اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي أزمة تعيينات تشلّ بناء القوّة في الجيش "الإسرائيلي" وسط تحذيرات من تبعات خطيرة

مقالات

التهويل سلاح لا مقدمة حرب
مقالات

التهويل سلاح لا مقدمة حرب

76

كاتب فلسطيني من غزة

حاصل على شهادتي بكالوريوس علوم قانونية وإدارية

 ودورة في القانون الدولي

تهويلٌ مفرط تمارسه كلّ الأدوات الصهيوأميركية وبكل اللغات سياسيًا وإعلاميًا، وتضرب المواعيد لمهاجمة لبنان، وتحطيمه وتدميره إن لم يرضخ حزب الله ويسلّم سلاحه، وأنّ مصير لبنان سيكون مثل غزّة، محطمًا مُدَمرًا محاصرًا، وبلا أيّ أفقٍ أو سندٍ للإعمار، وسيدفع اللبنانيون ثمن هذا العناد كثيرًا.

وسط هذا الغبار من معارك التهويل، تغيب أسئلة واقعية ملحّة، قد يكون في الإجابة عنها استجلاء بعض الحقائق، التي تساعد في استكشاف حقيقة هذا التهويل، فاللهاث خلف كلّ ما يصدر عن مسؤولي الكيان وإعلامه، كذلك كلّ الناطقين باسمه في الساحات العربية، هو نوعٌ من أن يكون العدوّ ونفسك عليك.

والسؤال الأول الذي تجب الإجابة عنه، هو لماذا وافق الكيان على وقف إطلاق النار مع لبنان؟ والإجابة هنا واضحة، وهناك عدة أسبابٍ دفعته لوقف النار، أهمها إفلاس بنك الأهداف أولًا، وإدراكه بأنّ استمرار الحرب سيؤدي لتآكل منجزاته التكتيكية ثانيًا، وتيقنه من أنّ استمراره في الحرب لن يؤدي للمزيد من المكاسب ثالثًا.

وبالتالي يصبح السؤال المترتب على هذه الإجابة، هل استطاع العدوّ بعد عامٍ من وقف النار، تغيير الأسباب التي دفعته لوقفها؟ هل راكم مزيدًا من الأهداف؟ وهل أعاد ترميم قواته التي فشلت خلال 66 يومًا في تجاوز قرى الحافة، وبإمكانها اليوم الوصول إلى الليطاني؟ وهل أصبح متيقنًا من امتلاكه لأسباب إخضاع حزب الله؟

والسؤال الأهم في الأسئلة المترتبة، هل لديه يقين بأنّ حربه المفترضة، ستعزز منجزاته في الحرب السابقة؟ أم لديه شك بخسارة تلك المنجزات وزيادة؟ والحقيقة أنّ اختلال ميزان الردع في إحدى مراحل الصراع، أو بعد معركةٍ مهما كانت قاسية، لا يخوّل الطرف الذي اختلّ الميزان لصالحه، أن يعدّ هذه النتائج أبديّة، وإلّا سيكون اختلّ عقله، فاختلال موازين الردع هي دائمًا مؤقتة وقابلة للتجاوز.

وسؤالٌ آخر من الأسئلة الأصيلة، هل يملك حزب الله خيارًا غير الصمود وعدم الاستسلام؟ والحقيقة أنّ لبنان كله لا يملك خيارًا سوى الصمود، لأنّ البديل المطروح ليس لبنان السيد المستقل كامل الجغرافيا مُصان الثروات برًا وبحرًا، بل لبنان المستباح كله، دماء شعبه وجغرافيته وثرواته برًا وبحرًا وجوًا، وتصلح الضفّة الغربية كمثالٍ على ما ينتظره حال تسليم السلاح، أو الحالة السورية في أفضل الأحوال.

وهذه الإجابة تأخذنا مباشرة للسؤال التالي، هل يدرك العدوّ هذه الإجابة؟ يقينًا هو يدركها جيدًا، ويعلم أنّ حزب الله ليس في قاموسه الخضوع والاستسلام، وأنّ مخزونه العميق من الفقه الجهادي، ومخزونه الملحمي بالتجارب التاريخية، من كربلاء مرورًا بالاجتياح "الإسرائيلي" عام 1982، وصولًا لمعركة أولي البأس، تجعل من مجرد فكرة الاستسلام، كفرًا بواحًا شرعيًا ووطنيًا وإنسانيًا.

وهذه الإجابة تنقلنا كذلك لسؤالٍ آخر لا يقلّ أهمية، وهو هل يملك الكيان خيارًا غير الحرب؟ فالعدو تكلّف بمهمةٍ أميركية لم يستطع إنجازها، فهل يستطيع التعايش مع هذا القصور؟ وهل يستطيع التعايش مع فكرة وجود تنظيمٍ صارمٍ يستطيع الترميم، ويعيد بناء نفسه حسب تقاريره؟ والإجابة هي لا، فالعدو بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تخلّى عمّا كان يُعرف بسياسة الاحتواء إلى غير رجعة.

وعلى ضوء ذلك، فخيارات العدوّ رغم ما يبدو من تغوله وغطرسته، ليست أقل حرجًا من خيارات حزب الله، وعليه فإنّ التهويل كما تتم ممارسته على لبنان، يخضع العدو لتوهيل ذاتي مثله، فليس هناك من يهوّل عليه، ففي لبنان والعالم العربي يهولون على أنفسهم مع العدو، وهو يخضع للتهويل الذاتي لإدراكه بمحدودية خياراته، فإنّ كان محور المقاومة جريحًا بما فيه حزب الله، فهو يدرك ذلك ويقوم بمحاولات التعافي، فيما العدوّ جريحٌ لا يحاول الاستلقاء وينزف واقفًا.

وهنا نصل للسؤال الذي نعنيه، ما فائدة التهويل؟ خصوصًا إذا أخذنا بعين الاعتبار، اختلال ميزان الردع لصالح العدو، واختلال أهم في اتزانه الإستراتيجي. يحاول العدوّ استثمار منجزاته التكتيكية عبر التهويل، في محاولةٍ يدرك أنّها يائسة، لتكفيه مُرّ الخيارات، التعايش مع سلاح الحزب أو حربٍ لا يضمن نتائجها، لذا يجب التعامل مع هذا التهويل باعتباره سلاحًا لا مقدمة حرب.

الكلمات المفتاحية
مشاركة