اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي خروقات "إسرائيلية" متواصلة لوقف إطلاق النار في غزّة في اليوم الـ69

مقالات مختارة

العدو يفعّل
مقالات مختارة

العدو يفعّل "الخطة ب" في غزّة: إدامة الفوضى.. باغتيال الأمنيين

57

يوسف فارس - صحيفة الأخبار

غزّة | قطع انتشار الأجهزة الأمنية في قطاع غزّة، منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من تشرين الأول الماضي، الطريق أمام الفراغ الأمني الذي أريدَ به صناعة الفوضى وتحويل القطاع إلى "غابة". وفي غضون أيام قليلة، استطاعت وزارة الداخلية، الخارجة لتوّها من حرب إبادة مدمّرة، إعادة ضبط المشهد الأمني على نحو ملحوظ؛ إذ قضت على ظاهرة عصابات السرقة والبلطجة المنظّمة، وقلّصت هامش الحركة المُتاح لمجموعات العملاء، وفتحت المسار بشكل آمن أمام دخول شاحنات المساعدات والبضائع التجارية، من دون اعتراض أو عشوائية.

غير أن الاستثمار "الإسرائيلي" في صناعة الفوضى لم يتوقّف؛ إذ شمل هذا المسار أيضًا محاولة استمالة عائلات كبيرة تربطها بحكم حركة "حماس" علاقات شائكة، حتّى تتحوّل لاحقًا إلى مجمّعات أمنية تفرض سيطرتها على المناطق القريبة من "الخط الأصفر"، وتقدّم خدمات أمنية مباشرة إلى جيش العدوّ عبر ملاحقة المقاومين وكشف تحرّكاتهم، وأخرى غير مباشرة من خلال تقويض الأمن المجتمعي. إلا أن ذلك المنحى أفضى بدوره إلى الفشل الذريع، ولا سيما بعد صدور مواقف واضحة من العشائر والعائلات، تبرّأت فيها من أي فرد يقبل التعاون مع الاحتلال أو الانضواء في إطار أي "تشكيل لحدي" ينشط في مناطق نفوذ جيش العدو.

أمّا الخطة "ب"، التي شرع الاحتلال في تنفيذها خلال الأسابيع الماضية، فتمثّلت في استغلال الواقع الأمني الصعب، ولا سيما الوضع الحدودي الهشّ الذي يسمح باختراقات غير مكلفة لعناصر من مجموعات العملاء، لتنفيذ عمليات اغتيال دقيقة ومركّزة تستهدف شخصيات أمنية تضطلع بدور محوري في ضبط الحالة الأمنية، وفي مقدّمها ملف العملاء والمشبوهين. وبالفعل، نجحت إحدى هذه المجموعات، مطلع الأسبوع الجاري، في اغتيال أحمد زمزم، وهو ضابط في جهاز الأمن الداخلي كان ينشط في متابعة الملف المذكور. ووفقًا لمصادر محلية، فإن مجموعة مكوّنة من عدة أشخاص كانوا يستقلّون دراجة كهربائية، ترصّدت زمزم قرب منزله في مخيم المغازي شرق المحافظة الوسطى، وأطلقت النار عليه، ما أدّى إلى مقتله على الفور. ولاحقًا، تمكّن جهاز أمن المقاومة من اعتقال أحد منفّذي العملية، الذي أقرّ بتنفيذها بتوجيهات من قائد في مجموعات العملاء. وفي وقت لاحق، أعلن العميل حسام الأسطل، الذي يقود إحدى المجموعات التي تنشط في مناطق "الخط الأصفر" جنوبًا، مسؤوليته عن الاغتيال.

وتقاطع هذا الحدث مع محاولة نفّذتها مجموعة أخرى من العملاء، تابعة للعميل أشرف المنسي، الذي ينشط في مخيم جباليا والمناطق الشمالية لمدينة بيت لاهيا شمالي القطاع، لاختطاف أحد عناصر المقاومة، قبل أن تتمكّن الأخيرة من تحييد المجموعة المكوّنة من ثلاثة أشخاص، وفقًا لمصادر أمنية تحدّثت إلى "الأخبار". وتؤكّد المصادر أن محاولات الاختراق والاختطاف قائمة "على مدار الساعة"، في ظلّ امتلاك جيش الاحتلال وجهاز أمنه العام "الشاباك" "الأفضلية في الظرف الراهن"؛ إذ إن الأخيرين لا يضطرّان إلى المجازفة بإقحام جنود إسرائيليين في عمليات عالية المخاطر وغير مضمونة النتائج، بل يعتمدان على الزجّ بمجموعات العملاء لتنفيذ هذه المهمات، التي انتهى كثير منها بمقتل منفّذيها أو اعتقالهم. كما أتاح اعتقال عدد من هؤلاء، الذين يفتقر معظمهم إلى الخبرة القتالية والاحتراف الأمني، الحصول على "معلومات وافرة حول أعداد وأسماء ومهام المتورطين في تلك المجموعات، التي يحرص معظم أفرادها على إخفاء وجوههم تحت اللثام".

وبحسب المصادر، فإنه برغم أن الجهاز الأمني للمقاومة "فقد جزءًا كبيرًا من أصوله البشرية والتكنولوجية، وهو ما قد يحدّ من فعاليته"، لكنّه "يمتلك الإرادة والقرار لحفظ الأمن قدر المستطاع". ولذلك، فإن الجهد المبذول اليوم "يتجاوز بكثير ما كان يُبذل خلال السنوات الماضية، نظرًا إلى صعوبة الواقع الأمني، والعمل المستمر تحت خطر الاغتيال والملاحقة، ولا سيما أن مجموعات العملاء تتحرك عادة بغطاء جوي واستخباري من قِبل جيش الاحتلال".

أمّا على الصعيد الأمني المدني، فتبدو الأوضاع أفضل حالًا مما كانت عليه خلال شهور الحرب. ففي تلك الفترة، لم يكن الأهالي يأمنون على أنفسهم وممتلكاتهم؛ إذ تحوّلت السرقات من حالات فردية شاذّة إلى ظاهرة شبه منظّمة، نشطت فيها مجموعات متخصّصة في سرقة شاحنات المساعدات، وأخرى في سرقة منازل النازحين المُخلاة، وثالثة في قطع الطرقات والتشبيح. إلا أن هذه الظواهر اختفت إلى حدّ كبير، عقب تنفيذ الأجهزة الأمنية حملات دقيقة حاسبت خلالها اللصوص وفكّكت مجموعاتهم. كذلك، أسهم الانتشار الأمني العلني لعناصر الشرطة والأجهزة الأمنية على المفترقات والطرق الرئيسة، إلى جانب الانتشار الخفي داخل الأحياء السكنية ومخيمات الإيواء، في تقليص هوامش الحركة المُتاحة للصوص والحدّ من الجرائم.

على أي حال، ينصبّ جهد العدوّ "الإسرائيلي" في المرحلة الحالية على تقويض أي فرصة للتعافي الأمني في القطاع، بهدف إبقاء المقاومة تحت ضغط متواصل يحدّ من قدرتها على إعادة الهيكلة والتنظيم. أمّا على الصعيد المدني، فيسعى الاحتلال إلى حرمان الأهالي، المُثقلين بتبعات الحرب والنزوح، من الشعور بالأمان، وصولًا إلى تعزيز صورة غزّة باعتبارها مكانًا "غير صالح للعيش والحياة".

الكلمات المفتاحية
مشاركة