اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي هاشم لـ"العهد": الجنوبيون يُفشلون محاولات العدو لتحويل الحدود إلى منطقة منزوعة الحياة

نقاط على الحروف

نقاط على الحروف

"الانتخابات" بلهجة عامل.. مقاومة

الجنوبيون لبوا النداء وبصموا للمقاومة... صوتي وفا للدم
60

أكثر من نصف بلدات الجنوب استبقت الاقتراع بالتزكية، ووفّت أمانة الدم بالثقة التامّة بلوائح المقاومة وثقاتها.. أمّا البقية فآثرت أن تسيّل الوفا حبرًا يبصم للمقاومة.. 

دعنا من جدل طبيعة هذه الانتخابات، إنمائية بحتة كانت أما سياسية تقترن بالعمل الإنمائي، فالمشهد الذي رُسم على أرض الجنوب عشية يوم الانتخاب، يقول ما هو أبعد من السياسة والإنماء.. هو مشهد حبّ بحت يعكس موقفًا أخلاقيًا وإنسانيًا مقترنًا بالوفاء وبالوعي، ويصعب أن تترجمه الكلمات.. 

زحمة السير نحو الجنوب، والتي تواصلت إلى ساعة متأخرة من ليل أمس وصباح اليوم السبت، شكّلت وحدها رسالة تحدٍّ واضحة، على الرغم من كلّ الجراح النابضة وهمجية العدوّ الذي سكب ناره في الليلة السابقة على أرض الجنوب، عدوانًا وترهيبًا، عسى أن يكسر عزيمة أهل الجنوب ولهفتهم فينكفئون عن الحضور والتصويت للوائح المقاومة.. 

رسالة أبلغت العدوّ بلغة يفهمها جيّدًا أن والله لا يزيدنا الترهيب إلّا تمسّكًا بالمقاومة، وارتباطًا بها.. أن والله لا نخشى في الوفاء لها قصفًا ولا عدوانا..

اذًا، يجتمع أهل الجنوب على التراب المسقى بدمهم الأعزّ والأطهر، وعلى حبّ المقاومة يحتفون بإعلاء صوتهم تصويتًا وتزكية للوائح ثقات المقاومة في المجالس البلدية والاختيارية في قرى الجنوب وبلداته: لوائح التنمية والوفاء.. 

حضر إلى القرى أبناؤها الذين يقطنون خارجًا، تلاقوا مع الصامدين فيها، ومعًا تكاتفوا لقول كلمة حقّ في محضر العالم المستكبر.. لتأكيد موقف معمّد بالدم وبالصبر وبالبذل الجميل.. الأجواء مشحونة بالوفاء، باللهفة لقول نحن المقاومة، نحن أهلها وأبناؤها، نحن سلاحها والسواتر.. الانتخابات، هنا، تجاوزت كلّ خطاب سياسيّ وكلّ مشاريع الإنماء: الصوت وفاء للدم.. وإن توهّم المرتزقة وردّدت الأبواق المتصهينة أنّ الحرب فضّت الناس عن خيار المقاومة، فلتكن الانتخابات في الجنوب ضوءًا كاشفًا يفضح أوهامهم وهذيانهم.. 

يضجّ الجنوب بأولاده.. جاؤوه بلهفة المشتاقين، بحرقة الفاقدين، بشوق الصابرين.. جاؤوه كي يبرّدوا نار قلوبهم بنسمة من هواه، وكي يحمّلوا نسماته موقفهم الذي إلى آخر الزمان يبقى أن هيهات منّا الذلّة.. يضجّ الجبل العامليّ بنبضاتهم الهاتفة بكلّ ما فيها أن هذه الأرض الصابرة الأبية، والمذخّرة بالدم المرتقي إلى السّما، والمزروعة بحبق من صور الشهداء والفوّاحة بعطر الصبر من البيوت الفاقدة، والمرصّعة بحكايات الصّمود المكتوبة بالركام الذي خلّفه جنون العدوّ، هي أرضهم المقاتلة وأمّهم الأحنّ، وطفلتهم الأطهر.. 

هذه الأرض التي غدت، في ليلة الانتخابات وعشيَة عيد المقاومة والتحرير، محجَة العشاق الجنوبيين، كما كانت في ليال الاشتباك حيث احتدم الموت محجّة العشّاق الترابيين من رجال الله أسياد النزال، تعرف أهلها جيّدا، تحبّهم كما يحبّونها..هذه الأرض التي يبتزّها العالم بعدم السماح بإعادة إعمار بيوتها التي دمّرها العدو ما لم تسلّم، ولن تسلّم، والتي يعرف أهلها جيّدًا أنّ لا شيء في العالم أغلى من الكرامة، فلا يقايضون كرامتهم بأيّ شيء، تبادلهم الاعتزاز نفسه، فيرفض ترابها أن يكون محلّ ابتزاز أو ارتهان أو استسلام.. 

هذه الأرض التي لطالما رفعت إلى أبواب السماء أكفّ الدعاء ودماء الأحبّة وغصّات الفراق؛ وقالت ما رأيت إلّا جميلًا، استقبلت طوال الليل أبناءها الأوفياء، كي تشهد في صباح هذا اليوم توافدهم إلى صناديق سيقترعون فيها وفاء للمقاومة.. وفاء للدم الأوفى..

من هم الناخبون في الجنوب اليوم؟ 

أول الناخبين الشهداء، وكان الدم حبر بصماتهم على الثرى العامليً المقاتل.. في صناديق الشرف أودعوا لوائح اقتراعهم والأسماء كانت: سلاحًا يقاوم، وعزّة تُفتدى وحقًّا منتصرًا، ونصرة المستضعفين، وحريّة... 

يأتي بعدهم الشهداء المنتظرون، والشهداء الأحياء، والجرحى الصابرون، والرجال الرجال الكاظمون للغيظ الملهوفون، وجميعهم قابضون على جمر الصبر وجاهزون في لحظة واحدة أن يعودوا إلى النزال كي يجعلوا عدوّ أرضهم عبرة مرَة جديدة، كي يلقنّوه حقيقة أنّ ما جرى في الخيام وشمع وعيترون قطرة من بحر تمريغ أنفه بتراب الهزيمة.. حين يحين الوقت.. وصبر هؤلاء ليس أبديًا! 

الناخبون في الجنوب هم عوائل الشهداء، وأقارب الشهداء، وجيران الشهداء، ورفاقهم ومعارفهم.. كلّ من في الجنوب اليوم يرتبط بالشهادة.. وواهم من يعتقد أن يقلّل هذا الارتباط من عزيمة أعل عاملة، أو من عزًتهم المتعالية..

اليوم الانتخابي طويل، وكلّ ما ستقوله الصناديق الجنوبية لن يكون إلّا: هنا أرض المقاومة.

الكلمات المفتاحية
مشاركة