خاص العهد

ناشطون مغاربة لـ"العهد": خطر التطبيع التربوي كالتطبيع العسكري مع الكيان الصهيوني
الناشطون لـ"العهد": التطبيع التربوي هو أحد أهم المداخل الاستراتيجية التي يراهن عليها العدو الصهيوني لتغيير بُنية الوعي المجتمعي الجمعي
ندّد ناشطون مغاربة، في تصريحات لموقع "العهد"، بالتطبيع التربوي والأكاديمي مع الكيان الصهيوني، والذي يشهد مستويات غير مسبوقة في المغرب، في ظل تَعنُّت حكومة البلاد التي وقعّت اتفاقية التطبيع المشؤومة مع الكيان في عام 2020، وعدم اكتراثها لصرخة الشارع المغربي الرافض لكل أشكال التطبيع. وأكّد الناشطون أنّ التطبيع التربوي لا يقلّ خطرًا عن التطبيع العسكري مع الكيان الصهيوني.
جاء ذلك خلال زيارة إلى مقر "الأكاديمية الجِهَوية للتربية الوطنية" في مدينة الدار البيضاء، قام بها وفد من "الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع" يضم الفاطمي المروني، العضو في السكرتارية الوطنية للجبهة، عبد المجيد الراضي منّسق الفرع المحلي للجبهة في الدار البيضاء، سعيد مولاي التاج العضو في لجنة مناهضة التطبيع التربوي، وممثّلي مكاتب هيئات نقابية في المدينة؛ وذلك لإبلاغ رسالة الاحتجاج والإدانة من الجبهة إثر حذف مقترح لامتحان المستوى السادس يتناول موضوع معاناة اللاجئين الفلسطينيين. وتزامنت هذه الخطوة مع حراك شعبي متواصل على مختلف الأصعدة لإسقاط التطبيع.
التاج: نفضح التطبيع التربوي ومشاريع الهيمنة
وقال التاج لـ"العهد": إنّ "التعليم المطبِّع يخدم مشاريع الهيمنة التوسعية الاستعمارية"، مضيفًا: "نحن في "الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع"، خاصة اللجنة المكلفة بمناهضة التطبيع التربوي، نعتبر أنّ التطبيع التربوي هو أحد أخطر الأشكال لمناهضة التطبيع؛ لأنّه يستهدف عقول ووجدان الناشئة، وهو، كذلك، أحد أهم المداخل الاستراتيجية التي يراهن عليها العدو الصهيوني لتغيير بُنية الوعي الجمعي وإعادة تفكيك المرجعيات الأخلاقية المرتبطة بقضايا الأمة وخاصة القضية الفلسطينية".
وتابع قوله: "نحن على الأقل نعتقد أنّ الكيان الصهيوني، من خلال إصراره على التطبيع مع الأنظمة، يهدف إلى طمس الهوية وكل القيم التي تدعو إلى التحرُّر"، مشدّدًا على أنّ "التطبيع يؤدّي إلى تهميش الرموز الوطنية والمقاومة واستبدالها برموز دخيلة أو محايدة، وكذلك يفرّغ مفهوم النضال الفلسطيني من أجل تحرير الأرض من مضامينه الإنسانية والتحرّرية، ويحوّل قضية الاستعمار إلى نزاع سياسي بلا خلفيات ولا مرجعيات عقائدية وإنسانية وأخلاقية وقِيَمِية، ويروّج لمقولات السلام".
وأشار إلى أنّ "هذا التطبيع التربوي يقوم على مسألة تزييف الوعي وتقديم مجموعة من البرامج تروّج للكيان على أنّه كيان مسالم يدعو إلى التعايش ودولة ديمقراطية ودولة جوار وشريك اقتصادي وسياسي وثقافي، ولا يروّج له كقوة احتلال تحتل الأراضي وتقوم بجرائم إبادة جماعية ضد شعب أعزل بريء".
وأضاف: "كذلك، يتم تشويه الحقائق التاريخية والاحتلال العسكري والحصار وسياسة "الأبارتايد" (الفصل العنصري) ضد غزة، فيقوم التطبيع بتقديم مجموعة من الحقائق أو تشويهها وتعديلها والقبول بها لتصير دولة الاحتلال مقبولة محليًا وإقليميًا" .
ونبّه إلى أنّ "التطبيع التربوي يسعى إلى إنشاء حالٍ من الانفصام الأخلاقي لدى الناشئة"، فـ"التطبيع يُراد به التعايش مع الظلم والإبادة والتجويع والبلطجة، وهذا يصير مع مرور الوقت واقعًا مقبولاً لا مفرّ منه، إذ يستهدف التطبيع التربوي إضعاف روح التضامن والارتباط بقضايا الأمة عمومًا وعلى رأسها القضية الفلسطينية، من خلال تصويرها كقضية شأن داخلي فلسطيني، وهذا من شأنه أنْ يُضعِف الارتباط الوجداني مع القضية الفلسطينية"، وفق التاج.
وتحدّث عن "مجموعة من المبادرات قامت بها لجنة مناهضة التعليم التربوي لمواجهة هذا التطبيع برصد أشخاصه ومؤسّساته وبفضحها على مستوى المجتمع والإعلام والتعليم"، قائلًا: "في اعتقادنا أنّ التطبيع التربوي لا يقلّ خطرًا عن التطبيع العسكري والاقتصادي؛ لأنّه في الأساس يستهدف جبهة وعي الناشئة باعتبارها حاملة المشروع المستقبلي، ويؤدي إلى التمهيد لقبول الاحتلال والتعايش معه، ويُفْقد الأمّة مناعتها المعرفية والدينية والقيمية ضد هذا المشروع الذي يستهدف اختراق الذاكرة وطمسها وفصل الأجيال المقبلة والأنشطة عن هذه القضية".
وقال: "نحن مع الشعب الفلسطيني في مطالبه العادلة وفي مقدّمتها إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف"، متسائلًا: "كيف يُعْقَل أنْ يسكت العالم إزاء ما يحصل من مجازر واستهداف للمسجد الأقصى، في تَعَدٍّ صارخ على مشاعر المسلمين في كل أصقاع العالم"، موجّهًا "تحيةً إلى الشعب الفلسطيني الذي ظلّ صامدًا في معركة طوفان الأقصى المجيدة".
التاج والرياحي: خطوات لمواجهة التطبيع
وأردف التاج قوله: "نحن نقوم بمواجهة التطبيع التربوي على مستويات عدّة: المستوى الأول الرسمي ووزارة التربية الوطنية في المغرب، ونقوم بمقاومة مراجعة المناهج ونُصرُّ على التحصين بالرواية الفلسطينية وعدم تَسرُّب الرواية الصهيونية، ونقوم بتوعية المدرسين والأساتذة ورجال التعليم وتقديم مجموعة من المعطيات الدقيقة حول التطبيع التربوي وطرق مواجهته".
بدوره، أكّد الكاتب العام لـ"الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة" محمد الرياحي لـ"العهد"، أنّ "المغاربة نزلوا إلى الشارع ليعبّروا عن رفضهم للتطبيع مع هذا الكيان المجرم"، مشدّدًا على أنّ "هذا الكيان هو جرثمة للفساد والإفساد في الأرض". وأضاف: "اليوم، الشعب المغربي يعلن عن وقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني ويوجّه تحية للمقاومة الفلسطينية التي رفعت رؤوسنا عاليًا ولقنّت الكيان دروسًا في الصمود والإباء والبطولة".