عين على العدو
أفاد موقع "ذا ماركر" الاقتصادي "الإسرائيلي" بأنَّ السجالات الكلامية وصلت بين رؤساء وزارة المالية ورؤساء المؤسسة الأمنية في الأيام الأخيرة إلى مستوى جديد من الانحدار. فقد اتّهم مدير عام وزارة المالية، إيلان روم، المؤسسة الأمنية علنًا بـ"هدر في استخدام أيام الاحتياط، بما في ذلك أمور تلامس المخالفات الجنائية".
المدير العام لوزارة الحرب الصهيونية، أمير برعام، ردّ باتهام وزارة المالية بأنها "تكبح وزارة الأمن (الحرب) وتؤخر توقيع عشرات الصفقات الحيوية بمليارات الشواكل، تشمل ذخائر، وقطع غيار للدبابات، وشراء محلّقات للوحدات المناورة، وتحصين المستوطنات على حدود لبنان وغزّة، وغير ذلك. كما ترفض وزارة المالية التوقيع على عقود إقامة العائق على الحدود الشرقية، رغم وضوح تشكّل التهديدات".
واعتبر الموقع أنَّ هذا الاشتباك لا يجري على الورق فقط، فخلفه خلاف ضخم حول ميزانية "الأمن" لعام 2026. الفجوة بين موقف المالية وموقف وزارة الحرب تصل إلى 50 مليار "شيكل".
وأشار الموقع إلى أنَّ المحاسب العام في وزارة المالية "الإسرائيلية"، ياهلي روتنبرغ، اتّخذ خطوة غير مسبوقة: ابتداءً من هذا الأسبوع أوقف روتنبرغ جميع مدفوعات المؤسسة الأمنية حتّى نهاية 2025، والأسوأ من ذلك — جمّد تقريبًا كلّ التعاقدات (طلبات الشراء الجديدة) لعام 2026، مؤكدًا أنَّ روتنبرغ عمليًا شلّ ميزانية "الأمن".
وجاءت خطوة روتنبرغ بعد أن اتضح وجود فجوة قدرها 31 مليار "شيكل" حتّى نهاية كانون الأول/ديسمبر بين الميزانية المصادَق عليها لوزارة الحرب وبين النفقات المتوقعة. ولفت إلى أنَّ المؤسسة الأمنية "الإسرائيلية" لا تنكر هذه الفجوة، لكنّها تدّعي أن معظمها نابع من مشكلة تدفّق مالية مؤقتة.
وأضاف: "حوالي 12 مليار "شيكل" من المبلغ هي ميزانية صادقت عليها شعبة الميزانيات — في إطار الاتفاق الذي زادت بموجبه ميزانية "الأمن" بسبب نفقات عمليتي "الأسد الصاعد" و"عربات جدعون ب" بمجموع 42 مليار "شيكل" — 28 مليارًا في 2025 و14 مليارًا في 2026 — لكنّها لم تُقر بعد في "الكنيست"، ولذلك لم تُدرج في الميزانية. كذلك نحو 9 مليارات "شيكل" يفترض أن تأتي من الأميركيين، لكنّها تتأخر بسبب الصراع حول إقرار الميزانية الفدرالية في الولايات المتحدة وتعطيل الحكومة الأميركية".
وتابع: "إقناع المحاسب العام غير مضمون، فهو ينظر بقلق إلى 2026 ويقدّر بأن ميزانية "الأمن" للعام القادم تقف فعليًا عند 120-130 مليار "شيكل". عمليًا، المقصود نفقات صُرفت أو التزامات تمّ أخذها ولا يمكن التراجع عنها. أي أن المؤسسة الأمنية أدخلت ميزانية 2026 في "حمل" يقارب 125 مليار شيكل، رغم أن الإطار المصادَق عليه هو 93 مليارًا فقط".
وأوضح الموقع أنَّ الفجوة أكبر بكثير، لأن المؤسسة الأمنية تخطط لإجراء مشتريات إضافية في 2026، مثل بناء "العائق الشرقي". ولذلك تطالب وزارة الحرب الصهيونية بميزانية 144 مليار "شيكل" لعام 2026، بينما تتحدث شعبة الميزانيات عن 93 مليارًا قد ترتفع، وفق افتراضات مختلفة، إلى 100 مليار "شيكل"، معتبرًا أنَّها فجوة غير مسبوقة تتراوح بين 44 و50 مليار "شيكل".
وترفض زارة المالية هذه الأرقام رفضًا قاطعًا. وبحسب التقديرات، ستوافق المالية على كلفة "عربات جدعون ب" فقط (7 مليارات)، لكن هذا سيكون التنازل الوحيد. وستعارض المالية بشدة كلفة الاستعداد الخاص تجاه إيران، وترفض بالطبع الموافقة على 60 ألف يوم احتياط في سنة ما بعد انتهاء الحرب.
عمليًا، تدّعي المؤسسة الأمنية "الاسرائيلية" أن المالية تتشدّد عمدًا في المفاوضات حول الميزانية، وأنها جاهزة فعليًا لميزانية "أمن" قدرها 120 مليار "شيكل". أي أن حساب العجز 3.2% مبنيّ على ميزانية "أمن" 120 مليار "شيكل"، وليس 93 مليارًا، ولذلك الفجوة الحقيقية 20 مليارًا فقط. برأيهم، نتنياهو سيحسم على ميزانية بين 120 و130 مليارًا، وشعبة الميزانيات تعرف ذلك.
ووفق الموقع، تنكر وزارة المالية ذلك بالطبع، وبينما ينتظر الطرفان قرار رئيس الحكومة في الأسابيع المقبلة، هناك من يدفع الثمن. فقد أوقف روتنبرغ جميع مدفوعات المؤسسة الأمنية حتّى نهاية 2025، واستُثني من التجميد: الرواتب، والمعاشات، وأيام الاحتياط، وجهاز التأهيل. كذلك، كي لا يتضرر المزوّدون الصغار، ستستمر المدفوعات للفواتير حتّى مليون "شيكل".
أما الفواتير الأكبر للمزوّدين الكبار فستُجمَّد، والمتضرر الأكبر سيكون الصناعات الأمنية — "إلبِيت"، "رفائيل" و"الصناعة الجوية" — التي على الأرجح لن تتلقى مستحقاتها من وزارة الحرب 0حتّى يُحسم الخلاف حول ميزانية 2026.
ووفق الموقع، الافتراض لدى المحاسب العام هو أن كلّ واحدة من الشركات الثلاث استفادت من طلبات بعشرات المليارات خلال سنتين من الحرب، ويمكنها امتصاص تأخير المدفوعات. لكن في الواقع، الخلاف حول مدفوعات الصناعات الأمنية أعمق وأكثر جدية: في وزارة المالية من يدّعي أنه حصلت عمليات هدر جسيمة، وربما ما هو أسوأ، في كثير من طلبات الشراء من الصناعات "الإسرائيلية" نفسها.