اهلا وسهلا...
موقع العهد الاخباري

كانت البداية في 18 حزيران/ يونيو 1984 في جريدة اسبوعية باسم العهد، ومن ثم في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 1999 أطلقت النسخة الاولى من جريدة العهد على الانترنت إلى ان أصبحت اليوم موقعاً إخبارياً يومياً سياسياً شاملاً

للتواصل: [email protected]
00961555712

المقال التالي الرياض تقود التهويل ضدّ المقاومة: هل يكرّر جنبلاط خطأ 5 أيار مجدّدًا؟

مقالات مختارة

الشرع ونتنياهو يلتقيان في لبنان؟
مقالات مختارة

الشرع ونتنياهو يلتقيان في لبنان؟

104

نبيه البرجي - صحيفة الديار

غريب أن تتفوق الشاشات والصحف المحلية على الشاشات والصحف الأميركية و"الإسرائيلية" في عدائها لحزب الله، ولما يدعى "البيئة الحاضنة"، دون أي اعتبار حتّى للمفهوم الكلاسيكي ـ لا العاطفي ـ للوطن وللمواطنة. هنا الدعوة للجثو بين يدي بنيامين نتنياهو، وهناك الدعوة للجثو بين يدي أحمد الشرع. هكذا الاختيار بين جهنم وجهنم..

الاثنان، وكما قيل لنا، يلتقيان على الأرض اللبنانية. لكأن العلة الأساسية ليست في الذين تعاقبوا على السلطة، ودون أن تقوم غالبيتهم باقامة الأسوار حول الدولة، من خلال بلورة معايير فلسفية خلاقة للتفاعل بين الطوائف، لا تكريس الفديرالية غير المعلنة ان بالميثاق الوطني، أو بوثيقة الطائف، لنكون أمام دولة طوائفية، مثلما فتحت أبواب الجنوب لياسر عرفات (وما أدراك ما ياسر عرفات) أو لأرييل شارون (وما أدراك ما آرييل شارون). تفتحه لأي نوع آخر من الغزاة. لا دولة للتاريخ، ولا دولة للحياة.

لم نكن أمام غياب الدولة فقط، بل أمام غيبوبة الدولة. الدولة ـ المغارة التي أثارت ذهول خبراء صندوق النقد الدولي بكمية الفساد التي تتكدس، حتّى في وجوه أركان المنظومة الحاكمة. الفذ الذي نفتقده، مثلما نفتقد أرواحنا، زياد الرحباني سأل "هاي بلد؟ لا مش بلد.. هاي أورطة عالم مجموعين.. لا مضروبين.. لا مقسومين.. قوم فوت نام وصير حلام"..

في ظل الأكاذيب التي نعيشها الآن، هل حقًا أن دونالد ترامب، بالقدم التي في "وول ستريت"، وبالقدم الأخرى التي في لاس فيغاس، معني بقيام دولة لبنانية ذات سيادة (وأي سيادة على امتداد الكرة الأرضية بوجود الاله الأميركي). دولة تقوم على الشفافية، وعلى الحوكمة، وعلى نظافة اليد، وهو الحامي للدول الأكثر توتاليتارية والأكثر فسادًا في العالم؟ يريد في لبنان الدولة ما تريده "إسرائيل". الدولة ـ الجثة التي تدور كما غيرها من الدول العربية حول الهيكل.

لا بأس أن يصل بنا ترامب إلى أبواب جهنم، وقد دفعتنا إلى ذلك الطبقة السياسية، ولا نزال هناك. ماذا يمكن أن يتغير؟ ها أن الرئيس الأميركي يرفع صولجان "يهوه" الذي ـ ونكرّر ـ كان يرشق من كهفه السابلة بالحجارة، كما تقول الميثولوجيا العبرية.. الآن بدل الحجارة القنابل. لبنان ليس وحده الدولة ـ الجثة. سورية أيضًا، مهما حاول رجب طيب أردوغان المضي في تلك "الصفقة السوداء"، بشق الطريق، الطريق المستحيل، بين دمشق (يا لبهاء دمشق! ) وأورشليم.

ليس غريبًا ولا مستغربًا في هذا المناخ الطوائفي المروع، أن يلتقي الشرع وفصائله، ونتنياهو وجحافله، على هدف واحد: تصفية حزب الله، بالتنسيق العملاني بين من يحملون السواطير ومن يمتطون القاذفات. في كلّ الأحوال، أيها الرئيس الشرع، لا نستطيع أن ننظر إلى السوريين، لا إلى الأيغور والأوزبك والشيشان، الا الأشقاء في الدم وفي الروح وفي القلب، كما في التاريخ. كم تظاهرنا، وكم حلمنا أن يكون لبنان وسورية، بل وكلّ  الدول العربية، دولة واحدة، تعرف كيف تدخل في ثقافة القرن، لا أن نبقى الدمى بين لعبة الأمم ولعبة القبائل. ولكن ليس بذلك النوع من الإسلام الذي يترعرع بين الكهوف وفي الأقبية، وبتلك التكشيرة الايديولوجية المجنونة.

لكننا ندرك، والكل يدرك ذلك، ما وضع الرئيس السوري، وأي نوع من الأيدي الغليظة تمسك بكتفيه، وتحدد خطواته داخل القصر أو خارجه. ونعلم ما وضع السوريين حين يكونون في قبضة تلك الفصائل التي قطعت رأس أبي العلاء المعري، وكادت تهدم مقام محيي الدين بن عربي. 

"إسرائيل"، أيها الرئيس الشرع، لن تقبل بسورية المؤثرة، ان بالدور الجيوسياسي أو بالدور الجيوستراتيجي، وهو الدور التاريخي، وحتّى بالدولة الصناعية بعدما توقعت "الفايننشال تايمز" أن تغدو "نمر الغرب الآسيوي"، على شاكلة نمور الشرق الآسيوي. لكن الضربة الأميركية ـ "الإسرائيلية"، وباليد التركية، جاءت على الرأس، دون أن يعني ذلك رفض التغيير، بعدما بلغت الهلهلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ذروتها، بوجود لوردات الفساد،، وبأجهزة الاستخبارات الرثة البعيدة كليًا عن مهمتها في حماية الأمن القومي للبلاد. ما كان يجمعنا بالنظام موقفه من "إسرائيل"، وهو من دفع ثمن ذلك طائرة روسية أقلته من قصر الشعب في دمشق إلى المنفى في موسكو.

الآن رجل آخر في القصر وبمهمة مختلفة، أن يوقع صك الاستسلام، ليبقى بربطات العنق الزاهية وبالأطباق الفاخرة على رأس السلطة. وإذا كان البعض، بمن فيهم ديبلوماسيون أميركيون، يوحون له بوضع اليد على لبنان من خلال التنسيق بين حملة السواطير وحملة القنابل، عليه أن يعلم أن سورية مثل لبنان، ستكون في القبضة "الإسرائيلية"، بعدما بدا واضحًا كيف أن ترامب أطلق العنان لنتنياهو، ليمضي في جنونه إلى تغيير الشرق الأوسط، تبعًا لما أوضحه السفير الأميركي في "إسرائيل" مايكل هاكابي بـ"أبعاد توراتية".

هل المشكلة في جنون رئيس الحكومة "الإسرائيلية" فقط؟ أم في في بعض الرؤوس اللبنانية التي تذهب في رهانها على ازالة حزب الله بدفع خارجي معروف، إلى الحد الذي يفضي تلقائيًا إلى زوال لبنان؟

نعلم أن الغيوم السوداء تحيط بنا من كلّ حدب وصوب. لكن التهويل والتهديد بالمغول الجدد، لن يؤثر في الحزب، الذي يدرك تمامًا ما تداعيات أي خطوة إلى الوراء...

الكلمات المفتاحية
مشاركة