عربي ودولي

"إسرائيل" أمام خطر تآكل دعم اليمين الأميركي لها
تحوّل في اليمين الأميركي.. دعم "إسرائيل" يهتزّ بعد استهدافها للمسيحيين في الأراضي المقدسة
أشار الكاتب الأميركي أندرو داي Andrew Day إلى أنّ الهجمات "الإسرائيلية" على المسيحيين في الأراضي المقدسة تثير حفيظة الأميركيين المحافظين.
ولفت الكاتب في مقالة نشرت على موقع The American Conservative، إلى أنّ دبابة "إسرائيلية" قصفت الأسبوع الفائت الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزّة، وإلى أنّ مستوطنين في الضفّة الغربية قاموا خلال الأسابيع الأخيرة بتكثيف هجماتهم على المجتمعات المسيحية، حيث ذكر تحديدًا أحداث قرية الطيبة من إشعال السيارات ورفع يافطة حملت عبارة "غير مرحب بكم هنا".
كما أضاف الكاتب، أنّ العديد من المسيحيين الأميركيين لم يعد يقبلون بهذا الوضع، بما في ذلك شخصيات بارزة من معسكر MAGA الذي كان يعرف بأنه محسوب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، محذرًا من أن ذلك إنما يحمل معه خطر خسارة "إسرائيل" قاعدة دعم غربي أساسية.
كذلك أشار الكاتب إلى أنّ عضو الكونغرس السابق مات غيتز Matt Gaetz (وهو جمهوري محسوب على MAGA ومقدم برنامج شهير)، لفت إلى تعرض المسيحيين للمضايقة من "الإسرائيليين"، بما في ذلك تدنيس الأماكن المقدسة. وأشار إلى أنّ صحيفة The Times of Israel تناولت انتقادات أخرى وجهها Gaetz إلى "إسرائيل"، حيث اعتبرت الصحيفة أنّ الانتقادات إنما هي مؤشر على تحول في الرأي العام اليميني في الولايات المتحدة حيال ممارسات "إسرائيل" بحق الفلسطينيين.
ولفت إلى أنّ السفير الأميركي لدى "إسرائيل" مايك هاكابي Mike Huckabee انتقد بشدة الإساءات "الإسرائيلية" بحق الفلسطينيين، حيث أشار إلى أنّ الأخير زار الطيبة بعد الاعتداءات التي نفذها المستوطنون هناك، والتقى مع كبار الأهالي الذين أخبروه عن تعرض كنيسة قديمة هناك لمحاولة إحراق. كما قال إنّ السفير كأنه أخذ بما قيل له في هذا السياق، إذ غرد على موقع X أن تدنيس كنيسة أو مسجد أو كنيس هو "جريمة ضدّ الإنسانية وضد الله".
كذلك تابع الكاتب، أنّ السفير لم يصب غضبه على المستوطنين "الإسرائيليين" فحسب، بل أيضًا على المسؤولين "الإسرائيليين". ولفت إلى أنّ Huckabee حذّر في رسالة إلى وزير الداخلية "الإسرائيلي" من القيام بإجراءات بالمثل بحق "الإسرائيليين" الذين يسافرون إلى أميركا، وذلك بعد رفض "إسرائيل" منح تأشيرات الفيزا للبعثات الإنجيلية.
غير أنّ الكاتب أردف، أنّ "إسرائيل" لا تستطيع ان تتحمل خسارة السفير، حيث جرى حل الخلاف حول تأشيرات الفيزا بسرعة، ما يعني أن المسيحيين الأميركيين يستطيعون استئناف رحلاتهم إلى الأراضي المقدسة. وأشار إلى ما كشفته صحيفة "هآرتس" عن أنّ وزارة الخارجية "الإسرائيلية" ستمول رحلة إلى "إسرائيل" للشخصيات المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي المحسوبة على معسكر MAGA والتيارات المحافظة المحسوبة على معسكر أميركا أولًا.
كما تابع الكاتب أنه ليس بالأمر المفاجئ أن ترى الحكومة "الإسرائيلية" أنّ هناك حاجة متزايدة لإطلاق حملة تأثير جديدة. ولفت إلى أنّ أصواتًا مؤيدة لـ"إسرائيل" مثل جوناثان جرينبلات Jonathan Greenblatt من رابطة مكافحة التشهير، يعبرون عن قلقهم إزاء التراجع الكبير في دعم "إسرائيل" حول العالم، بما في ذلك في أميركا نفسها. كذلك لفت إلى أنّ هدف المبادرة الجديدة وفق "هآرتس"، هو تشجيع الشخصيات المؤثرة من MAGA على نشر رسالة تصطف مع سياسة الحكومة "الإسرائيلية".
وقال الكاتب، إنّ إستراتيجية العلاقات العامة هذه ليست جديدة، وأن "إسرائيل" طالما سعت إلى كسب تأييد الأميركيين المسيحيين المحافظين، حيث نظمت رحلات إلى أماكن مقدسة معروفة. كما أضاف أنّ الحكومة "الإسرائيلية" ومنذ عهد مناحيم بيغن تنظر إلى الأميركيين الإنجيليين على أنّهم مكسب إستراتيجي وتسعى إلى الحفاظ على تأييدهم. كذلك أردف بأن مجموعات الضغط المؤيدة لـ"إسرائيل" في الولايات المتحدة اتبعت التوجّه ذاته، حيث أقامت علاقات مع قادة إنجيليين.
هذا؛ وقال الكاتب إنّ مساعي "إسرائيل" في هذا الإطار نجحت تاريخيًا، حيث أسهمت في جعل الإنجيليين وربما الأميركيين المحافظين عمومًا أكبر داعمي "إسرائيل" في الغرب من غير اليهود، نبه في الوقت نفسه من أنّ "الهاسبارا" "الإسرائيلية"، والتي تعني الدبلوماسية الهادفة إلى تلميع الصورة في الخارج، نبه من أنّ هذه السياسة ربما تفقد قوتها.
كما لفت الكاتب إلى استطلاع أجراه باحثون في جامعة Northeastern العام الفائت كشف أنّ هناك فجوة كبيرة بين الأجيال على صعيد الدعم الشعبي الأميركي لـ"إسرائيل". كذلك أشار إلى استطلاع أجرته مؤسسة بيو في نيسان/إبريل الماضي وجد أنّ هناك غالبية قليلة من الأميركيين يحملون موقف غير إيجابي حيال "إسرائيل"، حيث تبين أنّ من هم دون خمسين عامًا هم أقل دعمًا بكثير، مقارنة مع الأجيال السابقة. ونبّه إلى ما نشرته صحيفة واشنطن بوست خلال ولاية ترامب الأولى عن أنّ الجمهوريين الأصغر سنًا وبمن فيهم الإنجيليين ينظرون بعين الحذر إلى "إسرائيل" أكثر من الأجيال السابقة.
كذلك أشار الكاتب إلى خطاب ألقاه مقدم البرامج المعروف تاكر كارلسون Tucker Carlson أمام حشد من الشباب من المحافظين المسيحيين، وقد قوبل بالتصفيق الحار بعد ما قال Carlson إن المدعو جيفري إبستينJeffrey Epstein كان يعمل لصالح "إسرائيل".
هذا، وأردف الكاتب أن الانتقادات الحادة من Huckabee وأيضًا من مبعوث ترامب الخاص إلى سورية توم براك لـ"إسرائيل" إنما تفيد بأن ردّ الفعل لم يأتِ فقط من الشخصيات المؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي. وحذر من أنّ "إسرائيل" امام وضع مروع سببه بشكل أساس هو رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو، وذلك فيما تظهر الفجوات داخل اليمين الأميركي حيال الإساءات "الإسرائيلية" بحق المسيحيين.
وأشار الكاتب أيضًا، إلى أنّ نتنياهو ومنذ حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما تعامل مع تزايد حالة الاستقطاب في أميركا من خلال الاصطفاف مع الحزب الجمهوري، وإلى أنّ العديد من "الإسرائيليين" انتقدوا هذا الأسلوب على أساس انه أغضب الديمقراطيين. كما حذّر من أنّ "إسرائيل" قد تجد نفسها بلا أصدقاء على المسرح الدولي خلال الأعوام والعقود القادمة، وذلك فيما يصعد قادة أصغر سنًا من MAGA ليحلوا مكان الجمهوريين التقليديين. كذلك تابع أنّه وفيما لو حصل ذلك، سيعتبر "الإسرائيليون" أن نتنياهو لم يكن "سيد الأمن" (Mr Security) كما كان يلقب، بل إنه رئيس الوزراء الذي أدخل "إسرائيل" في مأزق جيوسياسي خطير.