اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي محطات القطارات في كيان العدو تتحوّل الى ملاجئ للمستوطنين

مقالات

الحرب على إيران: صعوبة الحسم العسكري وحدود استخدام القوة
مقالات

الحرب على إيران: صعوبة الحسم العسكري وحدود استخدام القوة

116

يأخذ العدوان الصهيوني على الجمهورية الإسلامية منحى تصاعدياً بتغطية كاملة وتنسيق عضوي مع الإدارة الأميركية، في مسعى لفرض اتفاق إذعان على إيران، في وقت استطاعت الأخيرة استيعاب نتائج الضربة الأولى وبدأت رداً متناسباً وقوياً بضرب أهداف مختارة في عمق كيان العدو. 


ويحيط الكيان أهدافه العدوانية بشيء من الغموض ويغلّفها بشعارات مختلفة؛ فبينما مهّد للهجوم الغادر فجر الجمعة بتصريحات ركزت على مزاعم مكررة بأن إيران على وشك الوصول إلى عتبة إنتاج سلاح نووي، وهي مزاعم لا تسندها أية دلائل من وكالة الطاقة الذرية الدولية التي تشرف على المنشآت النووية الإيرانية، فإنه وسّع لاحقاً دائرة الأهداف بالحديث عن ضرورة القضاء على القدرات الصاروخية الباليستية الإيرانية، وتناول تلميحاً وتصريحاً هدفاً أوسع وهو تغيير النظام في إيران، مروراً باغتيال الإمام السيد علي الخامنئي. 


ولا يحتاج المرء إلى كثير عناء ليستنتج أن الموضوع النووي أو الباليستي هو مجرد ذريعة للانتقام من إيران على وقوفها إلى جانب المقاومة في فلسطين ولبنان ضد الاحتلال الصهيوني. ويريد العدو أن يغتنم فرصته التاريخية الراهنة لكي يقضي على الحاضنة الأساسية للمقاومة في المنطقة. 

 سيناريوهات الحرب


بداية، لا بد من القول، إن ما يجري هو حرب بكل ما للكلمة من معنى تجاوزت مفهوم العملية العسكرية بإطاره الضيق المعروف. ذلك أن العدوان يطاول كامل مساحة الجمهورية الاسلامية تقريباً، ولا يوفر منشآتٍ نوويةً أو عسكريةً أو اقتصاديةً أو مدنيةً أو إعلامية. كما أن الغايات التي ينشدها العدو لا تقف عند حد معين، كما أسلفنا. فضلاً عن أن مسار المواجهة التي فرضها العدوان يمكن أن يجرّ إلى حرب أوسع نطاقاً، في ضوء تلميح الإدارة الأميركية إلى إمكان تدخلها لمساندة العدوان الصهيوني. 


ومن الواضح أن هذه الحرب المفروضة هي عدوان غادر جرى في مرحلة كانت تتم فيها عملية تفاوضية دبلوماسية، بصرف النظر عن ملابسات ما قيل عن خداع وتضليل من الجانب الأميركي. كما أن قصف منشآت نووية إيرانية خاضعة لإشراف وضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمل إجرامي غير مسبوق يمكن أن يفضي إلى كارثة. ولكن إذا عرفنا أن من يقومون بهذا العمل يقودون محرقة حية على الهواء مباشرة في غزة، ويدعمهم من قاموا بأول جريمة نووية في التاريخ خلال الحرب العالمية الثانية، فلن يعود أي شيء مستغرباً. 


لقد أصبح جلياً أن الحرب العدوانية لا يمكن أن تنتهي بمجرد وقف النار، لأن الجانب الصهيوني يقوم بترجمة رؤية توراتية على أرض الواقع سواء بالسيطرة على الأرض في المنطقة أو على الثروات أو على مفاصل القرار فيها.

وعليه، توجد ثلاثة تصورات لنهاية هذه الحرب التي افتتحها العدو:


الأول، استمرار التصعيد العسكري حتى يحقق العدو شيئاً من أهدافه المتعددة، بما يعني كسر إرادة إيران وإضعاف نظامها وبما يمهد الطريق لتغيير من الداخل والخارج معاً. 
الثاني، ممارسة ضغوط إضافية على إيران، تكون غير حاسمة لكنها قد تمنح الأميركي أوراق قوة تفاوضية لإجبار إيران على تقديم تنازلات كبيرة. 
الثالث، تمكُّن الجمهورية الإسلامية من الصمود ورفع كلفة الحرب على العدو بما يدفعه إلى الطلب من الأميركي الإعلان عن وقف النار عبر مجلس الأمن أو بصورة أحادية. 


وإزاء ذلك، من المتوقع أن يندفع كل من طرفي الحرب إلى تكثيف جهوده العسكرية من أجل حمل الطرف الآخر على التراجع وطلب وقف النار تمهيداً لدفع الثمن المطلوب على شكل تنازلات. 


وفي اليوم الرابع على الحرب، طلب العدو التدخل المباشر من الولايات المتحدة تحت عنوان المساعدة في قصف منشأة "فوردو" النووية الواقعة تحت الأرض في محافظة قم، بما يشير إلى أن العدو غير قادر على حسم الحرب عسكرياً، وهو ما بدأ مسؤولون صهاينة يقرّون به، مؤكدين أن الحسم غير ممكن من دون تدخل أميركي مباشر. وليس واضحاً ما إذا كانت الولايات المتحدة ستبادر إلى مثل هذه الخطوة وما يمكن أن تمثله من عودة للغوص في "حروب الشرق الأوسط" التي كان ترامب ينتقدها بشدة. لكن يمكن الافتراض بأن التدخل الأميركي المباشر ممكن في حالتين: حدوث خطر داهم على الكيان الصهيوني بهدف تعديل ميزان القوى، وظهور ضعف في القدرات العسكرية الإيرانية بحيث تأمن القوات الأميركية إلى حدٍ ما من رد فعل إيراني ضدها. 

 

إيران والانتقال إلى الفعل


تمكنت القيادة الإيرانية التي تلقت ضربة قاسية في الساعات الأولى من العدوان، من احتواء نتائجها من خلال تعيين قادة جدد للقوات المسلحة والمبادرة إلى الرد المتدرج، وفرضت على العدو واقعاً أمنياً صعباً من خلال استخدام صواريخ دقيقة وذات قدرات تدميرية عالية، وتجاوز الكثير منها طبقات الدفاع الجوي خارج فلسطين وداخلها. وأدت هذه الضربات إلى تعطيل الحركة الجوية والنشاط الاقتصادي وسيادة شعور عام بعدم الأمن  حتى داخل الملاجئ الحصينة، بعد إصابة أحدها في ضاحية بتاح تكفا شرق "تل أبيب". وأمام إغلاق المطارات، اندفع الكثير من "الإسرائيليين" للسفر عبر زوارق ويخوت بحرية إلى جزيرة قبرص حيث توجد بالفعل منذ سنوات جالية "إسرائيلية" كبيرة آثرت الفرار من حالة عدم اليقين واللاإستقرار في الكيان.


في المقابل، تواجه إيران تحديات أمنية عدة من بينها تحول حدودها إلى خط جبهة مع التهديد الصهيوني وانكشاف أجوائها أمام الطيران المعادي، إضافة إلى وجود خلايا تخريبية زرعها "الموساد" في مدن عدة تقوم بعمليات تشويش على الجهد الدفاعي من خلال استخدام "درونات" ومسيّرات لاستهداف منظومات دفاع جوي أو بعض المراكز والشخصيات، إضافة إلى تقديمها معلومات للعدو. وتم ضبط خلايا عدة في هذا الإطار. 


مع ذلك، لا تزال لدى الجمهورية الإسلامية أوراق قوة تتمثل في خوض الحرب انطلاقاً من عقيدة دفاعية تقوم على التضحية والاستعداد لحرب طويلة واستنزاف العدو الذي كان يأمل تحقيق انتصار سريع يفتح الطريق أمام تغيير النظام. وهي تواجه التحدي بأفق واضح يهدف إلى إنهاء العدوان وإفشال أهدافه المعلنة وغير المعنلة، بما يتيح إقناع الجانب الأميركي بعدم جدوى الخيار العسكري في ليّ ذراع إيران وبضرورة الاعتراف بحقوق إيران القانونية. 

الكلمات المفتاحية
مشاركة