نقاط على الحروف

عندما يُصبح إعلاميو لبنان مصادر تبني عليها وسائل إعلام العدو، تحتار كيف تصف هؤلاء، لكنّ الأكيد أنهم إمّا "خزمتشية" أو خدم أو متعاونون. هذا ما يبدو عند انتشار الأخبار المتعلّقة بالمقاومة في لبنان في الصحف والمواقع "الاسرائيلية".
بتاريخ 13 نيسان الجاري، نشر الصحافي اللبناني علي حمادة مقطعًا مُصوّرًا له على حسابه على منصة "إكس" بعنوان "تقرير دبلوماسي من الأرجنتين: الحزب باشر ترحيل قادته الميدانيين مع عائلاتهم الى دول أميركا اللاتينية؟"، يُشير فيه الى "فنزويلا وكولومبيا والبرازيل والإكوادور كوُجهات لعائلات 400 قيادي في حزب الله"، ويتابع "هذه العائلات لقيادات ميدانية وليست عُليا، فالقيادات العليا قد تكون موجودة في لبنان أو يمكن ترحيلها لتكون في مأمن في إيران أو العراق، فيما ذهب البعض الى أفريقيا"، وفق ادّعائه.
وكي يُتوّج معلومته المُستندة الى تقرير دبلوماسي في الأرجنتين لم يرد في أيّ من المصادر الأجنبية واللاتينية، يرى أن هذا الإجراء المزمع يُشير الى أن "هؤلاء القياديين لا ينوون العودة الى العمل الأمني وحتى لا يكونوا عرضة لمطاردة "اسرائيلية"، ويأتي في سياق تفكيك سلاح حزب الله".
لاحقًا، نسبت قناة "الحدث" لمصدر دبلوماسي لاتيني قوله بتاريخ 16 نيسان الجاري إن "حزب الله رحّل عائلات 400 قيادي إلى أميركا اللاتينية، وبعضهم اختار اللجوء الى أفريقيا"، تمامًا كما قال حمادة في مقطعه.
على الفور، تلقّفت وسائل إعلام العدو المُختلفة الخبر من صحف ومواقع إخباري على رأسها "معاريف"، "اسرائيل هيوم"، "تايم أوف اسرائيل"، "روتر نت"، "ماكور ريشن"، مولية إيّاه اهتمامًا استثنائيًا، وسمّت قناة "الحدث" بالاسم كمصدر للمعلومة.
وتيرة انتشار الخبر المفبرك بدت سريعة جدًا. وكأنّ "أوركسترا" إخبارية بدأت تعزف اللحن نفسه: "حزب الله يتجه الى تفكيك سلاحه أو تسليمه، وقياداته تغادر لبنان". الهدف تثبيت فكرة لدى من يقرأ أن الخبر جدّي مع اعتماده على مصدر قد يكون مُختلقًا في الأساس، علّه يصدّق الادعاءات والأكاذيب.
بكلّ وقاحة، يُبادر بعض إعلاميو لبنان والخليج الى خدمة العدو إخباريًا. وهنا يُسأل: من يعتمد على من؟ هل "الإسرائيلي" يعتمد على حمادة والحدث مثلًا؟ أم أن حمادة والحدث يعتمدان على الأخبار الواردة من كيان العدو؟ أو ربّما هو توزيع أدوار لخدمة الهدف الأوّل: ضرب بيئة المقاومة بكلّ وسيلة إعلامية كانت.