خاص العهد
جعجعة القوات عكس التيار الكهربائي: "التغذية" في الحضيض
الكهرباء رهينة الوعود: أين أخفقت "القوات"؟ ومن المستفيد؟
لطالما قدّم حزب "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع نفسه باعتباره "حارس" الهيئات الرقابية ووصيًّا على أداء الوزراء السابقين، ولا سيما في وزارة الطاقة والمياه، وكأنّه "قديس لبنان" الذي يعيش المواطنون في ظلّ بركته ويحاسب الآخرين على تقصيرهم. وعلى مدى سنوات، قاد الحزب حملة نقد شرسة ضدّ التيار الوطني الحر، معتبرًا أنّ فشل قطاع الكهرباء نتاج خيارات وزرائه، قبل أن يرفع بدوره سقف الوعود بإيصال التيار الكهربائي إلى 24/24 ساعة.
غير أنّ مرور نحو عشرة أشهر على تولّي وزير الطاقة والمياه جو صدّي، ممثل "القوات اللبنانية" في الحكومة، كان كافيًا ليتحوّل هذا الوعد إلى سراب. فبحسب خصومه، سقطت الدعاية التي روّجت لها "القوات" طويلًا، وتبخّرت الوعود التي حملها البيان الوزاري حول معالجة أزمة الكهرباء، تمامًا كما تلاشى التعويل على الهبات النفطية "المفترضة" لتغطية حاجات مؤسسة كهرباء لبنان من الوقود لتوليد الطاقة.
في هذا السياق، رأت وزيرة الطاقة والمياه السابقة ندى بستاني، في حديث لموقع "العهد" الإخباري، أنّ خطة الوزير جو صدّي "لم يطرأ عليها أي جديد ولم تؤتِ مفاعيلها"، مشيرة إلى أنّ الحزب الذي كان ينتقد التيار الوطني الحر "ويتمسخر علينا"، لا يعمل اليوم بجدية. وأكدت أنّ المسألة "ليست نكدًا سياسيًا ولا نكايات"، بل مسؤولية وزير يجب أن يؤمّن الكهرباء للبنانيين "خصوصًا أنّه يوجد مال ومصادر للتمويل".
بستاني لفتت إلى أنّ التعرفة زيدت منذ أيام الوزير وليد فيّاض، وأنّ الجباية اليوم قائمة والموارد متوفّرة، لتسأل: "ما عم نفهم هالبيانات التي تصدر عن الوزير صدّي.. هل أنّه ما عارف يوصّي على فيول مثلًا؟". واستعادت حادثة الفيول الروسي الذي فُرّغ في معمل الجية الحراري بينما أظهرت المستندات أنه تركي المنشأ، مضيفة: "اللي عم يشتغل بهيك وزارة يجب أن يكون على قدر من المسؤولية.. ولو هالشي صار أيامنا شو كان صار؟".
وتابعت بستاني بأنّ الجدية غائبة، وأنّ "ما في حزب مسؤول أبدًا"، مطالِبة الوزير بتطبيق الخطط التي أعدّها التيار الوطني الحر مسبقًا، خصوصًا أنّ "كل المنظمات الدولية معه، إضافة إلى مخصصات من الموازنة"، وبالتالي لا حجّة لعدم الالتزام بالقانون وإنصاف المواطن.
وذكّرت بالحملة التي تعرّض لها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من قِبل سمير جعجع، قائلة: "يروح يتفضّل ينفذ الخطة.. ما بقى في حل تاني، والموضوع كتير سهل، وكلّ شي معهم من منظمات دولية وموازنة.."
وتساءلت: "من الذي يربح بهالطريقة؟ اليوم من يستفيد من قطع الكهرباء؟ أليست المولدات ومافيا المولدات؟". وتابعت أنّ "خطة القوات اللبنانية" تصبّ عمليًا في خدمة أصحاب المولدات، معتبرة أنّ الحزب الذي كان ميليشيا بات اليوم "ميليشيا المولدات والفيول وغيرها.."، قبل أن تضيف: "ما ننسى تاريخهم.. تفضلوا اليوم مين مستفيد؟".
ورأت بستاني أنّ الوعود السابقة للقوات "فارغة"، وهدفها الوصول إلى ترؤس الوزارات، معتبرة أنّ الوزارة اليوم تغذّي "الكاش إيكونومي"، وأنّ المستفيد الأول هو المولدات، فيما المتضرر الأول هو المواطن والدولة لأن "الدفع كاش" يضعف الاقتصاد.
واستحضرت الفترة التي تولى فيها التيار الوزارة بالقول: "خطتنا أمّنت الكهرباء 20 من 24 ساعة بأرخص الأسعار"، في حين أنّ الخطة الحالية "تحمّل الاقتصاد أثقالًا جديدة".
وأوضحت أنّها بادرت إلى تهنئة الوزير صدّي عند تعيينه، وأبلغته استعدادها للتعاون والمساعدة "لأن هدفنا خدمة الوطن"، مؤكدة أنّ التيار يمارس "معارضة بالنقد الإيجابي البنّاء". لكنّها تأسّفت لأنّ "النكد السياسي ما رح يبني بلد.. عم يخربوا البلد"، مضيفة أنّ الوضع اليوم وصل إلى "ساعتين كهرباء"، بينما "أيامنا كانت عشرين ساعة".
وعن ربط أداء جعجع بطموحه الرئاسي عبر السيطرة على الوزارات وإطلاق الوعود، قالت بستاني إنّ "المواطن سوف يحكم بالانتخابات"، مضيفة: "من يريد رئيس جمهورية يأخذ البلد إلى العتمة وما بيعمل خطط وبيغذي المافيات.. خلي الشعب يحاسب".
وختمت بستاني بالقول: "هناك فشل من قبل الوزير وحزبه.. وهناك سياسة فاشلة"، معتبرة أنّ لبنان اليوم يعاني من "أغلى تعرفة كهرباء عالميًا" بحسب تقرير البنك الدولي. ثمّ سألت: "شو استفدنا؟ وين المصاري؟ وين المواطن اللبناني؟". وأشارت إلى أنّ من يتحدث عن الفساد عليه أن يتوجّه إلى "التدقيق الجنائي"، مؤكدة أنّ التدقيق يجب أن يشمل المرحلة الحالية أيضًا، وختمت بالقول "بعد ما تبيّن من قصّة الفيول الروسي، الله يسترنا.. وهاي شو؟! إلهم عشرة أشهر بالوزارة".