اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي "أصحاب الأرض" - سلسلة "أمينُ الوَصيَّة"

مقالات

2025 عام فرض الإذعان الدولي وأسطورية صمود المقاومة
مقالات

2025 عام فرض الإذعان الدولي وأسطورية صمود المقاومة

103

كاتب من مصر

بطبيعة الحال لا يمكن لعام أن يعد مقياسًا مستقلًا للتحولات التي تعتمد على تراكمات وتفاعلات ممتدة، ولكنه يصلح لأن يكون وحدة لقياس المستجدات والمؤشرات للمستقبل، ما يعطيه عنوانًا أو مجموعة من العناوين التقييمية والاستشرافية.

ورغم أن العام 2025 كان امتدادًا طبيعيًا للعام السابق، إلا أنه شهد تطوّرات كبرى وإعلانًا عن حقائق تؤسس لتطورات ومفاعيل العام الجديد 2026.
بداية ساخنة:

شهد العام منذ بدايته تنصيبًا جديدًا على رأس الملفات الساخنة في العالم، بداية من أميركا بتولي دونالد ترامب رسميًا الرئاسة الأميركية، مرورًا بالصراع في الكاريبي، بتولي نيكولاس مادورو ولاية ثالثة في فنزويلا، وصولًا إلى لبنان وفتنة نزع السلاح، بتولي الرئيس جوزاف عون والرئيس نواف سلام السلطة، وسورية الجديدة بما هو مخطّط لتوظيفها في الصراع الإقليمي، بتولي أبو محمد الجولاني رئاسة سورية تحت مسمى "أحمد الشرع". 

عام العجلة في تسخين الصراعات:

لم ينتظر ترامب طويلًا ليبدأ خطة أميركا في تسخين الصراعات، حيث بدأ على الفور في أول شباط/فبراير حربه التجارية بزيادة التعرفة الجمركية على الواردات من الصين، وتبعها الرد الصيني بشكل مباشر.

وعلى مستوى الحرب في غزّة، أعلن ترامب أن أميركا ستتولى السيطرة على قطاع غزّة بالاتفاق مع "إسرائيل"، وأن الجيش الأميركي سيكون مسؤولًا عن إعادة إعمار غزّة. 

عام المقاربة الأميركية الجديدة لأوروبا والصراع مع روسيا:

شهدت بدايات العام مقاربة أميركية جديدة في أوروبا تقوم على احتواء روسيا وربما عقد صفقة لاحترام النفوذ المتبادل، بمحاولة إنهاء الحرب في أوكرانيا مقابل احترام نفوذ أميركا في حديقتها الخلفية ونصف الكرة الغربي، وهي مقاربة تتيح لأميركا السيطرة على أوروبا بدافع الخوف من روسيا المنتصرة نسبيًا، وتحد من طموحات "اليسار الأوروبي" بالتمدد، وتتيح لليمين الأوروبي المتوافق مع رؤية الإدارة الأميركية الصعود والترقي، وهو ما أفصحت عنه أميركا علنًا في وثيقتها للأمن القومي التي أصدرتها في نهاية العام.

فقد أعلن بوتين في شباط/فبراير أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا رسميًا على استعادة العلاقات الدبلوماسية، وفي نهاية شباط/فبراير عُقد الاجتماع الشهير بين ترامب والرئيس الأوكراني زيلينسكي، والذي شهد إهانة لزيلينسكي وتوبيخًا من ترامب ونائبه جيه دي فانس.

واللافت أنه في شباط/فبراير ومع المقاربة الأميركية الجديدة لأوروبا، عقدت الانتخابات الفيدرالية الألمانية، والتي شهدت مكاسب كبيرة لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرّف.

وفي آذار/مارس عقدت الانتخابات العامة في جرينلاند، وأصبح الديمقراطيون من يمين الوسط أكبر حزب، بعد هزيمة حزب "الإنويت أتاكاتيجيت" اليساري الحاكم.

ثم تفاقمت الأزمة السياسية الفرنسية بانهيار حكومة رئيس الوزراء فرنسوا بايرو بعد خسارتها تصويت حجب الثقة، وكان هناك اتفاق تحليلي على أن سقوط بايرو أدى إلى تآكل "الماكرونية" واليسار المعتدل لصالح صعود مستمر لليمين المتطرّف الذي يطمح لانتخابات 2027 كقوة مهيمنة.

عام انكشاف دور الإمارات في الصراعات:

في آذار/مارس تقدمت السودان بطلب ضدّ الإمارات المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، متهمة الإمارات بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية من خلال دعمها لقوات الدعم السريع، المسؤولة عن الإبادة الجماعية في دارفور، وفي تشرين الأول/أكتوبر وقعت مجزرة على يد ميليشيا قوات الدعم السريع وسط اتهامات دولية للإمارات.

وفي نهاية العام يحاول المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا السيطرة على حضرموت والاشتباك مع قبائلها وهو ما أدى إلى توتر بين حلفاء العدوان على اليمن حيث قصفت السعودية هذه الميليشيات لتعارضها مع مصالح السعودية في اليمن.وقد كشفت الأحداث الدور الإماراتي في ليبيا وتشاد واستدعت دورها في جيبوتي والقرن الافريقي.

عام ملاحقة مشروع الحزام والطريق الصيني:

لم تقتصر الحرب الأميركية على الخصم الصيني على مجال الحرب التجارية والتعريفات الجمركية، بل شملت تتبع مسار المشروع الجيوستراتيجي الصيني المعروف بمشروع الحزام والطريق، وتوتير الأجواء وتأجيج وتجديد الصراعات بل والانقلابات السياسية في محيطه.

وبداية من أيار/مايو تجدد الصراع الهندي الباكستاني، وفي تموز/يوليو اندلعت اشتباكات مسلحة بين كمبوديا وتايلاند، ومن المعلوم أن الصين تعتبر الداعم الاقتصادي والسياسي الرئيسي لكمبوديا. 

وفي آب/أغسطس، وقعت أرمينيا وأذربيجان اتفاقية سلام بوساطة أميركية، وتم الاعداد لتدشين ممر زنغزور القاطع لمسار الحزام والطريق والمهدّد لأمن إيران وروسيا.

وفي أيلول/سبتمبر اندلعت احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة في نيبال، أدت إلى استقالة رئيس الوزراء خدجا برساد شرما، الذي دعم مبادرة الحزام والطريق، وفي تشرين الأول/أكتوبر تجدد الاشتباك بين أفغانستان وباكستان، إضافة إلى الصراع المستمر في ميانمار حول ميناء كياوكفيو والذي يؤثر مباشرة على المشاريع الصينية.

عام سقوط الردع الأميركي في اليمن:

في الفترة من 5 آذار/مارس إلى 6 أيار/مايو شنت أميركا عدوانا صريحًا على اليمن، ورغم الأهداف المعلنة، لم تُنه هذه الضربات قدرة حركة "أنصار الله" على إسناد غزّة، وتوقفت الحملة بهزيمة نكراء لأميركا حيث قالت إنها أوقفت الاشتباك دون شرط إيقاف اليمن هجماتها على الكيان الصهيوني، واعترفت الأروقة الإستراتيجية والعسكرية الأميركية بخسائر كبيرة وبصعوبة ردع أنصار الله.

عام سقوط الردع الصهيوني والأميركي أمام صلابة إيران:

شهد هذا العام حرب الـ12 يومًا على إيران، في الفترة من 13 حزيران/يونيو إلى 24 منه، والتي بدأت غادرة بالتزامن مع تحريك مجموعات عميلة بهدف الإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولكن إيران استطاعت امتصاص الهجوم والمبادرة بشن هجمات استطاعت تدمير مراكز حيوية للعدو وخسائر اقتصادية وبشرية أجبرت أميركا على التدخل بنفسها لقصف المنشآت النووية.

ومع تدخل أميركا لحماية الكيان توعدت إيران بالرد وقصفت قاعدة العيديد الجوية الأميركية في قطر ووصلت الأمور لتصعيد خطير أجبر أميركا على إيقاف الحرب بدعوى كاذبة أنها حققت أهدافها ودمرت المشروع النووي رغم اعتراضات داخلية أميركية وتكذيب علني لرواية ترامب.

عام فرض الأمر الواقع على سورية:

في تموز/يوليو تدخل العدوّ "الإسرائيلي" بدعوى حماية الدروز لوضع موطئ قدم وفرض أمر واقع سياسي وعسكري يضاف لما فعله في جبل الشيخ والتوغل في الجولان، واتبعه بقصف القصر الرئاسي السوري ومقر هيئة الأركان العامة السورية في دمشق، دون حراك أو رد من النظام السوري الجديد الذي فتح الباب أمام اتفاقات أمنية ومسار تطبيعي مع العدو.

وبعد أن التقى ترامب مع الجولاني "أحمد الشرع" في السعودية في أيار/مايو ووعده برفع العقوبات، التقيا مجددًا في البيت الأبيض في تشرين الثاني/نوفمبر، وتم الاتفاق على شراكة وانضمام للتحالف الأميركي لمواجهة (الإرهاب) وفي كانون الأول/ديسمبر الجاري صوت الكونغرس على إلغاء قانون قيصر، وهي مقايضة أميركية صريحة مع سورية مفادها مبادلة السيادة والعداء للكيان برفع العقوبات والالتحاق بالمشروع الأميركي في المنطقة. 

عام كشف قيادة أميركا للعدوان على غزّة ولبنان:

كشفت أميركا وجهها الحقيقي هذا العام بداية من خطة "ريفييرا غزّة" ثمّ النقض المتكرّر للعدو "الإسرائيلي" لوقف إطلاق النار وبعد زيارة ترامب لـ"الكنيست" والاعتراف بإمداد الكيان بالأسلحة الفتاكة التي دمرت غزّة وإشادته بكفاءة الاستخدام الصهيونية، وبعد خطة ترامب التي فرضها ومضمونها يقضي بتصفية المقاومة والقضية ووضع غزّة تحت الوصاية الأميركية بدعوى مجلس السلام العالمي.

كما شهد العام تنصل أميركا من ضمانات وقف إطلاق النار في لبنان وتوافد المبعوثين الأميركيين للدفع بقوة نحو فتنة نزع السلاح والتعامي عن الانتهاكات "الإسرائيلية" وإعطاء المهلة تلو الأخرى للمقاومة لتسليم سلاحها والحديث علنًا نيابة عن العدوّ الصهيوني.

عام تدجين النظام العربي رسميًّا:

في 14 تشرن الأول/أكتوبر استطاعت أميركا فرض قمة شرم الشيخ لما سمي بـ"السلام" وانتزاع الرضا الجماعي الرسمي العربي بخطة ترامب، وهو صك استسلام جماعي عربي رسمي، وهو ما كشفته وثيقة الأمن القومي الصهيونية عندما أشارت إلى هذه القمة بأنها مسار عربي جماعي نحو (السلام) والتطبيع، وهو ما يحول المنطقة لمنطقة شراكة واستثمار يخفف الأعباء الأميركية ويجعلها تلتفت لأولويات أخرى خارج المنطقة.

عام مصداقية وصمود المقاومة:

بعد النفاق الدولي بعدم تطبيق القانون الدولي، وبعد أن قصف العدوّ "الإسرائيلي" الدوحة واعتدائه على سيادة قطر الحليف الأبرز لأميركا والمستضيف لأكبر قاعدة أميركية، ثبتت رؤية المقاومة أن العالم يخلُو  من القانون ولا يعترف إلا بلغة القوّة وأن أميركا هي القائد الفعلي للعدوان وأن حلفاء أميركا بالمنطقة ليسوا بمأمن من الغدر الصهيوني كما قال سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله.

كما شهد العام صمودًا اسطوريًا للمقاومة أمام الترهيب والضغوط والاستفزازات لنزع سلاحها، وواجهت ذلك بقوة وحكمة ولم تنجر إلى فخ تحويل الصراع إلى صراع داخلي بل وضعته في إطاره كونه عدوانًا على المنطقة وعلى لبنان واحترمت مسؤولية الدولة في التعاطي معه مع وضع الخطوط الحمراء التي لن تتسامح معها المقاومة والثوابت التي لن تتنازل عنها حيث كان وسيظل تفويضها مشروطًا بوقف العدوان.

العنوان الأبرز:

يمكننا أن نصف العام 2025 بأنه عام الإعلان عن الهيمنة الدولية والإقليمية عبر الإذعان، وبالتالي شهد اختبارات عملية لجبهات المقاومة التي أبدت صمودًا وتعطيلًا لمشروع "إسرائيل  الكبرى" وهو أكبر مشروع أميركي "جيوستراتيجي" يخدم مصالحها في الصراع الدولي.

وقد يشهد العام الجديد محاولات أكثر سخونة إلا أنها تخضع لمراجعة الحسابات الأميركية والصهيونية بسبب صلابة المقاومة وجهوزيتها.

الكلمات المفتاحية
مشاركة