اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الصحف الإيرانية تتابع ملفات الحرب والتنمية المعيشية 

مقالات مختارة

المقاومة تتمسك بـ
مقالات مختارة

المقاومة تتمسك بـ"إستراتيجية الغموض" وتعلن استعدادها للحرب: قاسم أطلق "الإنذار الأول"

المقاومة تتمسك بـ"إستراتيجية الغموض" وتعلن استعدادها للحرب: قاسم أطلق "الإنذار الأول" للأصدقاء والأعداء
80

إبراهيم الأمين - صحيفة الأخبار

في سياق التسريبات التي تصدر من كيان الاحتلال حول لبنان، ورد الأسبوع الماضي، وللمرة الأولى منذ إعلان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، كلام يشير إلى أن المؤسستين العسكرية والأمنية في تل أبيب "تتوقعان أن يردّ حزب الله على الغارات".

ورغم أن هذه العبارة جاءت بشكل غير بارز ضمن ما نُشر في وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، ولكن تبيَّن لجهات تولّت التدقيق فيها أن أجهزة الاستخبارات "الإسرائيلية" أبلغت الأميركيين تحديدًا، فضلًا عن حلفاء آخرين لها ينشطون في لبنان، بأن المعلومات المتوافرة لدى تل أبيب لا تقتصر على النشاط المكثف لحزب الله في إعادة ترميم بنيته العسكرية وتفعيل قدراته وعمليات التصنيع في منشآت محصنة، بل تشمل أيضًا معطيات تشير إلى أن الحزب يدرس إمكانية الرد عبر أعمال عسكرية، من دون تقديم أي توضيحات إضافية.

في لبنان، من المعروف أن تكثيف نشاط المندوبين الديبلوماسيين والأمنيين والإعلاميين الأجانب يشير عادةً إلى وجود أمر ما. ويمكن للمتابع الدقيق أن يلتقط الخيط المشترك بين أسئلة هؤلاء، كما إن من يمتلك علاقات وثيقة مع بعض الجهات الأجنبية يمكنه أن يستنتج مباشرة أن الهدف الأساسي من استفسارات هؤلاء هو الاطلاع على وضع حزب الله ومعرفة ما ينوي القيام به. ولهذا، يسعون إلى الحصول على معطيات مباشرة. واللافت في الأمر، أن بعض هؤلاء يعترفون بأن الأمور لم تعد واضحة أو سهلة كما كانت في السابق، وأنه لم يعد هناك قدرة على تحديد الجهات أو الشخصيات التي تمتلك معلومات وافية ودقيقة حول وضع الحزب.

وفي سياق التدقيق، يمكن ملاحظة عدة أمور، منها:
أولًا: يصرّ الجانب الأميركي على الحديث عن مهلة للبنان تنتهي بنهاية هذا العام، لدخول مرحلة جديدة في مهمّة نزع سلاح حزب الله. وأضاف الأميركيون الأسبوع الماضي مهمات جديدة تتعلق بـ"تجفيف موارد" الحزب المالية، إذ شدّد أحد أعضاء وفد الخزانة الأميركية الذي زار بيروت أخيرًا على ضرورة تنفيذ خطوات عملية في هذا الشأن "قبل نهاية العام".

ثانيًا: تبين أن الجانب المصري الذي يسعى إلى تقديم مبادرة عملانية بالتنسيق مع الأميركيين، تحدّث هو الآخر عن إمكانية إنجاز شيء جدي قبل نهاية العام، ولكنه ربط الأمر بالاندفاعة الأميركية القائمة انطلاقًا من اتفاق غزّة، ونية الإدارة الأميركية الانسحاب عمليًا من معظم الملفات مطلع العام المقبل، حيث سيكون اهتمامها الأساسي منصبًّا على الانتخابات النصفية في العام المقبل.

ثالثًا: أشار خبراء في كيان الاحتلال إلى وجود "نافذة فرص محدودة" للقيام بعمل ما ضدّ لبنان، مشيرين ضمنًا إلى عاملين مؤثرين: الأول يتعلق بالانتخابات الداخلية في الولايات المتحدة، والثاني بالانتخابات داخل الكيان "الإسرائيلي" نفسه. وأوضحوا أن "إسرائيل" قد تستغل حالة الاستنفار القائمة في صفوف جيشها للقيام بعمل كبير، لأن أي تأخير قد يؤدي إلى أوضاع داخلية وخارجية تجعل الأمر أكثر تعقيدًا.

رابعًا: خلال الأسبوعين الماضيين، زارت وفود إعلامية أجنبية لبنان لـ"الاستطلاع استعدادًا للتعامل مع أوضاع مختلفة في المرحلة المقبلة"، وفق بعض هؤلاء الزوار. ورجّح إعلامي أوروبي أن "إسرائيل" ستواصل ما تقوم به حاليًا، ولن تتورط في أي عمل كبير قبل زيارة البابا إلى لبنان مطلع الشهر المقبل، وقد تكون أكثر حرية في العمل بعد نهاية السنة.

هذه الملاحظات تؤدي إلى استنتاج غير علمي وغير مؤكد، ما يعني أنه لا يمكن الاعتماد عليها لتقدير ما ينوي العدوّ القيام به. صحيح أن "إسرائيل" غير مرتاحة داخليًا وخارجيًا، وصحيح أكثر أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تضغط في غزّة لحماية الاتفاق، كما تسعى إلى إنجاز اتفاق أمني سوري - "إسرائيلي"، مع علمها المسبق بأن ما يجري ليس بالضرورة لمصلحة "إسرائيل"، لكن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة تمسك فعليًا بأزرار الحرب في "إسرائيل".

وتجربتنا علمتنا أن قادة العدو، وخصوصًا الفريق المحيط ببنيامين نتنياهو، لا يتردّدون في القيام بأعمال قد لا تتوافق مع جدول أعمال أي جهة خارجية، بما فيها الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن لعبة التوقيت ليست العنصر الحاسم في قرار الحرب.

الجديد في هذا الملف، ما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في خطابه أول من أمس، إذ قال حرفيًا: "اتفاق وقف إطلاق النار محصور فقط جنوب نهر الليطاني (…) ولا توجد مشكلة على أمن المستوطنات.

الجنوب هو مسؤولية الحكومة والشعب والمقاومة. وأي نزف فيه سيطال كلّ لبنان بسبب أميركا و"إسرائيل" (…) ولا استبدال للاتفاق، ولا تبرئة ذمة للعدو "الإسرائيلي" باتفاق آخر". وخلص إلى أن "استمرار العدوان على هذه الشاكلة من القتل والتدمير لا يمكن أن يستمر، ولكل شيء حدّ. لن أتكلم أكثر من هذا. ولينتبه المعنيون لأمور لا يمكن تحملها، وأن تستمر بهذه الطريقة (…) نحن شعب حيّ، أصابتنا الحرب إصابات بليغة، لكننا أحياء وشجعان ومقاومون".

في معرض إعلانه موقف الحزب، قال الشيخ قاسم "لن أتحدّث أكثر في الأمر". وفي هذا استمرار لسياسة الغموض التي يتبعها حزب الله تجاه كلّ ما يتعلق بالمقاومة وعملها، انسجامًا مع الإستراتيجية التي بات الجميع يعرفها، والقائمة على مبدأ "الدخول في المجهول". ويُعد هذا الإجراء بديهيًا في مواجهة الاختراقات التي ظهرت خلال الحرب، كما إنه يمثل إجراء احترازيًا في ظل النشاط الاستخباراتي العالمي ضدّ الحزب في لبنان.

وهو نشاط لا يقتصر على جهود أجهزة العدوّ "الإسرائيلي"، من موارد بشرية وتقنية، بل يمتد إلى نطاق أوسع تقوده الولايات المتحدة مباشرة، عبر إشراف أجهزتها الأمنية على مختلف مرافق البلاد وعلى مؤسساتها الحيوية بكلّ ما فيها، إضافة إلى العمل التجسسي الذي تقوم به جهات أوروبية وعربية في لبنان ضدّ المقاومة.

والجميع يعلم أن رجال الاستخبارات الغربيين أصبحوا منتشرين بقوة في مراكز حساسة، حتّى إن العدوّ "الإسرائيلي" نفسه بات أكثر جرأة في العمل البشري في لبنان، ويبدو أن نفوذه توسع في عدد من المرافق الحيوية. وقد أظهرت التحقيقات في شبكة العملاء التي تم كشفها قبل فترة، والتي يقودها أوكراني من أصل سوري، أنّه طُلب من أحد العملاء ركن سيارة في مرآب مفتوح تابع لصالة كبار الشخصيات في مطار بيروت، وأن المشغّل "الإسرائيلي" أبلغ بأنه سيزوّده ببطاقة خاصة تمكّنه من دخول هذه المنطقة. وهذا يشير إلى احتمالين: إما أن لدى "إسرائيل" نفوذًا مباشرًا يسمح لها بالحصول على مثل هذه البطاقة، أو أنها واثقة من حصولها على تسهيلات من جهات غربية تمتلك هذا النفوذ في مطار بيروت.

لكن، تبقى العبارة الأهم، أن "استمرار العدوان بهذه الشاكلة من القتل والتدمير لا يمكن أن يستمر، ولكل شيء حدّ". فقد بات في الإمكان القول إن حزب الله أطلق "الإنذار الأول"، ليس للعدو فقط، بل أيضًا إلى الأطراف الداخلية والخارجية المعنية. وهو عمليًا وجّه إشارة مفادها بأنّ وضع المقاومة بلغ، أو بات يقترب من بلوغ، حالة جاهزية كافية تسمح لها بالمبادرة إلى عمل عسكري ردًا على العدوان "الإسرائيلي" اليومي.

بناءً على ذلك، يجب من اليوم فصاعدًا ألا ينصبّ التدقيق فقط على التسريبات الصادرة عن كيان الاحتلال، بل على كلّ ما سيصدر عن الموفدين والوسطاء الدوليين والإقليميين أو العرب.

فالمقاومة في لبنان أعلنت بأنها لن تترك الأمور على حالها، ولو أن الشيخ قاسم كان واضحًا في أن المقاومة لا تسعى إلى شَنّ حرب على أحد، وفي إشارته إلى أنّ اتفاق وقف إطلاق النار يوفر ضمنًا الأمن للمستوطنات الشمالية، كدليل على استعداد المقاومة لالتزام الاتفاق، لكن شرط أن يبادر العالم إلى إلزام "إسرائيل" بما يتوجب عليها. أما إذا استمر العدوّ في التصرف وكأنه غير معنيّ بالاتفاق، فذلك يفتح الباب أمام تطوّرات يصعب على أحد التكهّن بطبيعتها ونوعيتها وتوقيتها وأهدافها!

الكلمات المفتاحية
مشاركة