إيران
اهتمت الصحف الإيرانية، اليوم الثلاثاء (23 كانون الأول 2025)، بقضايا متعلّقة بالوضع الإيراني على الطاولة الصهيونية الأميركية في ظل زيارة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني إلى الولايات المتحدة الأميركية وما تحمله هذه الزيارة من توقعات، كما اهتمت بالجهود الكبيرة للولايات المتحدة في إطار الحرب النفسية على إيران.
عملية الحرق
كتبت صحيفة وطن أمروز: "في الأيام الأخيرة، شنت وسائل الإعلام وخبراء الكيان الصهيوني حملة نفسية واسعة النطاق بشأن زيارة بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان إلى الولايات المتحدة ولقائه مع دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة.. الحال الوحيدة التي يُمكن لنتنياهو فيها شنّ حرب ضدّ برنامج الدفاع الصاروخي الإيراني هي إذا خيضت هذه الحرب بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة. بمعنى آخر، ستكون الحرب رسميًا حربًا بين الولايات المتحدة وإيران، تُخاض بمشاركة الكيان الصهيوني. لكن ثمة أسباب عديدة تستبعد هذا الاحتمال. أولًا، الولايات المتحدة، على الأقل في الظروف الراهنة، غير مستعدة لاتّخاذ هذا الإجراء. تُظهر الأدلة الميدانية وملفات السياسة الخارجية الأميركية المفتوحة أن ترامب ليس متحمسًا لهذه الفكرة. من جهة أخرى، يُعدّ خطر هذا الإجراء على الولايات المتحدة كبيرًا، لأنه إذا أقدمت على مثل هذا العمل المتهور، فسيكون رد إيران باستهداف جميع المراكز والمصالح العسكرية الأميركية في المنطقة مشروعًا، ويُقرّ القانون الدولي بحق إيران في هذا الرد.
تتابع الصحيفة: "يؤكد أداء ترامب في حرب الأيام الاثني عشر هذا التقةيم أيضًا. إذ بعد أن هاجمت إيران قاعدة العديد، ومع تزايد احتمالية استهداف المراكز العسكرية الأميركية في المنطقة، سارع ترامب إلى الدعوة لوقف الحرب. على الرغم من أن وقف الحرب كان رغبة مشتركة بين نتنياهو وترامب، إلا أن سلوك ترامب، لا سيما في الساعات الأخيرة من الحرب وقصة اختلاف توقيت وقف إطلاق النار، أظهر خوفه الشديد من اتساع نطاق الصراع وتزايد التهديدات التي تواجه الجنود الأميركيين. لذلك، يعتقد معظم الخبراء والمحللين الآن أن الحكومة الأميركية غير مستعدة للدخول في مواجهة عسكرية مع إيران في الوقت الراهن. في الوقت نفسه، تُظهر الحقائق والمعايير المتعلّقة بمشروع مهاجمة فنزويلا أن الخط الأحمر الثابت للرئيس الأميركي هو خسارة أي فرد من أفراد الجيش الأميركي. لذلك؛ بالنظر إلى هذه التصريحات وما يقابلها من سلوكيات مماثلة بين مسؤولي الحكومة الأميركية، فإن هذا الاحتمال مستبعد".
تؤكد الصحيفة :"من جهة أخرى، يعتقد الخبراء أن ما سيتفق عليه نتنياهو وترامب بشأن إيران ليس هجومًا عسكريًا وشيكًا، بل خطة جديدة ضدّ إيران. في ضوء واقع حرب الأيام الاثني عشر، توصل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة إلى استنتاج مفاده أن إعطاء الأولوية للخيار العسكري ضدّ إيران أمرٌ عبثي، وسيؤدي إلى خسائر فادحة للكيان الصهيوني، سيعزز في الوقت نفسه التضامن والتماسك الداخلي في إيران. لذلك، في هذه المرحلة، قاموا بإزالة الخيار العسكري من قائمة الأولويات ويركزون حاليًّا على خلق الفوضى والاضطرابات في إيران. كما تتمثل فكرة الحكومة الأميركية في زيادة وتكثيف الضغط الاقتصادي على إيران بهدف تأجيج السخط الشعبي. في الوقت نفسه، تعمل أجهزة الاستخبارات الأميركية و"الإسرائيلية" على تنشيط الجماعات الإرهابية الانفصالية في شرق إيران وغربها. يُعدّ اندماج الجماعات الإرهابية، في المناطق الحدودية الشرقية لإيران والعديد من العمليات التي نفذتها هذه الجماعات في محافظتي سيستان وبلوشستان، جزءًا من هذه الخطة الأمنية التي وضعها "الموساد" ووكالة المخابرات المركزية الأميركية ضدّ إيران".
من مبادئ الحرب النفسية: أنت غير قادر
كتبت صحيفة إيران: "أحد أهم محاور الحرب النفسية، بل وأساسها، هو غرس فكرة العجز في نفوس الدول والشعوب., أي القول: لا يمكن لأي دولة أن تصمد أمام القوّة العسكرية والاقتصادية والدعائية والسياسية والعلمية والتقنية للقوة العظمى أميركا. لذلك، لا بد من الخضوع لأميركا وترامب! لا بد من طاعته لنيل حياة سياسية واجتماعية رغيدة! هذه الازدواجية تتكرّر في خطابات ترامب عن إيران والشعب الإيراني. من جهة، يمتدح إيران والشعب الإيراني المثقف والحضارة والثقافة الإيرانية، ويشيد بأصدقاء ترامب الإيرانيين، ومن جهة أخرى، يهدّد بالحرب والدمار، ويطالب بمنع إيران من امتلاك القدرات النووية والصاروخية".
تتابع الصحيفة: "للحرب النفسية أيضًا شكل آخر يتمثل في التركيز على نقاط ضعف الخصم. هي تعطي معنى لكليهما كوجهين لعملة واحدة؛ قدرة أحدهما الأسطورية في جميع المجالات، ونقاط ضعف الآخر في جميع المجالات. استخدمت "إسرائيل" هذا الأسلوب في منطقة غرب آسيا وفي علاقتها بالدول العربية في المنطقة. عليهم أن يتقبلوا أن "إسرائيل" هي المركز العلمي والتقني والسياسي والعسكري لغرب آسيا، وأن الجيش "الإسرائيلي" لا يُقهر. وقد غذّت أميركا هذه الفكرة أكثر من أي دولة أخرى، من خلال إنشاء ودعم مراكز أبحاث سياسية واجتماعية وثقافية، واستخدام جنود من دول المنطقة في فرق خبرائها. في الواقع، تُعدّ واشنطن بؤرةً لهذه المراكز البحثية المُضللة. لكن الحقائق التاريخية في العقود الأخيرة تُظهر أن العالم لا يسير وفقًا لرغبات أميركا. أي أن الأمور لا تسير كما أرادت الحكومة الأميركية ولا تزال ترغب.
تعطي الصحيفة أمثلة على ذلك؛ مثل حرب فيتنام وانسحاب الجيش الأميركي من أفغانستان - حتّى وإن تم ذلك بتنسيق ما - أظهرت أن أميركا، على الرغم مما تكبدته من هزيمة وتكاليف سياسية وعسكرية واجتماعية باهظة، ليست فقط غير منيعة، بل قابلة للهزيمة تمامًا..وتقول:" نظام الحرب النفسية القائم على إضعاف الخصم وإضعافه، بالإضافة إلى قدراتها المزعومة، له جانب آخر: بث الرعب في صفوف الخصم. عندما هاجم ترامب إيران بقاذفات بي - 52!، هدّد سكان طهران بالرحيل، مما غذّى سرًا فكرة احتمال استخدام الولايات المتحدة قنبلة نووية ضدّ إيران".
كرامة وطنية منقوصة في دمشق
أما صحيفة رسالت فقد كتبت: "كشفت التحركات العسكرية الأخيرة للكيان الصهيوني في المناطق الجنوبية من سورية، مرة أخرى، الوجه القبيح لسياسة تل أبيب العدوانية. لم تعد غارات النظام المتتالية على قرى أم العزام والسعيدة وسد المنطرة في القنيطرة ظاهرة استثنائية في الساحة الأمنية السورية، بل أصبحت روتينًا مدروسًا ومُخططًا له. بدعم من الولايات المتحدة، وفي ظل صمت الأمم المتحدة الدائم، يُعيد الصهاينة تعريف حدود سيطرتهم في جنوب سورية، وكأنّ وحدة الأراضي السورية قضية منتهية الصلاحية في المعادلات الدولية. لكن ما يزيد هذه الاعتداءات المتكرّرة خطورة ليس فقط غطرسة "تل أبيب" المُفرطة، بل أيضًا غياب أي عنصر أساسي في سياسة دمشق ما بعد الحرب: الكرامة الوطنية. بينما تجوب القوات "الإسرائيلية" بحرية في القنيطرة، بل وحتّى في المرتفعات الإستراتيجية لجبل الشيخ، لا تُبدي الحكومة في دمشق أي رد فعل يُذكر يُبرر انتهاك سيادتها، لا على الصعيد السياسي ولا على أرض الواقع. أدى هذا الخمول تدريجيًا إلى تجريد الحكومة السورية من مفهوم السيادة واختزالها إلى مجرد إدارة للعاصمة. اليوم، لم يعد الصهاينة يكتفون بقصف المواقع العسكرية، بل يستغلون الثغرات الأمنية والاجتماعية، وينفذون تدخلًا ناعمًا في مناطق مثل السويداء بذريعة دعم الدروز. هذا التوغل الزاحف يرسم وجهًا جديدًا لمشروع "إسرائيل" الكبرى؛ احتلال لم يعد يستهدف الجغرافيا فحسب، بل يهاجم أيضًا الجذور الرمزية والتاريخية لسورية، ألا وهي الكرامة الوطنية.
تؤكد الصيحفة:" في ظل هذه الظروف، ينتهك الكيان الصهيوني كلّ شبر من الأراضي السورية بذريعة مختلفة، ولا تُشكل جبهة تحرير الشام أي عائق أمام هذا الاحتلال والعدوان السافر. في ظل هذه الظروف، لا تقتصر مسؤولية دمشق على حماية الحدود فحسب، بل إن ما هو على المحك الآن هو مفهوم سورية الموحدة، وهو مفهوم ينهار مع كلّ خطوة يخطوها الصهاينة في القنيطرة والجولان، ومع كلّ صمت من جانب المؤسسة الحاكمة في دمشق. فإذا كان شعار مقاومة "إسرائيل" في يوم من الأيام محور الخطاب الرسمي السوري، فقد استُبدل اليوم بصفقات تكتيكية وانتهازية. وفي ظل هذه الظروف تحديدًا، تنخرط جبهة تحرير الشام، بدلًا من احتواء العدوّ الصهيوني من وراء الكواليس وبوساطة جهات فاعلة مثل تركيا والإمارات وأذربيجان، في التفاعل مع الأجهزة الأمنية والرسمية للكيان الصهيوني لعقد ميثاق أمني مشترك! إن التطورات في جنوب سورية بمثابة تحذير واضح: عندما تُستبعد الكرامة الوطنية من معادلات القوّة، فإن وحدة الأراضي ستُزال من خريطة الواقع عاجلًا أم آجلًا. لم تُغير "تل أبيب" خطوط النار فحسب، بل غيرت أيضًا حدود كرامة سورية، ودمشق، على الرغم من كلّ الشعارات، تشهد هذا العبور التاريخي لأرضها وشرفها".