اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي تحوّل الردع في "الشرق الأوسط"... نهاية احتكار القوة وفضيحة النظام الدولي

مقالات

العقل
مقالات

العقل "الإسرائيلي" يستنتسخ تجربة جيش لحد في غزة

72

في ظلِّ واقعٍ مصطنع، لا شيء فيه يحدث عبثًا، حيث البصمات "الإسرائيلية" ظاهرة في كل مكان، وعلى كل شيء، من تجويعٍ وفوضى وانفلاتٍ أمني، تتفتق العقلية الصهيونية المريضة بطبيعتها، والمهووسة بما يُسمى اليوم التالي، وبعد العجز عن اجتراح بدائل ذات وزنٍ عن إدارة "حماس" لقطاع غزة، تفتقت عن تحويل ميليشيا الفوضى وقطع الطريق إلى بديل.

وإن كنت ممن يجيدون التخمين والتنجيم، ستعرف بلا أدنى مجهود، من يموّل ومن يدعم لوجستيًا، بالضبط..إنّها رائدة الميليشيا في الوطن العربي، عقل"الشاباك" وأموال ولوجستيات وسلاح "الجيش الإسرائيلي"، أنتجت عصابة المدعو ياسر أبو شباب.

في صباح السابع من تشرين أول/أكتوبر، كان ياسر أبو شباب نزيل السجن في غزة، بتهمٍ تتعلق بالمخدرات، ومع بدء العدوان، وكالعادة مع كل عدوان تم إخلاء جميع السجون، فكان أبو شباب ممن غادروا السجن، وكانت العادة سابقًا، بعد توقف العدوان أن تتم إعادتهم جميعًا للسجون.

ولم تكن الفوضى منذ بدء العدوان سوى أحد أسلحة العدو، وكان أحد مظاهرها قطع الطريق والسطو على المساعدات بقوة السلاح، وأبو شباب مارس هذا الفعل على رؤوس الأشهاد، وبدا الأمر لبعض الناس أنّه مجرد سرقة، وجرائم جنائية خلفياتها المال لا أكثر، بينما الحقيقة كانت كلها بتوجيهات"إسرائيلية".

ولكن، لم يكن الأمر بحاجة إلى الكثير من الوقت، لاكتشاف ارتباطات أبو شباب بالعدو، وأنّه أحد مظاهر الفوضى والفتنة، وهذا قبل تصريحات ليبرمان، وأنّ العدو يستخدمه لزيادة الأعباء على قوى الأمن في قطاع غزة، في محاولاتها للحفاظ على استقرار الجبهة الداخلية.

ولا تبدو تصريحات ليبرمان التي جاءت في سياق تصويبه على"حكومة" نتنياهو، لغرض التصويب فقط، بل هي جزءٌ من كيّ الوعي أولًا، وجزء من مشروع تعمل عليه"حكومة" العدو ثانيًا، وذلك من خلال استغلال حالة الجوع المستفحلة، لكسر مسلَّمات وطنية، وتطبيع العقل الجمعي-الأمعاء الجمعية في هذه الحالة- مع إمكانية التعامل مع العدو.

أيّ أنّ هذه التصريحات، وإن أدّت لحرق هذا الشخص، فإنها لم تحرق أفعاله، بمعنى سيكون هو سابقة تمهد لأشخاصٍ آخرين، يمارسون الفعل ذاته، ولن يكونوا مثله، ذات خلفية غير مشرفة اجتماعيًا، بل قد يكونوا أشخاصًا من ذوي الحيثيات الوطنية، ولهم سابقات نضالية، يتم تسخيرها لإخراجٍ أفضل وأليَق.

وقد بدأت بوادر هذا المخطط، حيث انتشرت هذه التجربة في أكثر من محافظة، وهي تعتمد بالأساس على شدة الجوع، على قاعدة"البطون الخاوية لا تفكر"، فالجوع يفتك بالناس بأشدّ ما تفتك الصواريخ والقنابل، ولا يملك قياديٌ أو نخبويٌ أن يحاضر في الناس عن تحمل الجوع، إذا كان في التعامل مع هذه الميليشيا ما يسدّ الرمق، خصوصًا إذا اقتصر التعامل وانحسر في هذه العلاقة.

قد يكون"العقل" المخطط ينطلق من بعض نجاحاتٍ لبعض تجاربٍ سابقة، مارستها في ليبيا والسودان واليمن، مثل حميدتي أو هاني بن بريك مثلًا، ويريد إسقاط هذه التجارب على واقع غزة المختلف جدًا، فالعقل"الإسرائيلي" ينطلق من مأزق وجودي، وحالة من الإفلاس الإستراتيجي، إذ لا خطة عملية لما يُعرف باليوم التالي في غزة.

ومعضلة هذه الميليشيات، أنّها لا تستطيع أن تكون بديلًا في حالة وقف العدوان، إذ سيكون أمامها ساعاتٍ معدودة فقط للهروب، إلا إذا كان العدو يخطط للبقاء في قطاع غزة واحتلاله كليًا، فتكون هذه الميليشيات ساعتئذٍ واجهته، على غرار جيش لحد في جنوب لبنان، بكل ما يعني ذلك من مأزق أكثر تفاقمًا للعدو، ومستنقع أكثر استنزافًا.

إنّ غزة في صراعٍ مع الوقت، فكل ساعةٍ تمضي يزداد الجوع تغولًا، والجوع لديه مفاجآت، ولا نعرف متى تدخل غزة عتبة الموت جوعًا بالآلاف، خصوصًا أنّ التواطؤ العربي أصبح علنيًا، وشعار العرب أصبح "موتوا بصمتٍ ولا تزعجونا. سندفع ثمن القنابل التي يقتلكم الكيان بها. وإن كان يريد قتلكم جوعًا فسنحاصركم معه. المهم أن تموتوا بصمت".

لكن الفلسطيني لم يعتد الموت بصمت، فدمه صَخوبٌ ونزْفه جَلود، والأسوأ بالنسبة لكم، أنّه لن يموت، بل سيقتلكم انتظارًا لموته، وستموتون أقزامًا.

المصدر : موقع العهد الإخباري
الكلمات المفتاحية
مشاركة