إيران

اهتمّت الصحف الإيرانية، اليوم الاثنين 2 حزيران/يونيو 2025، بالتطورات الجديدة المتعلّقة بالمفاوضات النووية غير المباشرة والمقامرة الأميركية الإعلامية في مسألة التخصيب النووي. كما اهتمت بالشؤون الداخلية الإيرانية وعلامات إعادة إحياء التيار الإصلاحي.
استقالة إيلون ماسك بعد جدال وأزمات
بداية مع صحيفة "رسالت" التي كتبت: "أخيرًا، وكما كان متوقعًا، استقال إيلون ماسك من منصبه بعد انتقاده علنًا لعملية إعداد الميزانية في إدارة ترامب. منذ بداية وجود الرئيس الأميركي الجديد على رأس معادلة القوّة في واشنطن، كان العديد من المحللين الاقتصاديين والسياسيين في الحزب الجمهوري يعتقدون بأن طموحات إيلون ماسك ستواجه عقبات صعبة في طريق التنفيذ. بعض هذه العقبات تتعلق ببنية الحكومة الفيدرالية، في حين أن بعضها الآخر يتعلق بمعايير محدّدة وخطوط حمراء للكونغرس (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) في إصلاح أو تغيير البنية الاقتصادية الأميركية".
بحسب الصحيفة، تأتي الاستقالة بعد مدة مثيرة للجدل، وكانت مدة ولاية إيلون ماسك في البيت الأبيض مليئة بالجدال والأزمات، والتي أثارت أيضًا معارضة العديد من الجمهوريين التقليديين. ومع ذلك، يعتقد ماسك بأن وجود ترامب في البيت الأبيض سيكون أفضل فرصة ممكنة لإجراء إصلاحات جوهرية، في مجال استخدام العملات المشفرة وتغيير الهيكل الإداري للحكومة الفيدرالية، والأهم من ذلك، تغيير قواعد التجارة العالمية القائمة على حروب التعريفات الجمركية.
كما قالت إن: "إيلون ماسك، وهو أغنى رجل في العالم ورئيس مكتب الإنتاجية في إدارة ترامب، يستقيل من إدارة دونالد ترامب بعد مرحلة مليئة بالقرارات والإجراءات المثيرة للجدل. لقد أثرت تصرفات ماسك، خلال هذه المرحلة بشكل مباشر، في حياة مئات الآلاف من موظفي الحكومة الأميركية المسرّحين، كما أثرت بشكل غير مباشر في حياة ملايين آخرين. وقد أدت هذه القضية إلى ابتعاد بعض الناخبين المستقلين عن ترامب، في الأسابيع الأولى من رئاسته"، وأشارت إلى أن "متوسط استطلاعات الرأي التي أجريت في الولايات المتحدة يظهر بوضوح أن شعبية ترامب في الولايات المتحدة وصلت إلى 38%، وجزء كبير من ذلك ينبع من المخاوف الاقتصادية والتجارية التي نشأت في أسواق رأس المال".
ووفقًا للصحيفة، حذر المشاركون، في سوق وول ستريت وكبار المسؤولين في جي بي مورجان تشيس مرارًا وتكرارًا، من أن إيلون ماسك وترامب يتحمّلان مخاطر كبيرة في تنفيذ سياسات التعريفات الجمركية ضدّ الصين والاتحاد الأوروبي، لكنّ الزوجين السياسيين والاقتصاديين، واللذين انفصلا قبل وقت مبكر بكثير من المتوقع، قاوما هذه المطالب.
خلصت الصحيفة إلى أن: "العديد من أعضاء إدارة ترامب كانوا غير سعداء وغاضبين للغاية بشأن وجود ماسك وقوته غير العادية. ويعتقد كبار المسؤولين، في وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، أن إيلون ماسك يهيمن رسميًّا على القرارات الكبرى في مختلف الدوائر الحكومية، وهذه الهيمنة المطلقة تتعارض مع مسؤولياتهم وواجباتهم. كما أن شكواهم الرسمية وغير الرسمية ضدّ ترامب لم تذهب إلى أي مكان؛ لأن الرئيس الأميركي ببساطة لم يقبل خطر مغادرة إيلون ماسك للحكومة. ولكن ترامب لم يعد يرى الآن أي خيار سوى قبول هذا الانفصال المكلف".
تكرار الإحباط عند الإصلاحيين
بدورها، رأت صحيفة "وطن أمروز" أن: "الحركة الإصلاحية، والتي كانت مصحوبة بارتفاعات وانخفاضات في التأييد العام والعزلة وانخفاض النفوذ الاجتماعي، أظهرت الآن علامات الحركة وإعادة التنظيم لتأدية دور متجدد في المجال السياسي في البلاد. وتثير هذه الجهود، والتي تتّخذ شكل نشاط تقوم به شخصيات معروفة من هذا الطيف، تساؤلات جدية عن إمكان إحياء هذه الحركة حقًا، وإصلاح قاعدتها الاجتماعية الهشة، والتغلب على عدم الكفاءة السابقة. ويبدو أن العودة الفعالة والمستدامة لهذه الحركة، من دون مراجعة عميقة وبنيوية لأسسها النظرية وسجلها العملي، لن تكون أكثر من مجرد أمنية متفائلة".
الصحيفة لفتت إلى أنّ: "تحليل الوضع الراهن للإصلاحيين من دون العودة إلى الأحداث الرئيسة المثيرة للجدل التي واجهت البلاد في الماضي، وخاصة في نقاط معينة من حياة الجمهورية الإسلامية، بتحديات أمنية وانقسامات اجتماعية عميقة، سيكون تحليلًا غير كامل. ومن غير الممكن تجاهل حقيقة أن بعض التصرفات والمواقف والإستراتيجيات التي تبناها عدد من هذه الحركة، خلال تلك المرحلة، كانت تعدّ تجاوزًا للأطر والخطوط الحمراء المعمول بها من منظور الأسس التي لا تمسّ بالنظام والأمن الوطني".
ويؤكد العديد من الوثائق والأدلة، بحسب الصحيفة، إلى جانب التحليلات التي أجراها خبراء أمنيون ومسؤولون في النظام، أن المنظمين الرئيسيين لبعض الاضطرابات الاجتماعية سعوا إلى تحقيق أهداف تتجاوز الاحتجاج المدني أو الانتخابي، وسعوا إلى إحداث تغييرات في توازن القوى وهياكل صنع القرار على أعلى مستويات النظام. وكان الهدف النهائي لبعض هذه الحركات ليس فقط تقويض الحكومة القائمة، أيضًا إضعاف الركائز الأساسية للنظام. إن هذه الأحداث التي دفعت إيران إلى حافة أزمات واسعة النطاق، ومهدت الطريق لفرض عقوبات غير مسبوقة على البلاد، أحدثت جراحًا اجتماعية عميقة في المجتمع، وكان شفاؤها الكامل يتطلب مرور الوقت وجهودا شاملة.
كذلك قالت الصحيفة إن: "النقطة الأساسية التي لا مفرّ منها؛ هي أنه خلال الأشهر الطويلة والمتوترة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في العام 2009، وعلى الرغم من الدعوات المتكرّرة من جانب المتعاطفين مع النظام وكبار المسؤولين إلى ترسيم الحدود بوضوح مع توجيه اتهامات كاذبة بالاحتيال ضدّ النظام، فضلًا عن الأعمال المزعزعة للاستقرار والعنف والتخريب التي تقوض الأمن العام، فإن عددًا من الشخصيات المركزية والمؤثرة في حركة الإصلاح التي أدت دورًا نشطًا أو قدمت الدعم المعنوي خلال تلك الاحتجاجات، رفضت بشدة القيام بذلك. ويُنظر إلى هذا الرفض ذي المعنى، من وجهة نظر شريحة كبيرة من المحللين الموالين لمبادئ الثورة الإسلامية والنخب السياسية داخل النظام، على أنه كشف للنوايا الحقيقية والأولويات الخفية في لحظات تاريخية ومصيرية. إن مثل هذه السلوكيات، بصرف النظر عن الدوافع الفردية أو الجماعية، فرضت على البلاد تكاليف مادية ومعنوية باهظة، ولا يمكن الدفاع عنها أو تسويغها بأي شكل من الأشكال من منظور المصالح الوطنية والوحدة الاجتماعية والأمن العام. والآن؛ تسعى الحركة التي سجلت مثل هذا السجل في الذاكرة التاريخية للأمة والنظام إلى تطبيع حضورها والعودة تدريجيا إلى الساحة السياسية الفاعلة. إن هذه المحاولة، من وجهة نظر النقاد والمراقبين السياسيين المتأنين، هي محاولة لتقليص وتشويه المعايير والقيم والقواعد الثورية التي يصرّ النظام الإسلامي على الالتزام بها. وكأن المبادئ الأساسية للثورة الإسلامية من المفترض أن تكون قابلة للتفاوض، أو قابلة للتأويل، أو حتّى في حاجة إلى مراجعة جذرية!".
الإصرار على عدم التخصيب مقامرة فاشلة
أمّا صحيفة "إيران" فقد كتبت: "على الرغم من أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أعلنت موافقتها المبدئية، هي تؤكد أنه مع اتفاق أو من دونه، لن يتوقف التخصيب في إيران لدقيقة واحدة. في الأيام الأخيرة، حذّر وزير الخارجية الإيراني مرارًا وتكرارًا، ردًا عن أسئلة الصحافيين، واستجابةً لمواقف مختلفة اتّخذها مسؤولون أوروبيون وأميركيون بشأن ضرورة أن يكون التخصيب صفرًا في إيران، من أن الإصرار على هذه القضية يعني التحرك في الاتّجاه المعاكس والابتعاد عن نقطة الاتفاق".
وتابعت: "عشية جهود مسقط لتحديد زمان ومكان الجولة السادسة من المحادثات الإيرانية- الأميركية غير المباشرة، وقعت تطوّرات أخرى أيضًا. الأول؛ هو الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وأذرعها الإعلامية لتحذير طهران من هجوم عسكري وشيك. مع أن الخلاف بين ترامب ونتنياهو بشأن إعطاء فرصة للدبلوماسية في قضية إيران واضح، إلا أن وسائل الإعلام الأميركية حاولت، في الأيام الأخيرة، وضع طهران تحت ضغط زمني لقبول مطالب الرئيس الأميركي. ويبدو أن هناك عنصرًا آخر صمّم ويُتابع، في وسائل الإعلام الغربية، للتأثير في عملية صنع القرار الإيراني، وهو الادّعاء بأن الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة أصبح وشيكًا. وهذا ادعاء أطلقه الرئيس الأميركي، مرارًا وتكرارًا، لكن وزير الخارجية الإيراني نفاه في نشر مقال على حسابه في منصة X، قائلًا إن هذه القضية لا تبدو وشيكة".
الصحيفة لفتت إلى أنه: "على الجانب الأميركي، هناك الكثير من علامات عدم الاستقرار، بدءًا من اتّخاذ مواقف متناقضة ومتعرّجة تثير التساؤلات أحيانًا عن البنود التي قبلها الوفد الأميركي خلال المفاوضات، وصولًا إلى فرض عقوبات جديدة في منتصف المفاوضات، وهو ما لا يظهر عدم حسن النية فحسب، بل سيجعل عملية رفع العقوبات أكثر صعوبة وتعقيدًا في حال التوصل إلى اتفاق".
وختمت: "إذا توقف الوفد الأميركي عن الإصرار على عدم تخصيب اليورانيوم في إيران في الجولة السادسة من المفاوضات، فإن عملية المحادثات بين الجانبين قد تكتسب المزيد من الجدية، خاصة وأن الجانب الإيراني أعلن، مرارًا وتكرارًا، أنه سيكون مستعدًا لاتّخاذ خطوات أساسية، وخاصة في مجال التحقق، في ما يتعلق بتفاصيل ومدى التخصيب من أجل توفير الوضوح بشأن برنامجه النووي".