اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي معهد صهيوني أميركي: أي دور تركي في غزة يجب أن يكون ثانويًا ومشروطًا

عربي ودولي

أوروبا على عتبة الحرب: تعبئة صامتة واستعدادات غير مسبوقة لمواجهة محتملة مع روسيا
عربي ودولي

أوروبا على عتبة الحرب: تعبئة صامتة واستعدادات غير مسبوقة لمواجهة محتملة مع روسيا

79

وصف الكاتب الإيطالي فابيو لوغانو ما تشهده أوروبا في المرحلة الراهنة بـ"التعبئة الصامتة"، في إشارة إلى سلسلة إجراءات عسكرية واقتصادية ومدنية تتّخذها دول القارة استعدادًا لاحتمال اندلاع حرب واسعة مع روسيا. وأوضح لوغانو، في تقرير نشره موقع "شيناري إيكونوميشي" الإيطالي، أن الرأي العام الأوروبي لا يزال بعيدًا إلى حد كبير عن إدراك حجم هذه التحولات، في حين باتت دوائر صنع القرار في العواصم الأوروبية وداخل حلف شمال الأطلسي تتعامل مع الحرب باعتبارها سيناريو قائمًا، لا مجرد فرضية نظرية.

ويشير الكاتب إلى أن أوروبا لم تشهد بعد خطابًا علنيًا مباشرًا عن الحرب على غرار ما كان سائدًا في أربعينيات القرن الماضي، إلا أن المؤشرات العملية على الأرض لا يمكن إنكارها، من عودة التجنيد الإجباري إلى إعادة تأهيل الملاجئ ووضع خطط لنقل مئات آلاف الجنود نحو شرق القارة. ويرى أن هذه التحركات تعكس عودة مناخات تاريخية ظن الأوروبيون أنهم تجاوزوها مع نهاية الحرب الباردة.

وفي هذا السياق، يلفت لوغانو إلى تصريحات متقابلة تزيد منسوب القلق، إذ أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التأكيد على أن موسكو لا تسعى إلى مواجهة مع أوروبا، لكنّها مستعدة لها إذا فُرضت عليها.

ورأى الكاتب أن خطورة هذا التصريح تكمن في تزامنه مع نبرة متشددة متصاعدة لدى قادة غربيين، من بينهم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته الذي حذّر في خطاب بألمانيا من أن "الحلفاء هم الهدف التالي"، داعيًا إلى الاستعداد لحرب مشابهة لتلك التي خاضها الأجداد.

ولفت الكاتب إلى أن "الحديث لم يعد يدور عن عمليات حفظ سلام أو نزاعات محدودة، بل عن احتمال حرب واسعة النطاق. ويستشهد في هذا الإطار بمواقف بريطانية واضحة، حيث صرّح وزير القوات المسلحة أليستر كارنز بأن "ظل الحرب يخيم مجدّدًا على أوروبا"، مؤكدًا أن "المجتمعات والاقتصادات، لا الجيوش وحدها، هي التي تحسم الحروب. وضمن هذا التوجّه، تعمل الحكومة البريطانية على تحديث "دليل الدفاع الحكومي"، وهو دليل شامل يعود إلى حقبة الحرب الباردة، يحدد آليات عمل المجتمع المدني في حالات الطوارئ الكبرى".

أما على صعيد التجنيد، فيشير لوغانو إلى أن فرنسا وألمانيا تجاوزتا مرحلة التردّد وبدأتا اتّخاذ قرارات عملية. فقد قررت باريس إعادة العمل بالتجنيد بعد نحو ثلاثة عقود على إلغائه، على أن يبدأ التطبيق تدريجيًا اعتبارًا من الصيف المقبل، مستهدفًا الفئة العمرية بين 18 و19 عامًا، مع تقديم حوافز مالية للمجندين. وفي ألمانيا، صوّت البرلمان على إرسال استبياناتٍ إلزامية للشباب البالغين 18 عامًا اعتبارًا من عام 2026، في خطوة قد تمهّد لإعادة فرض التجنيد الإجباري إذا لم تتحقق الأرقام المطلوبة.

ويكشف التقرير عن إعداد برلين خطة سرية موسعة تحمل اسم "خطة العمليات الألمانية"، تمتد على 1200 صفحة، وتهدف إلى جمع نحو 800 ألف جندي من قوات الناتو داخل ألمانيا استعدادًا لنقلهم إلى شرق أوروبا. ولا تقتصر الخطة على الجوانب العسكرية، بل تشمل البنية التحتية والقدرة المدنية على الصمود وإعادة تشغيل الاقتصاد في ظروف الحرب، رغم تشكيك الكاتب في قابلية تنفيذها بالكامل.

اقتصاديًا، يؤكد لوغانو أن أوروبا تشهد تحولًا جذريًا في أولويات الإنفاق، إذ لم يعد سقف 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع كافيًا، بل أصبح الحد الأدنى. وبينما أنشأت ألمانيا صندوقا خاصًا بقيمة 100 مليار يورو للإنفاق العسكري، تسعى بولندا إلى رفع إنفاقها الدفاعي إلى 4.7% من ناتجها المحلي، مع خطط لتوسيع الجيش إلى نصف مليون عنصر. وتتّجه دول البلطيق كذلك إلى نسبة 5%، وتسعى السويد وفرنسا لبلوغ 3.5%.

ويضيف الكاتب أن الاتحاد الأوروبي أطلق بدوره خطة "إعادة تسليح أوروبا/الاستعداد لـ2030" التي تتضمن رافعة مالية تصل إلى 800 مليار يورو، مدعومة بأدوات إقراض ضخمة.

 ويخلص لوغانو إلى أن التعبئة الجارية في القارة لا تقتصر على الجيوش والإنفاق العسكري، بل تشمل تحصين المدن، وتهيئة الملاجئ، وإعادة تشكيل المجتمعات الأوروبية على إيقاع حرب محتملة تقترب أكثر مما يظن كثيرون.

الكلمات المفتاحية
مشاركة