إيران
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت (22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025)، بالتطورات الأخيرة في ما يتعلق بقرارات مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي اعتبرتها الصحف الإيرانية دمية بيد القرار الأميركي، كما اهتمت برصد حرب التقدم مع الولايات المتحدة والتي تقف خلف كلّ الحروب الأخرى وقرارات الضغط والعقوبات.
قرار ضدّ السلام
بداية، كتبت صحيفة رسالت: "بات واضحًا الآن كيف أن اعتماد أوروبا الإستراتيجي على واشنطن قد أوصل القارة إلى حدّ يجعلها مستعدة للتضحية باستقلالها مقابل الحفاظ على اعتمادها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.
تُمثّل التطورات الأخيرة في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذروة السلبية السياسية للاتحاد الأوروبي في مواجهة الضغوط الخارجية. في خطوة يراها العديد من المراقبين سياسية أكثر منها تقنية، اعتمدت الترويكا الأوروبية (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) بقيادة الولايات المتحدة قرارًا مناهضًا لإيران. اتُخذ هذا الإجراء بعد فشل الدبلوماسية الغربية في إقناع إيران بقبول شروط غير حكيمة وغير مبررة قانونيًا وإستراتيجيًا".
وأضافت "لا يُظهر هذا القرار عدم فهمٍ للواقع الراهن في النظام الدولي فحسب، بل يُظهر أيضًا ذروة اعتماد أوروبا الأقصى على إستراتيجيات واشنطن. فالقرار المناهض لإيران الذي تبناه مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي تعتبره إيران إجراءً غير بناء ذي أهداف سياسية محدّدة، أصبح مجرد أداة للضغط على طهران، في حين لم تعد الأدوات الدبلوماسية الحقيقية من أوروبا ذات جدوى".
وتابعت "وبمواكبة هذا المسار، خلع الاتحاد الأوروبي، للمرة الألف، قناع الحياد المزعوم والاستقلال الزائف، وعمل كذراع تنفيذية لسياسات حكومتي الولايات المتحدة الديمقراطية والجمهورية تجاه إيران. ويتجلى هذا الاعتماد بشكل خاص بالمقارنة مع مواقف أوروبا المتناقضة في قضايا أخرى".
[...] بتبنيها إستراتيجيةً قائمةً على صفقة سياسية خاطئة، سعت أوروبا إلى الحصول على تنازلات في قضية أوكرانيا من خلال دعمها الكامل للقضية الإيرانية، أو على الأقل الحفاظ على الدعم الأميركي. لكن في النهاية، أفضى هذا الاتفاق إلى الفشل على كلا الجبهتين. ففي الحالة الإيرانية، لم تُفاقم أوروبا المشاكل بموافقتها على القرار فحسب، بل وُضعت أيضًا كطرفٍ دمية. وفي حالة أوكرانيا، بقبولها ضمنيًا الخطط المفروضة (أو التزامها الصمت حيالها)، فقدت عمليًا استقلاليتها في العمل وعانت من إذلال سياسي. يُعتبر هذا مزاد السمعة في حالتين متزامنتين فصلًا جديدًا في تراجع نفوذ هذه القارة في عالم اليوم. فبدلًا من تعزيز مكانته كقطب مستقل، همّش الاتحاد الأوروبي نفسه، وأثبت أنه ليس صاحب القرار النهائي في سياساته في الظروف الحرجة".
حرب التقدم
بدورها، كتبت صحيفة وطن أمروز: "إن الإجابة عن سؤال لماذا جعلت الولايات المتحدة القضية النووية الإيرانية أداة لعرقلة تطوير إيران لا تكمن في التفاصيل التقنية للبرنامج النووي الإيراني أو المخاوف الحقيقية بشأن الانتشار، ولكن في الحسابات الإستراتيجية الكبرى للولايات المتحدة".
وقالت "بالنسبة للولايات المتحدة، فإن القضية النووية الإيرانية ليست قضية بل أداة، أداة قوية ومتجددة تسمح لواشنطن بمواصلة هدفها الرئيسي، وهو احتواء القوّة الاقتصادية والجيوسياسية لإيران من خلال الحد من أهم محرك لها، صناعة النفط".
[...] إن السبب الأهم وراء إبقاء الولايات المتحدة الملف النووي في المرحلة الأمنية هو منع طفرة النفط الإيرانية. إن عودة إيران الكاملة ودون عوائق إلى أسواق الطاقة لها عواقب تتعارض بشكل مباشر مع المصالح الإستراتيجية الأميركية.
ولفتت إلى أنّ "الولايات المتحدة تُدرك أن تسهيل العلاقات النفطية الإيرانية سيحقق لطهران النتائج التالية التي تعزم واشنطن على منعها:
- الاستقرار الاقتصادي وتحييد العقوبات: ستعزز عائدات النفط المستقرة ميزان المدفوعات الإيراني، وتحد من تقلبات العملة، وتؤدي إلى الاستقرار الاقتصادي. ستكون إيران المستقرة اقتصاديًا أكثر مرونة في مواجهة الضغوط السياسية والعقوبات المستقبلية.
- قفزة في التنمية الصناعية: تمنح البترودولارات إيران القدرة على الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير صناعاتها غير النفطية، وفصل اقتصادها عن النفط. سيؤدي هذا إلى تحويل إيران إلى قوة صناعية متنوعة.
- جذب الاستثمارات من الشرق: ستؤدي زيادة مبيعات النفط إلى الصين إلى تعميق العلاقات الإستراتيجية بين طهران وبكين، وتشجيع الصين على الاستثمار بكثافة في مشاريع البنية التحتية الإيرانية. وهذا يعني الفشل التام لسياسة العزلة الاقتصادية الإيرانية.
- تعزيز محور المقاومة: بفضل مواردها المالية الوفيرة، ستزداد قدرة إيران على تقديم الدعم اللوجستي والسياسي لحلفائها الإقليميين بشكل ملحوظ، مما سيُغير موازين القوى في المنطقة ضدّ مصالح الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. لذلك، يُعدّ تأمين الملف النووي أداةً أساسيةً للولايات المتحدة لمنع كلّ ذلك.
[...] الملف النووي ذريعةٌ لإيقاف محرك التنمية الإيراني (النفط)، وإضعاف الأنظمة المنافسة (مبادرة الحزام والطريق)، وبيع الأمن للحلفاء الإقليميين، والسيطرة على سوق الطاقة العالمي. أي محلل أو مسؤول يعتقد أنه يستطيع الحصول على ضمانات تنمية اقتصادية ورفع دائم للعقوبات النفطية من الولايات المتحدة من خلال منح تنازلات نووية، لم يفهم المنطق الأساسي للسياسة الخارجية الأميركية والدور الحيوي لهذه الأداة في إستراتيجيتها الكبرى. وما دامت الولايات المتحدة تسعى إلى احتواء إيران والحفاظ على هيمنتها في المنطقة، فإن الملف النووي سيبقى ملفًا أمنيًا أيضًا".
كعمة السلام مع الكريمة الروسية
أيضًا، كتبت صحيفة إيران: "وضعت الولايات المتحدة وروسيا خطة سلام من 28 نقطة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أربع سنوات في أوكرانيا. تتضمن الخطة، التي يدعمها دونالد ترامب، سلسلة من التنازلات المتبادلة ويقال إنها تهدف إلى تسريع عملية إنهاء الحرب مع الحفاظ على مصالح كلا الجانبين".
وتابعت "تظهر المزيد من التفاصيل حول خطة السلام المكونة من 28 نقطة والتي يدعمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ أربع سنوات في أوكرانيا، حيث أكدت العديد من وسائل الإعلام والمسؤولين أن الخطة، التي لم يتم الإعلان عنها رسميًا بعد، تبدو في صالح روسيا".
[...] ووفقًا لتقارير إعلامية دولية، حذّر بعض المحللين الأوروبيين من أن تقليص القدرات العسكرية لأوكرانيا والتخلي عن مساحات من أراضيها سيجعلها عرضة لتهديدات مستقبلية. مع ذلك، يؤكد المسؤولون الأميركيون أن الخطة وُضعت في سياق حوار مع كلا الجانبين، وتهدف إلى تهيئة ظروف مربحة للطرفين.
ووفق الصحيفة "سيُشرف مجلس سلام بقيادة ترامب على تنفيذ وقف إطلاق النار، وسيبدأ وقف إطلاق النار بعد انسحاب الطرفين إلى المواقع المتفق عليها. من المتوقع أن يُراجع رئيس جمهورية أوكرانيا المسودة بنهاية تشرين الثاني - نوفمبر، وبعد ذلك ستُرفع الخطة إلى روسيا للموافقة عليها".
كما أعلن دبلوماسيون أوروبيون أن نجاح أي خطة سلام يتطلب مشاركة فعّالة من أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، ويؤكدون على أن أي اتفاق يجب أن يكون عادلًا ومستدامًا. كما أعلن مسؤولو البيت الأبيض أن الخطة لا تزال في مرحلة الإطار، وأن العديد من تفاصيلها لم تُستكمل بعد، لكن هدفها هو إنهاء الحرب بطريقة تحترم مصالح الطرفين.