اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي النائب فيّاض: ما يُخطَّط للبنان يأخذه إلى تموضع آخر يُغيِّر في هويته

نقاط على الحروف

التعتيم الإعلامي على الخسائر لم يعد يحمي
نقاط على الحروف

التعتيم الإعلامي على الخسائر لم يعد يحمي "إسرائيل"

113

كاتب من لبنان

"في الحرب، الحقيقة هي الضحية الأولى" المفكر العسكري كلاوزفيتز

الحرب خلف الستار

إذا كانت الأسلحة، من البندقية إلى الصواريخ الباليستية، هي أسلحة المعارك المعتادة، فهناك سلاح آخر إلى جانب هذه الأسلحة، وله تأثير لا يقل عن تأثير الأولى، هو سلاح التعتيم الإعلامي، الذي تستعمله الدول لأجل المحافظة على تماسك جبهتها الداخلية أمام شعبها، وعلى صورتها الخارجية، أمام العالم.

ولأهمية التعتيم الإعلامي في دولة قامت وتعيش على الحروب، كـ"إسرائيل"، أنشأ الكيان وحدة خاصة مهمتها الرقابة العسكرية، لديها صلاحية منع نشر أي خبر أو معلومة تؤثر في أمن "الدولة" أو "روح الجيش".

التعتيم: فلسفته ودوافعه: 

اعتمدت "إسرائيل" سياسة التعتيم الإعلامي في حروبها ضد العرب، هذا التعتيم الذي يسميه رونين برغمان، المحلل العسكري "الإسرائيلي" "الغموض الاستراتيجي القاتل". وسبب ذلك أن "المجتمع الإسرائيلي" يتأثر جدًا في حال سقوط خسائر سواء في الجيش أو "المواطنين". وكل خسارة فادحة تؤدي إلى اهتزاز ثقة هذا "المجتمع" بالجيش، وانهيار هالة وصورة الجيش الذي يردع أعداءه، بالإضافة إلى أن كشف الخسائر على حقيقتها سيكون له آثار سياسية كما حصل بعد حرب 1973 حين أدى كشف الخسارة الهائلة لدى العدو إلى سقوط رئيسة الوزراء غولدا مائير.

أبعاد التعتيم الإعلامي

1. تنقيط  أعداد القتلى

تؤخر الرقابة العسكرية "الإسرائيلية" الإعلان عن أسماء القتلى من جنود الجيش "الإسرائيلي" أحيانًا إلى أيام بحجة ضرورة إبلاغ العائلات قبل نشر الأسماء، لكن في الحقيقة فإنها تلجأ إلى ذلك لأجل نشر أسماء القتلى بشكل متتابع (بروتوكول التنقيط) للتقليل من حجم صدمة وقوع الخسائر، وهو أسلوب لجأت إليه هذه الرقابة في معركة جنين عام 2002، حين سقط للعدو في كمين حي الفلوجة 13 جنديًّا، ففرضت الرقابة التعتيم الكامل ومنعت دخول الصحافيين ولم تعترف بعدد الجنود القتلى إلا بعد ذلك، وبعد تصريحات الجنود الذين كانوا مشاركين في المعركة.

2. حماية أسطورة السلاح

يتباهى العدو "الإسرائيلي" بسلاحه، لا سيما دبابات "ميركافا" (مركبة الرب)، لذلك يخفي مشاهد تدميرها، أو تدمير واحتراق أي نوع من أنواع صناعاته العسكرية، ويقول إليا ماغنير، الخبير العسكري، إن "إسرائيل" أخفت في حرب تموز 2006 عدد دبابات "ميركافا" التي دمرتها المقاومة الإسلامية بصواريخ "كورنيت"، لأن نشر المشاهد سيؤثر في صفقات تصدير هذه الدبابات.

الأمر نفسه حصل بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ إن مشاهد دبابات "ميركافا" المتضررة بسبب قذائف "الياسين 105" البدائية الصنع، أثر تأثيرًا فادحًا على سوق السلاح "الإسرائيلي".

3. البعد الاقتصادي 

في عام 2024 ذكر بنك "إسرائيل" أن تكلفة الحرب على لبنان تجاوزت ما كان متوقعًا بنسبة 30 %، بينما كانت الحكومة "الإسرائيلية" تتعمد تقديم أرقام توحي بالتفاؤل من أجل تجنّب خفض التصنيف الائتماني من الوكالات المعنية مثل وكالة "موديز". 

الإعلام البديل وكاميرا المقاتل

مع أن الرقابة العسكرية "الإسرائيلية" كثيرًا ما تنجح في السيطرة على الإعلام التقليدي، من محطات تلفزيونية ومواقع إخبارية، لكنها لا تستطيع مواجهة تدفق المعلومات والصور التي تتسلل إلى وسائل الإعلام ووسائل التواصل المختلفة، كقيام "المواطنين" بتصوير أماكن سقوط صواريخ المقاومة الفلسطينية (قبل وخلال عملية طوفان الأقصى)، وصواريخ ومسيّرات المقاومة الإسلامية (خلال حربي الإسناد وأولي البأس) والصواريخ والمسيّرات الإيرانية خلال حرب الاثني عشر يومًا. 

من ناحية أخرى، لطالما تسرّب إلى الإعلام "الإسرائيلي" وغيره، مقاطع الفيديو التي كان ينشرها جنود العدو مستعملين كاميرات GoPro الموضوعة على خوذاتهم والتي تصور عمليات استهدافهم من قِبَل المقاومين في غزة. 

التداعيات الدولية والقانونية

يخشى العدو "الإسرائيلي" أن تؤثر عملياته العسكرية على صورته التي حاول إظهارها للعالم، على أن الكيان "دولة" نزيهة، وأن جيش الكيان جيش نظيف يدافع عن وجود الكيان ضد محاولات "الهجوم عليه وعلى مستوطنيه"، لكن كل هذه المحاولات لم تنجح في إخفاء المجازر اليومية التي قام بها الجيش "الإسرائيلي" في غزة، وأدى فشل العدو في التعتيم على هذه المجازر إلى اعتماد دولة جنوب أفريقيا في ملفها الذي رفعته ضد "إسرائيل" في محكمة العدل الدولية على فيديوهات مسربة لجنود العدو يقومون بتدمير البنية التحتية للمواطنين الفلسطينيين في غزة، ما شكل إدانة قانونية ربما تكون غير مسبوقة ضد العدو.  

نهاية عصر الاحتكار المعلوماتي

لا شك أن ما قاله كلاوزفيتز: "في الحرب، الحقيقة هي الضحية الأولى"، صحيح، لكن في عصرنا الرقمي، أصبحت الحقيقة كاسرةً لجدار الصمت، والتعتيم الإعلامي لم يعد يحمي "إسرائيل"، وقد أصبح عليها من اليوم وصاعدًا أن تقلق قلقًا جديدًا، يضاف إلى قلقها على حال كيانها وجيشها، وعلى مناعته العسكرية، وهو القلق من الكاميرا التي كذّبت ما تدّعيه من نظافة جيشها، حتى صرنا نجد بعض الدول تحمل أدلة إدانة "إسرائيل" إلى المحاكم الدولية.

الكلمات المفتاحية
مشاركة