اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي بصوتِ القدس: "وفّيت يا سيّد حسن"

نقاط على الحروف

يوم القدس العالمي: مقاومة متجددة في مواجهة الإبادة الجماعية الصهيونية
نقاط على الحروف

يوم القدس العالمي: مقاومة متجددة في مواجهة الإبادة الجماعية الصهيونية

2430

محمد الأيوبي

عندما أعلن الإمام الخميني (قدس) عن يوم القدس العالمي، لم يكن مجرد دعوة رمزية، بل كان إستراتيجية مدروسة لإعادة تعريف الصراع على فلسطين ضمن سياق عالمي، بعيدًا عن محاولات عزل القضية داخل الإطار العربي أو الإسلامي فقط. اليوم، ونحن في عام 2025، بات واضحًا أن هذا اليوم ليس مجرد ذكرى، بل هو تجديد لدينامية المقاومة الشعبية ضد المشروع الصهيوني والإمبريالية الداعمة له.

التواطؤ الغربي وانهيار السردية الصهيونية
لطالما أدى الإعلام الغربي دورًا رئيسيًا في التلاعب بالسرديات، مقدمًا "إسرائيل" كدولة ديمقراطية محاطة بوحوش متعطشة للدماء، إلا أن ما نشهده اليوم هو سقوط مدوٍّ لهذه الأكاذيب. لقد أصبحت جرائم الاحتلال أكثر وحشية، وأقل قدرة على الاختباء خلف الخطاب الممجوج عن “حق الدفاع عن النفس”. عمليات الإبادة في غزة، والمجازر بحق المدنيين، والدعم الأمريكي والغربي المطلق لهذه الجرائم، كلها عوامل أسقطت القناع عن المشروع الصهيوني.

ولكن الأمر لا يتعلق فقط بـ"إسرائيل". إن التغطية الأمريكية لحرب غزة لم تقتصر على التبرير، بل تجاوزته إلى المشاركة الفعلية. الإدارة الأمريكية لم تعد تكتفي بتقديم الأسلحة والمساعدات المالية فحسب، بل انخرطت بشكل مباشر في القتال عبر تزويد الاحتلال بالمعلومات الاستخباراتية، والدفاع عنه دبلوماسيًا، بل وحتى قصف بعض أهداف المقاومة بحجة “حماية قواتها في المنطقة”. هذه الممارسات تجعل من واشنطن شريكًا في جرائم الحرب وليست مجرد داعمٍ سياسي.

وهنا يكمن الانهيار الأخلاقي للغرب، إذ لم يعد قادرًا على إخفاء نفاقه؛ فمن جهة، يدين “العدوان الروسي على أوكرانيا”، ومن جهة أخرى، يمول ويدعم مجازر وحشية بحق الفلسطينيين. لقد بات واضحًا أن “النظام الليبرالي الدولي” ليس سوى واجهة لطغيان إمبريالي يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية.

عملية طوفان الأقصى: تحوّل إستراتيجي وليس مجرد معركة
في هذا السياق، جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتغير قواعد اللعبة. لم تكن هذه العملية مجرد تصعيد عسكري، بل كانت إعلانًا عن سقوط وهم "تفوق إسرائيل العسكري". استطاعت المقاومة، بأسلحة محدودة وإمكانات متواضعة، أن تهز صورة "إسرائيل" كقوة لا تُقهر، مما أدى إلى زعزعة ثقة المجتمع الصهيوني بمؤسساته الأمنية والسياسية.

الأهم من ذلك، أن هذه العملية لم تؤدِّ فقط إلى ضرب العمق الصهيوني، بل كشفت عجز واشنطن عن تحقيق أي انتصار إستراتيجي لحلفائها في المنطقة. فرغم الدعم الأمريكي غير المحدود، لم تستطع "إسرائيل" تحقيق أي إنجاز حقيقي، مما أدى إلى حالة غير مسبوقة من الإحباط داخل "المجتمع الإسرائيلي".

يوم القدس في ظل المعادلة الجديدة
مع تصاعد المقاومة، يأتي يوم القدس هذا العام في لحظة مفصلية، حيث لم تعد القضية الفلسطينية مجرد “مأساة إنسانية” بل محورًا لصراع عالمي بين الشعوب المقهورة والإمبريالية الغربية. في العقود الماضية، كان الغرب يعتمد على تفتيت المقاومة الفلسطينية وعزلها عن حلفائها، لكن ما نراه اليوم هو العكس تمامًا: تحالفات أوسع، وتنسيق أعلى بين قوى المقاومة، وحراك دولي متزايد يرفض النظام الصهيوني.

ناسبة رمزية، بل صار منصة للتعبير عن تحول جذري في موازين القوى. وهو ما يفسر جنون الاحتلال ومحاولاته الحثيثة لقمع أي مظاهر تضامن دولي مع فلسطين، سواء عبر الضغط على الحكومات أو تشريع قوانين قمعية لمنع الاحتجاجات المناصرة للقضية.

التضامن العالمي: ورقة المقاومة الرابحة
لطالما حاولت الدعاية الصهيونية تصوير يوم القدس كمناسبة إيرانية بحتة، متجاهلة أن الحراك الشعبي في هذا اليوم يشمل دولًا إسلامية وغير إسلامية، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا وآسيا. هذه الحقيقة هي التي ترعب الصهاينة وحلفاءهم؛ إذ يدركون أن سقوط "إسرائيل" لن يكون فقط نتيجة مقاومة فلسطينية مسلحة، بل أيضًا نتيجة العزلة الدولية المتزايدة.

اليوم، لم تعد "إسرائيل" قادرة على خداع الرأي العام العالمي كما في السابق. الحركات المناهضة للصهيونية تزداد قوة في الجامعات الغربية، والاحتجاجات تتوسع، والمقاطعة الاقتصادية تزداد فعالية. كل هذا يجعل الاحتلال في موقع دفاعي على عدة جبهات، ويؤكد أن الدعم الغربي ليس كافيًا لإنقاذه من السقوط.
ما بعد يوم القدس: إلى أين تتجه المقاومة؟

إحياء يوم القدس هذا العام ليس مجرد احتفاء بشعارات المقاومة، بل هو جزء من معركة أوسع ضد المشروع الصهيوني. ومع دخول المقاومة مرحلة جديدة من المواجهة، يمكننا توقع المزيد من التحولات في المشهد السياسي والعسكري، خاصة مع تصاعد الدعم الشعبي للمقاومة في العالم الإسلامي، وازدياد عزلة "إسرائيل" على الساحة الدولية.

ما نشهده اليوم هو بداية النهاية لمشروع استعماري استمر لأكثر من سبعة عقود. وكما سقط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تحت وطأة المقاومة والمقاطعة، فإن سقوط "إسرائيل" بات مسألة وقت، وليس احتمالًا بعيدًا.

الكلمات المفتاحية
مشاركة