عين على العدو
علّق المحلل السياسي في موقع "والا" عيدان كافلر على لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في فلوريدا أمس، فعنون ما جرى بـ"لقاء نتنياهو–ترامب انتهى بعلامات تعجّب كثيرة، فيما تختبئ خلفها علامات استفهام غير قليلة".
كافلر قال "في مؤتمريْن صحفييْن مُرتجليْن، أجاب ترامب على معظم الأسئلة تقريبًا، وأتاح للصحفيين، ولا سيما "الإسرائيليين" منهم، طرح أسئلة بمستوى من التفصيل والعمق لم يحظوا به منذ وقت طويل أمام رئيس حكومتهم نفسه"، ونقل عن مصادر وفد العدو أن "اللقاء فاق التوقعات بكثير، وكل من تابع البث المباشر أو كان حاضرًا في المكان استطاع أن يفهم السبب"، حسب تعبيرها.
بحسب كافلر، أغدق ترامب على نتنياهو مديحًا استثنائيًا، إلى حدّ بدا معه إحراج رئيس الحكومة واضحًا. وكرر قوله إن "إسرائيل" كانت ستُدمَّر لولا قيادة نتنياهو، وإنه في زمن الحرب تُطلَب قيادة قوية لا ضعيفة. أقوال مماثلة أدلى بها ترامب أيضًا في خطابه أمام الكنيست، لكن هذه المرة توسّع فيها إلى حدّ إسهاب لافت.
إحدى الرسائل الأشد وضوحًا تعلّقت بإيران، يضيف كافلر، فردًا على سؤال موقع "والا"، أجاب ترامب مرتين بشكل لا يقبل التأويل: "إذا استمروا في الصواريخ الباليستية، نعم"، ثمّ أردف لاحقًا "إذا استمروا في البرنامج النووي فورًا، بسرعة".
وأشار الى أن "هذا ضوء أخضر مبدئي ضد إيران لعمل "إسرائيلي"، مشروط بعرض معطيات وأدلة، لكنه قيل علنًا، أمام الكاميرات، ومن دون تحفّظات تُذكر".
وفق المحلل السياسي في "والا"، عرض ترامب ونتنياهو توافقًا مبدئيًا يقضي بمشاركة عشرات الدول في نزع سلاح حماس، بحيث لا تُضطر "إسرائيل" إلى القيام بذلك وحدها. وتحدث ترامب عن استعداد نحو 59 دولة للمشاركة في هذه الخطوة. غير أنه، في ظلّ الواقع الحالي، يمكن القول، بأدنى تقدير، إنه رغم الاستعداد الذي أشار إليه الرئيس الأميركي، لا توجد أي دولة متحمسة فعلًا للقيام بذلك بنفسها.
ورأى أنه حتى الآن لا توجد دول تنخرط فورًا في قوة استقرار دولية، ولذلك لم تُعلن واشنطن بعد عن هذه الخطوة.
ويتابع كافلر "إلى جانب التفاهمات، من المهم التوقف عند نقاط الاحتكاك. سُئل ترامب عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعن تصريحاته السابقة التي وصف فيها "إسرائيل" بالنازية ونتنياهو بهتلر. جاءت إجابته حاسمة: "إنه صديقي. أنا أحترمه، وبيبي يحترمه أيضًا. لن تكون هناك مشكلة بينهما". وأسهب ترامب: "رأيتموني أفعل أشياء مع تركيا لم يفعلها غيري. لقد قام بعمل رائع، عمل ممتاز". ولاحقًا أكّد أن الولايات المتحدة تدرس بيع طائرات F-35 لتركيا، لكنه طمأن بالقول: "نحن نفكر في الأمر. لا تقلقوا — لن يستخدموها ضدكم أبدًا".
هذه التصريحات أثارت في "اسرائيل" شعورًا بعدم الارتياح. قد يعترف نتنياهو بالقوة الإقليمية لأردوغان، لكن من وصفه سابقًا بهتلر من المشكوك فيه أن يحظى باحترامه. كما يُنظر إلى استئناف بيع طائرات الشبح لتركيا كخطوة حساسة للغاية، على ما يورد المحلل الصهيوني.
ويخلص الى أن اللقاء في فلوريدا كان دافئًا، سخيًّا ومليئًا بالإطراءات، وربما من أكثر اللقاءات ودّية التي عرفها الزعيمان. حصل نتنياهو على دعم سياسي مهم: ثقة شخصية عميقة، ضوء أخضر مبدئي ضد إيران، ودعم علني في زمن حرب، لكن تحت السطح بقيت أسئلة ثقيلة: غموض بشأن اليوم التالي في غزة، فجوات في الضفة الغربية، واستعداد أميركي لمواصلة تعزيز تركيا، حتى بثمن إزعاج إسرائيلي. الكيمياء واضحة، لكن لا يوجد هنا شيك مفتوح. القرارات الصعبة ما زالت أمام الطرفين".