطنية تحدد كيفية حماية لبنان من الاعتداءات "الإسرائيلية" أو كيفية تحرير أرضه المحتلة".

وأوضحت الدكتورة كسر في حديث لموقع "العهد" الإخباري، أنَّ هناك سياسيين يتحدثون اليوم في الإعلام كأنهم يمارسون "حرية التعبير"، فيما هم في الواقع يروّجون لخطاب استسلامي، من بينهم النواب سامي الجميّل، فؤاد مخزومي، وغيرهم ممّن تحدثوا مؤخرًا عن "السلام" وضرورة "إعادة النظر بقانون المقاطعة"، معتبرين أن الحديث عن التطبيع يدخل في إطار الحريات الشخصية".

وشدّدت على أنَّه لا يمكن بأي شكل من الأشكال الحديث عن حرية تعبير أمام واقع احتلال واعتداءات مستمرة، فلبنان ما زال يتعرض يوميًّا لانتهاكات، لعمليات اغتيال واعتداءات يومية، ولقرى مدمّرة في الجنوب والبقاع، ومع ذلك لا نرى أحدًا من هؤلاء السياسيين يتحدث عن حماية السيادة أو كرامة اللبنانيين، وخطابهم لا يعكس سوى رغبة في جرّ لبنان إلى ركب "السلام الإجباري" الذي يراد فرضه على المنطقة.

وقالت: "عندما يخرج نائب في البرلمان ليطالب بإلغاء قانون مقاطعة "إسرائيل"، كما فعل فؤاد مخزومي، أو عندما يكرر المحامي مجد حرب الدعوة ذاتها، فإننا أمام ظاهرة سياسية مدروسة لا يمكن اعتبارها صدفة. تكرار هذه الدعوات على ألسنة السياسيين ومنصّات معينة يهدف إلى تطبيع فكرة "السلام مع العدو" في الوعي العام، وجعلها قابلة للنقاش بدل أن تبقى مرفوضة من أساسها".

إضافة إلى ذلك، بيَّنت المتحدّثة أنَّ "هناك خرقًا واضحًا أيضًا لقانون الإعلام المرئي والمسموع، إذ يمنع هذا القانون أي محتوى أو تواصل يُروّج للعدو أو يطبّع معه بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وهنا تقع مسؤولية كبيرة على المجلس الوطني للإعلام الذي لم نرَ منه حتى اليوم أي تحرّك جدي لرصد هذه الخروقات ورفعها إلى مجلس الوزراء".

وأضافت: "يا للأسف، يبدو الأداء السياسي العام للحكومة اللبنانية متراخيًا إلى حد كبير. المؤشرات كلها تدلّ على أن هذه السلطة لا تسعى إلى تشكيل حالة رفض وطنية حقيقية. يتبيّن ذلك من خلال تبنّي الورقة الأميركية بعد جولات المبعوثين الذين يتعاملون مع لبنان بطريقة مهينة، كما فعل المبعوث توم براك في زياراته المتكررة، حين استخدم خطابًا استعماريًا متعاليًا على اللبنانيين وبدلًا من أن نرى موقفًا حازمًا يعبّر عن كرامة لبنان، وجدنا حكومة خاضعة تمارس دور المنفّذ لما يُمليه عليها "السيد الأميركي"؛ لأن هذا هو المنطق الذي تتعامل به الإدارة الأميركية مع لبنان".

واعتبرت الدكتورة كسر، أنَّ هناك مسعى واضحًا لتمرير فكرة المفاوضات المباشرة مع العدو تحت ذرائع مختلفة. يجري الحديث عن مفاوضات "مدنية لا عسكرية"، أو عن "حوار غير مباشر"، ولكن في الجوهر نحن أمام محاولة لتطبيع الفكرة نفسها. والأخطر أن رئاسة الجمهورية ذهبت إلى حدّ ترشيح رئيس معهد الشرق الأوسط؛ الدكتور بول سالم ليتولى مهمة التفاوض، وهو لبناني يحمل الجنسية الأميركية، وله مواقف معلنة في دراساته وتصريحاته تُظهر انحيازًا واضحًا للغرب وللسياسات الأميركية على حساب المصلحة اللبنانية".

واعتبرت أنَّ "هذا الترشيح لا يمكن اعتباره خطوة بريئة؛ لأنه يعكس توجّهًا سياسيًا يريد أن يُسند ملفًا وطنيًا سياديًا إلى شخصية تحمل رؤية مناقضة تمامًا لمفهوم السيادة والمقاومة".

ولفتت إلى أنَّه "لا يمكن للأحزاب الوطنية أو قوى المقاومة أن تقول: "نحن نرفض المفاوضات، لكن الدولة حرّة في قرارها"، فنحن جزء من هذا المجتمع الذي تمثله الدولة، وإذا فاوضت الدولة العدو، فهذا يعني أن اللبنانيين جميعًا أصبحوا طرفًا في تلك المفاوضات".

وأكَّدت أنَّه يجب أن يكون الخطاب السياسي والمقاوم واضحًا برفض أن تفاوض الدولة العدو "الإسرائيلي"، تحت أي ظرف كان؛ لأن أي تساهل في هذه النقطة سيُستغلّ سياسيًا وإعلاميًا لتكريس فكرة أن التطبيع ممكن أو مقبول ضمن حدود معينة.

وشدَّدت على ضرورة أن تتكاتف القوى الوطنية لتضع مشروعًا وطنيًا مشتركًا للمقاومة، يشمل الجانب السياسي والثقافي والاجتماعي، لا العسكري فقط. المقاومة لا تنحصر في تنظيم واحد، بل هي خيار وطني جامع.

وحمّلت كسر "الإعلاميين والمثقفين والمؤثرين مسؤولية كبرى في هذه المرحلة. يجب أن يتبنّوا خطابًا عقلانيًا، متماسكًا، ومقنعًا، يقوم على تقديم المعلومة الصحيحة والتحليل الواعي، لا على الانفعال أو الشعارات".

ولفتت إلى أنَّ أساتذة الجامعات والنخب الفكرية مسؤولون عن بناء الوعي الوطني داخل الحرم الجامعي. عليهم أن يربطوا بين المعرفة الأكاديمية والواقع السياسي، وأن يقدّموا للطلاب نموذجًا للمثقف المنخرط في قضايا وطنه. وهنا نكون قد وضعنا الأساس لثقافة مقاومة مستدامة؛ لأن المقاومة ليست فقط بندقية، بل فكر ووعي وذاكرة جماعية".

وحول تفاعل بعض اللبنانيين على حساب الناطق باسم جيش الاحتلال السابق أفيخاي أدرعي، انتقدت الدكتورة كسر أداء مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، مطالبةً إياه بالتصدي لهذه الظاهرة، فهذه جريمة إلكترونية وليست تفصيلًا عابرًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة