مقالات

مؤشرات كثيرة تشي بتغيير في سياسة ترامب الخارجية وخاصة فيما يخص حرب غزة ولبنان، حيث أفادت "القناة 14" "الإسرائيلية" بأنّ مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف والمسؤولة عن "حقيبة لبنان" في إدارة الرئيس دونالد ترامب، ستُغادر منصبها قريبًا. ووصفت القناة هذه الخطوة بأنها "ليست خبرًا جيدًا لـ"إسرائيل""، نظرًا إلى الدور الذي أدّته أورتاغوس في دعم جهود نزع سلاح حزب الله.
في موازاة مغادرة أورتاغوس، كشفت القناة الإسرائيلية عن طرد ميرف سارين، وهي أميركية من أصل "إسرائيلي" كانت تتولى مسؤولية "ملف إيران"، إلى جانب إريك تراجر الذي أشرف على ملفات "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" داخل مجلس الأمن القومي الأميركي. وكان الاثنان يُعدّان من أبرز الداعمين لـ"إسرائيل" في الإدارة الحالية.
واختتمت القناة تقريرها بالقول إأنّ "النتيجة النهائية لموجة التغييرات والمغادرة في البيت الأبيض ليست جيدة لـ"إسرائيل""، في ظل غياب شخصيات كانت تشكل دعائم أساسية للسياسات "الإسرائيلية" في ملفات حساسة، لا سيما لبنان وإيران.
وفي السياق نفسه، نقلت الصحافية الاستقصائية لورا لومر أن أورتاغوس ستغادر منصبها كنائبة للمبعوث ويتكوف، وأنه سيُعلن عن خليفتها هذا الأسبوع، وفق مصادر من البيت الأبيض.
هذه الصلفة التي طبّل وهلّل لها كل مدعي السيادة في لبنان واحتفلوا بها إلى أن وضعوها في مصاف الآلهة وقدسوها لما تتمتع به من وقاحة وانحياز تام للصهاينة، حيث كانت تملي وتأمر وتهدد وتعربد من على منابر الصروح الرسمية اللبنانية ويرى هؤلاء المدعين للسيادة أن تدخلها الصلف هذا بلسمٌ لأحقادهم الدفينة ولأمانيهم المكبوتة، ولأنهم منذ نشأتهم لا يعيشون إلا على التزلف والانبطاح والتبعية.
وبالعودة إلى خبر تنحية المرجانة عن ملف لبنان وعن تغيير سياسة ترامب في منطقتنا، نرى أن هناك خلافات كبيرة بين الإدارة الأميركية ونتنياهو، ليس لأن هذه الإدارة ترى أن إجرام إسرائيل خطيئة، إنما لأن ما يقوم به نتنياهو يتعارض مع مصالح أميركا في عهد ترامب.
هذه العلاقة المتوترة ستصب بالتأكيد في مصلحة شعوب المنطقة لأن بقاء الدعم الأميركي المطلق لـ"إسرائيل" عسكريًا وسياسيًا كان كارثيًا على كافة الصعد، حيث إن "إسرائيل" تفلتت من كل الضوابط وتعربد في كل المنطقة من غزة إلى لبنان إلى سوريا إلى اليمن ولا زالت تسعى لجر أميركا لتوجيه ضربة لقدرات إيران النووية. هذا الموضوع الذي لا زلت أرى فيه إصرارًا "إسرائيليًا" على تنفيذه لأنها تعتبر امتلاك إيران لقدرات نووية، خطرًا إستراتيجيًا وجوديًا عليها .
على صعيد آخر، لاقى اقتراح ويتكوف لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، اعتراضًا ورفضًا محقًا من قبل المقاومة الفلسطينية لناحية عدم تقديم ضمانات لوقف دائم للحرب على غزة.
بكل الأحوال، قلتها سابقًا وأكررها اليوم: لنفترض أنه أُبرِمَ اتفاقٌ لوقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني و"الإسرائيلي" وتم تبادل الأسرى وأدخلت المساعدات إلى قطاع غزة وانسحبت "إسرائيل" منه، ما الذي يمنع نتنياهو وبعد فترة وجيزة أن يعود ويستأنف الحرب على هذا القطاع وأن يقوم بإعادة اعتقال كل من تم إطلاق سراحه، بعذرٍ يخترعه أنه لديه معلومات عن التحضير للقيام بطوفان أقصى جديد مثلًا، وبناءً عليه سينفذ حربًا استباقية، فالجو العالمي ملائم لأن الكل صامتٌ عن جرائم "إسرائيل" ولا أحد يريد محاسبتها. فما الذي يمنعه من ذلك؟
لو كنت أتمتع بنفس مستوى إجرام نتنياهو واستعلائه وفي ظل هذا المجتمع الدولي المتآمر والمتخاذل، لكنت وافقت على كل مطالب المقاومة الفلسطينية واستعدت الأسرى وانسحبت بالكامل من غزة. و بعد أسبوعين أخرج بتقرير مخابراتي أمني عن ورود معلومات مؤكدة أن المقاومة الفلسطينية بصدد تنفيذ عمل إراهابي ستستعمل فيه أسلحة كيميائية جرثومية حصلت عليها من كوكب زحل. ما الذي يمنع من ذلك و العالم كله يدعمها بقصيدة حق الدفاع عن النفس؟
أما بالنسبة لسوريا قلب العروبة فها هو رئيسها الجديد ينادي بالسلام مع "إسرائيل" ويرى أن الخطر على سوريا وعلى "إسرائيل" هو من عدو مشترك وأن التعاون الأمني بين البلدين يحميهما من هذا العدو المشترك.
أصبح لسوريا العروبة أشياء ومصالح مشتركة مع "إسرائيل" وعمى البصيرة يجعل من هذه المقولة أمرًا بديهيًا.
إنه زمن الخذلان والتطبيع مع الصهاينة.